استفاق أهالي منطقة "الشارع" التابعة لمعتمدية السبالة من ولاية سيدي بوزيد، وسط تونس، يوم أمس السبت، على وقع حادث مرور خلف مقتل 12 شخصا وإصابة 20 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة بعد تصادم لشاحنة تنقل عمالا في القطاع الفلاحي مع أخرى لنقل الدجاج.
الحادثة أعادت طرح قضية ظروف اشتغال ونقل العمال والعاملات في المجال الفلاحي في عدد من المناطق التونسية.
حزن وأسى
ليليا إحدى المصابات. تبلغ من العمر 12 سنة. تتحدر من منطقة مغيلة. انقطعت عن الدراسة واتجهت للعمل بالقطاع الفلاحي منذ سنتين. لا تتذكر من تفاصيل الحادث إلا لحظة وقوعها من الشاحنة التي كانت تقل حوالي 32 شخصا.
أصيبت ليليا في وجهها وعينها. تقول باكية: "أخي كان سيرافقني للعمل اليوم إلا أنني منعته صباحا من الذهاب".
وفي قسم الاستعجالي بالمستشفى الجهوي تتعالى أصوات البكاء والأنين. الجميع يهرول في اتجاهات مختلفة بينما يسارع الأطباء والممرضون لإسعاف المصابين الذين تم نقلهم، وسط توافد عدد من أهالي الضحايا والأشخاص الراغبين في التبرع بالدم لفائدة المصابين.
زوج إحدى العاملات أكد أن زوجته المصابة، والتي توفيت والدتها في الحادث، تخرج من منزلها في اتجاه العمل عند الثالثة فجرا.
يقول: "خروجها فرضته الظروف الاجتماعية والمادية القاسية والصعبة وحالة الاحتياج.. فهي تعمل لتوفير لقمة العيش لا لتوفير كماليات الحياة".
وتابع قائلا: "زوجتي تعمل لتساعدني وتقاسمني مشقة العيش ومصاعب الحياة.. أعرف ما تعانيه من مشقة وتعب ولكننا مجبرون".
أسباب وراء الواقعة
خديجة هي عاملة أخرى نجت من الحادث. أكدت أن إحدى الأمهات توفيت مع ابنتيها. تقول إن خروجهم للعمل في الضيعات الفلاحية "فرضته عليهم الظروف الاجتماعية القاسية"، مضيفة: "نحن موتى في كل الحالات".
أهالي الموتى والمصابين، الذين توافدوا على المستشفى الجهوي بسيدي بوزيد، أرجعوا أسباب الحادثة إلى "ما تراكم خلال سنوات متتالية من التهميش والعزلة وعدم توفر أغلب المرافق الأساسية على غرار الطريق والماء الصالح للشرب ومواطن الشغل".
يقولون لوكالة الأنباء التونسية إن هذه هي الأسباب التي أودت بحياة أولادهم وأقاربهم وأمهاتهم.
في المقابل، قالت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، نزيهة العبيدي، اليوم الأحد، إن كراس الشروط المنظم لنقل العمال والعاملات في القطاع الفلاحي جاهز منذ نهاية 2016، إلا أن عدم تنقيح القانون عدد 33 من سنة 2004 المتعلق بالنقل البري هو الذي عطل تنفيذ بنوده.
وأفادت العبيدي بأن الوزارة تعمل حاليا على طلب عروض لتمكين النساء الريفيات اللاتي يمتلكن رخص قيادة سيارات من قروض في إطار مشروع لامتلاك سيارات لنقل العاملات أو للاستعانة بها في تنفيذ مشاريعهن الخاصة.
المصدر: وكالة الأنباء التونسية