Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

شعارات رفعها المتظاهرون الداعون لـ'إسقاط النظام' في الجزائر
شعارات رفعها المتظاهرون الداعون لـ'إسقاط النظام' في الجزائر

توعد قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، في أكثر من مناسبة بمتابعة المتورطين في قضايا الفساد ونهب المال العام في الجزائر.

وقال في خطاب ألقاه بداية أبريل بمدينة وهران، "إن العدالة التي استرجعت كافة صلاحيتها ستعمل بكل بحرية ودون قيود على متابعة كل العصابة التي تورطت في قضايا نهب المال العام".

لكن الناشط الحقوقي والمحامي حسن براهيمي، يرى أن الوقت لم يحن بعد من أجل فتح تحقيقات قضائية ضد الفساد في الجزائر، ويدعو في حوار مع "أصوات مغاربية" إلى إرجاء العملية إلى ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

الناشط الحقوقي والمحامي حسن إبراهيمي
الناشط الحقوقي والمحامي حسن إبراهيمي

​​

شرعت مصالح الأمن بالجزائر في فتح ملفات الفساد استجابة لدعوة قائد أركان الجيش، ما تعليقك على ذلك؟

من الناحية الدستورية لا يملك قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح أي صلاحية في أمر السلطات القضائية بالتحقيق في ملفات الفساد، أو إعادة فتح الملفات القديمة التي سبق معالجتها من طرف العدالة.

القضاء سلطة مستقلة ويجب أي يبقى بعيدا عن أي توجيهات أو تعليمات تأتيه من طرف السلطات الأخرى، كما يجب ألا يخضع القضاة إلا لضمائرهم وللمجلس الأعلى للقضاء.

ليس لقايد صالح أي صلاحية في أمر السلطات القضائية بالتحقيق في ملفات الفساد

​​

مشكلة العدالة الجزائرية مع ملفات الفساد تكمن في ممارسات النظام السياسي السابق الذي منح العديد من رجال الأعمال شبه حصانة قانونية بغير وجه حق، وهو ما أدى إلى كبح نشاط القضاء في معالجة ملفات الفساد بالشكل القانوني الصحيح.

لم يكن بوسع القضاة خلال هذه المرحلة مساءلة هؤلاء، لأن ذلك كان يعني المعاقبة أو النفي من خلال تحويل أي قاض يقوم بواجبه المهني إلى محاكم في مناطق نائية.

في اعتقادي أن قائد أركان الجيش يحاول بعث رسالة مفادها أنه لا يوجد أي شخص معصوم وأن الجميع معرضون للمتابعة القضائية.

نفهم من كلامك أن القضاة يتحملون جزءا من المسؤولية في انتشار الفساد بالجزائر؟

لا الأمر ليس كذلك، لأن مسؤولية مكافحة الفساد لا تقع على السلطة القضائية لوحدها، بل تشترك فيها مصالح وأجهزة أخرى.

أنا هنا اتحدث عن دور الضابطة القضائية والمصالح الأمنية التي كانت تتولى التحقيق في جميع قضايا الفساد التي عرفتها الجزائر.

أرفض تحميل المسؤولية للقضاة لوحدهم

​​

ففي الأصل يكون حكم القاضي مؤسسا على نوعية التحقيقات التي تقوم بها هذه المصالح، وغالبا ما تكون هذه التحقيقات سطحية و لاتصل إلى صلب الموضوع، أو أنها تتوقف عند مستوى معين.

أرفض أن أحمل القضاة المسؤولية لوحدهم فهذا غير حقيقي ومخالف للواقع الجزائري.

جهات عديدة تتحفظ على الشروع في التحقيقات ضد الفساد في الظرف الراهن، وتقول إن المسألة لا تعد أولوية في الوقت الراهن، هل توافق هذا الرأي؟

أوافق هذا الطرح إلى حد كبير على اعتبار أن الجزائر تمر بوضع استثنائي يتطلب ترتيب الأوليات من أجل الخروج من هذه المرحلة بأقل التكاليف.

أما بالنسبة للتحقيقات القضائية، فمن غير المعقول أن نوقفها ولكن نأمل أن تجري وفق مبادئ قانونية عادلة بعيدة عن ثقافة الانتقام وتصفية الحسابات السياسية أو التي تبنى على خلفيات إيديولوجية معينة.

أرجو أن تجري التحقيقات القضائية وفق مبادئ قانونية عادلة بعيدة عن ثقافة الانتقام

​​

سبق للجزائر أن عاشت تجارب مشابهة، مثل حملة الأيادي النظيفة التي أمر بها الوزير الأول السابق أحمد أويحيى سنوات التسعينات والتي تبين فيما بعد أنها كانت مبنية على حسابات سياسية معينة، وتسببت في مآسي اجتماعية بالجملة، ناهيك عن تأثيرها المباشر على سمعة العدالة.

هناك أيضا بعد آخر يجعلنا نتحفظ على حملة التحقيقات الجارية، يتعلق بضعف بعض النصوص القانونية الحالية وعدم مسايرتها للمرحلة.

تخيل مثلا أن بعض المواد القانونية الخاصة بمكافحة الفساد لا تسمح بالشروع في التحقيق إلا بعد تقديم شكوى واضحة من الجهة المتضررة من الفساد. فهل الأمر سيحصل لو وقع داخل مؤسسات عمومية يكون فيها المتورط الرئيسي هو المدير؟ طبعا الإجابة ستكون قطعا بالنفي، وعليه أعتقد أنه حان الوقت لتغيير مثل هذه النصوص.

معنى ذلك أنه لا جدوى من الحملات المعلنة ضد الفساد؟

ليس بهذا المعنى، لكن ما أريد قوله هو أنه لا يمكن فتح تحقيقات فساد جديدة في هذا الظرف الحساس، فأغلب الأجهزة الأمنية المعنية بذلك مُستقطبة، كما أنها غارقة في الحراك الشعبي وليست متفرغة لهذا الملف في الظرف الراهن.

لا بد من الانتظار حتى يستقر الوضع ويمنح القضاء استقلالية كاملة

​​

لا بد من انتظار استقرار الأمور وإعادة انتخاب رئيس الجمهورية الذي ستحظى قراراته بتزكية شعبية، وحينئذ سنتمكن من مواجهة ظاهرة الفساد المالي بأدوات قانونية شفافة تقوم بالأساس على رفع الحصانة القانونية عن مجموعة من الأشخاص وتعديل القوانين ومنح استقلالية كاملة للقضاة.

 

المصدر: أصوات مغاربية

 

 

مواضيع ذات صلة