يعتزم رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، إطلاق مشاورات مع الأحزاب السياسية والمنظمات، لإرساء ميثاق للأخلاق السياسية.
وتأتي هذه الدعوة في وقت يحذّر فيه مراقبون للشأن التونسي من مخاطر التوتر السياسي والتراشق الإعلامي، قبيل إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية نهاية العام الحالي.
ميثاق سياسي
وأعلن الشاهد أن الهدف من مبادرته هو "تنقية الأجواء في الساحة السياسية من أجل حماية المكسب الديمقراطي للشعب التونسي، دون أي إقصاء لأي كان، فالديمقراطية والإقصاء لا يلتقيان".
وحذر رئيس الحكومة من "الأخبار الزائفة والإشاعات" التي اعتبرها "العدو رقم واحد للبلاد وللديمقراطية، وتهدف لضرب الحكومة ومعنويات التونسيين".
وتعهد رئيس الحكومة التونسية بـ"التصدي للذين يريدون إرجاع البلاد للفوضى والعنف السياسي".
وربط الشاهد، في كلمة ألقاها مساء الأربعاء، "تحسّن الأوضاع في تونس بعدم المواصلة في هذا المناخ المتوتر، حيث الجميع يسبّ الجميع، والجميع يشوّه الجميع".
وشدد على أن "المكسب الديمقراطي يجب أن نكون فخورين به، خاصة عندما نرى ما يحصل في الوضع الإقليمي، الذي نعيشه ".
ورهن رئيس الحكومة نجاح الانتخابات المقبلة وتحسين نسب المشاركة فيها بـ" تحسّن المناخ السياسي".
الدبابي: عراقيل تواجه المبادرة
ويقر محللون سياسيون بأهمية صياغة ميثاق سياسي، غير أنهم يرصدون مجموعة من العراقيل التي ستقف في وجه تنفيذ هذه الفكرة.
وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي المختار الدبابي "أهمية دعوة رئيس الحكومة إلى مدونة سلوك يلتزم بها السياسيون"، غير أنه أشار إلى أن"المشكلة تتمثل في أن مضمون المبادرة فضفاض، إذ لا يمكن تقديم مبادرة تلزم الخصوم السياسيين أن يتكلموا بهدوء وألا يلجأوا إلى الشعبوية وافتعال القصص".
وأوضح في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن هذا الإشكال يتعمق في ظل "تمتع رئيس الحكومة بمساحة أكبر في الإعلام، ما سيمكنه من إدارة حملة انتخابية طويلة المدى وفي ظروف ممتازة له ولحزبه قياسا بخصومه".
أول سياسي مطالب باحترام ميثاق الاخلاق السياسية الذي تحدث عنه هو رئيس الحكومة الذي كال وابلا من السب والشتم لخصومه
— karim wannes (@wanneskarim) 17 avril 2019
ويتساءل الدبابي حول "هوية من سيحدد مضمون المبادرة وسقفها وشروطها، وهل ستستهدف حرية الإعلام والاجتماع؟ وهل سيمنع الأحزاب والخبراء والمتابعين ووسائل الإعلام من استباق خطط الحكومة في زيادة الأسعار."
ويرى المحلل السياسي أنه كان من "الأجدى أن تصدر المبادرة عن جهة محايدة مثل اتحاد الشغل أو عن جهة دستورية وازنة مثل البرلمان، فضلا عن إجراء نقاشات بشأنها وتعديلات إلى أن تصبح ملزمة بدل أن تتحول هذه المدونة إلى سيف تسلطه الحكومة على رقاب خصومها".
الخرايفي: جرس إنذار
في المقابل، يشدد آخرون على أهمية المبادرة الحكومية، في ظل ما يعتبرونه "حملة غير مسبوقة من الشائعات التي تهدف إلى توتير المناخ السياسي قبل الانتخابات".
وفي هذا السياق، قال النائب السابق بالمجلس التأسيسي رابح الخرايفي، إن "الفكرة التي صدرت عن رئاسة الحكومة تأتي في ظل نزول الممارسات اليومية داخل الأحزاب وقبة البرلمان إلى أدنى مستوياتها".
وأوضح الخرايفي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "الساحة السياسية تشهد تدهورا قيميا من خلال انتشار تجارة الثلب والقدح وهتك أعراض الخصوم السياسيين، رغم أنها أفعال مجرمة بحكم القانون".
وضع #ميثاق_للأخلاق_السياسية 🙏زعمه ممكن هذا في ظل ما وصلنا له من #عنف_سياسي؟
— عفاف الغربي (@afefgharbitv) 17 avril 2019
واعتبر النائب السابق أن "دعوة رئيس الحكومة هي جرس إنذار في مواجهة هذا الوضع"، داعيا "المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية إلى التفاعل مع هذه المبادرة وتقديم مقترحات بشأنها".
وفي ما يتعلق بشكل المبادرة ومضمونها، قال الخرايفي إنه "من الضروري صياغة وثيقة تتحول إلى وثيقة مرجعية للفاعلين السياسيين وتحمل صبغة الإلزامية الأخلاقية، وتتضمن بنودا تمنع الثلب والقدح ونشر الأخبار الخاطئة".
المصدر: أصوات مغاربية