Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

عباسي مدني.. من الموالاة إلى العدو رقم 1 للنظام

رحل عباسي مدني، أحد أشهر القيادات الإسلامية في الجزائر في العاصمة القطرية، مخلفا وراءه سجلا قويا من الأحداث، وأسئلة عديدة حول مسؤوليته في الحرب الأهلية التي عرفتها الجزائر سنوات التسعينات.

وإن كان البعض يصفه بأحد المناضلين الأوائل الذين آمنوا بالثورة ضد المستعمر الفرنسي، بانخراطه الباكر في العمل المسلح ضده، فإن أطرافا جزائرية عديدة لا تتردد أيضا في توجيه التهم إليه مباشرة وإلى حزبه، جبهة الإنقاذ، وتحميلهما المسؤولية عن الحرب الأهلية التي عاشتها البلاد سنوات التسعينات وخلفت آلافا من القتلى والجرحى.

من الموالاة إلى المعارضة

عباسي مدني من مواليد سنة 1931 بمدينة سيدي عقبة بولاية بسكرة، شرق جنوب الجزائر.

انتقل مدني بالعاصمة قبل أن يندمج في المنظمة الخاصة التي كانت النواة الأولى لانطلاق العمل المسلح ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر.

ألقي عليه القبض باكرا من قبل قوات الاستعمار، على خلفية عملية مسلحة شهر نوفمبر من سنة 1954، واستهدفت مقر الإذاعة الفرنسية بالجزائر، فظل مسجونا من وقتها إلى غاية إعلان استقلال الجزائر.

سافر بعد ذلك إلى بريطانيا لمواصلة دراسته في تخصص علوم النفس والتربية، قبل أن يعود للتدريس بجامعة الجزائر العاصمة.

عباسي مدني وعلي بلحاج
عباسي مدني وعلي بلحاج

​​​​كان عباسي مدني يمثل وجها للتيار الإسلامي في الحزب الواحد (جبهة التحرير الوطني) وانتخب باسمه عضوا في المجلس الشعبي الولائي للعاصمة، قبل أن ينخرط في العمل الإسلامي ويطلق الحزب.

لعب دورا كبيرا داخل الحركة الإسلامية، وكان أحد أبرز المنظمين للقاء الإسلاميين بجامعة الجزائر، التي أعلنت معارضتها للنظام السياسي وقتها، وهي العملية التي انتهت باعتقال العديد من النشطاء والقيادات في الحركة الإسلامية بالجزائر.

"الفيس".. والمواجهة

مظاهرات 8 أكتوبر 1988 شكلت منعرجا جديدا في حياة عباسي مدني والحركة الإسلامية بالجزائر، إذ استغل الأخير إعلان الانفتاح الديمقراطي وأسس أول حزب إسلامي اختار له اسم "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المعروفة اختصار باسم "الفيس".

تحول عباسي مدني وقتها إلى أشهر شخصية سياسية في الجزائر رفقة نائبه علي بلحاج، نظير الانتشار الكبير لحزبه وسط أطياف مختلفة من المجتمع، وتمكن من حصد أغلبية الأصوات خلال الانتخابات المحلية التي نظمت بالبلاد وقتها.

مدني بين أنصاره (1999)
مدني بين أنصاره (1999)

​​​وصال عباسي مدني نديته ومعارضته الراديكالية لنظام الرئيس الشاذلي بن جديد، ودعا في شهر يونيو 1991 إلى إضراب مفتوح بغرض الضغط على السلطات وإجبارها على تنظيم انتخابات تشريعية مستعجلة.

وتسبب ذلك في حدوث العديد من المواجهات الدامية بين أنصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ ومصالح الأمن في العاصمة وبعض ولايات الجزائر.

أياما قلائل بعد ذلك، أعلنت السلطات الجزائرية حالة الطوارئ في البلاد، كما أوقفت عباسي مدني ونائبه علي بلحاج وقيادات أخرى في الجبهة الإسلامية للإنقاذ.

ورغم ذلك، تمكن حزبه من الفوز في الانتخابات التشريعية التي نظمت أواخر سنة 1991، قبل أن يتم إلغاؤها وتوقيف المسار الانتخابي برمته.

عُرض عباسي مدني وبعض مرافقيه على المحكمة العسكرية سنة 1992 بتهمة التآمر على الأمن العام وصدر في حقه حكم بالسجن 12 عاما.

كما تقرر أيضا حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ، واعتقال العديد من أنصارها.

وشهدت الجزائر بعد ذلك عمليات مسلحة استهدفت رجال الأمن والعديد من رموز النظام السياسي في الجزائر.

وربط تحقيقات قامت بها مصالح الأمن عددا من هذه العلميات بجماعات مشكلة من أتباع وأنصار حزب "الفيس"، كما هو الأمر بالنسبة لما كان يعرف وقتها بـ"الجيش الإسلامي للإنقاذ".

من السجن إلى قطر

ظل عباسي مدني قابعا في السجن إلى غاية سنة 1997، إذ تم وضعه تحت الإقامة الجبرية لأسباب صحية، ومكث بها حتى أطلق سراحه في سنة 2002 مع منعه من مزاولة أي نشاط سياسي.

مدني رفقة أنصاره (1997)
مدني رفقة أنصاره (1997)

​​قرر في سنة 2003 السفر إلى قطر في اتفاق يكون قد جري بين سلطتي البلدتين، دون أن يكشف عن فحواه، وظل هناك إلى غاية وفاته نهار أمس.

ولم ينقطع عباسي مدني طيلة إقامته بقطر عن متابعة الأحداث في الجزائر وبعض بعض المناطق في المنطقة العربية، إذ ظهر في عدة مناسبات إعلامية يشرح فيها موقفه منها.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة