قدم الأمين العام للأمم المتحدة، مطلع الأسبوع تقريره حول نزاع الصحراء الغربية إلى مجلس الأمن، عقب جولتين من المباحثات التي قادها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، هورست كوهلر، وجمعت كلا من المغرب وجبهة البوليساريو، بحضور الجزائر وموريتانيا.
النزاع المعقد الذي لا يزال مستمرا منذ أكثر من 40 سنة، شهد فشلا لعدد من الوساطات التي قادتها الأمم المتحدة، بالرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه خلال سنة 1991، وجولات المفاوضات والمقترحات التي تقدمت بها الأمم المتحدة.
وفي ظل تمسك كل طرف بموقفه، سواء بمقترح المغرب منح الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء الغربية، ومطالبة جبهة البوليساريو بتنظيم استفتاء تقرير المصير، بقيت عملية التسوية جامدة.
غوتيريش: حل ممكن
وطالب غوتيريش بتمديد بقاء بعثة الأمم المتحدة "المينورسو" في الصحراء، كما قال إنه "من الممكن إيجاد حل للنزاع".
إيجاد حل للنزاع، يتطلب بحسب الأمين العام للأمم المتحدة، "إرادة سياسيّة قوية، ليس من الأحزاب والدول المجاورة فحسب، بل أيضا من المجتمع الدولي"، مشددا على أن "المشكلة الأساسية" في البحث عن حلّ هي "انعدام الثقة لدى جميع الفرقاء".
في المقابل، فإن غوتيريش، شدد على أن "بناء الثقة يتطلب الوقت وتشجيع مبادرات حسن النية"، منوها في الوقت ذاته، بتدمير البوليساريو لمخزوناتها من الألغام الأرضية، واعتبرها "خطوة تستحق الثناء من أجل بناء الثقة".
تطورات إقليمية
وتوقع رئيس مركز الجنوب للدراسات والأبحاث بالمغرب، خطري الشرقي، أن يقوم "مجلس الأمن بتثمين ما جاء في المباحثات التي عقدت بين أطراف النزاع، بالإضافة إلى الخطوط العريضة للجولة الثالثة من أجل حلحلة الوضع القائم"، مشيرا إلى أن "الأمم المتحدة ومبعوثها يحاولان خلال هذه المرحلة تجاوز مختلف العراقيل التي عرفها الملف منذ مفاوضات مانهاست".
وقال الشرقي في حديث لـ"أصوات مغاربية"، إن "المغرب قدم مبادرة الحكم الذاتي، ويعتبرها مدخلا أساسيا لإيجاد حل لهذا النزاع، خصوصا في ظل ما يجري على الصعيد الإقليمي والدولي، في حين أن هناك حسا إيجابيا خلال المرحلة الحالية على نقيض ما كان سائدا خلال فترة بان كيمون".
وتابع الشرقي القول إن "جبهة البوليساريو ترى أن هذا الحل لا يلائمها، ولكن السياقات المرتبطة بالجزائر كداعم رسمي للجبهة، ووضعها الداخلي، ووضع منطقة الساحل والصحراء، تؤكد على أن عددا من الخيارات تظل قائمة بمعزل عنها".
المتحدث ذاته، أكد على أن "حسابات الجبهة مرتهنة بحكام قصر المرادية، لكن موقفها خلال المرحلة الحالية هو للاستهلاك الداخلي، خاصة مع تزايد الأصوات التي تدعو وتندد بسياسات التسويق التي تنهجها الأمانة العامة وقيادة الجبهة خلال 40 سنة".
واعتبر رئيس مركز الجنوب للدراسات والأبحاث بالمغرب، أن "جبهة البوليساريو تعيش على ضوء الإخفاقات، سواء في الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى القمة الداعمة لها والتي حضرتها فقط 9 دول في جنوب أفريقيا، في حين حضر لقمة مراكش 37 دولة".
بين الحكم الذاتي والاستفتاء!
من جانبه اعتبر ممثل جبهة البوليساريو في فرنسا، بشير بوشرايا، أن "هناك نافذة من حجم معين للوصول لتسوية سلمية للصحراء على أساس قرار مجلس الأمن الأخير المتعلق بدعوته للمفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة، وتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير".
وأشار بوشرايا في حديث لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن "قرار مجلس الأمن الأخير وكذا القرار الذي سبقه، أحدث دينامية بعد تقليص مجلس الأمن لولاية المينورسو، وأرسل مجلس الأمن رسالة قوية بأن التمديد لن يكون تلقائيا بعد الآن، وبالتالي فإن الأطراف مطالبة بإيجاد حل".
ويحمل المتحدث ذاته، المغرب مسؤولية عدم تقدم العملية السياسية لحل النزاع، ويقول "من خلال المواقف التي عبرت عنها المملكة المغربية، فيبدو أنها تريد أن يستمر الواقع كما هو عليه، في حين أن قراري مجلس الأمن الأخيرين، أجبرا المغرب على الجلوس على طاولة المفاوضات بعد أن رفض ذلك منذ سنة 2012، كما أنه من خلال تصريحات وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بعد الجولة الأخيرة، يبدو أن المغرب يريد ان يستمر الوضع"، وفق تعبيره.
وكان بوريطة قد شدد بعد نهاية جولة المحادثات الأخيرة في جنيف على أن بلاده "على استعداد لبحث حكم ذاتي، لكنها تحت أي ظرف لن تقبل استفتاء يكون أحد خياراته الاستقلال".
وتعليقا على تصريحات وزير الخارجية المغربي، قال بشير بوشرايا، إن "بوريطة يقول إن تقرير المصير لا يعني الاستقلال، وهو محق تماما، ولكن عندما يقول إنه لا يعني الاستفتاء، وممكن أن يعني الحكم الذاتي، فهذه مغالطة"، متسائلا "كيف يمكن إعطاء الشعب الصحراوي حقه، ولا تمنح له فرصة للتصويت والاختيار، وتقول له الحكم الذاتي هو الموجود فقط".
وشدد ممثل جبهة البوليساريو في فرنسا على أن "الحكم الذاتي لا يمكن أن يشكل تصورا لحل وسط للنزاع، لأن جوهر النزاع يتعلق بتحديد الوضع النهائي للإقليم ومن سيمتلك السيادة، وهذا يتعلق بالشعب الصحراوي، كما أن المقترح يحل المشكل بشكل مسبق لصالح المغرب".
المصدر: أصوات مغاربية