رجل يتسول وسط الرباط
تؤكد منظمة أوكسفام أن محاربة اللامساواة والفقر يجب أن يكونا محور السياسيات العمومية.

تحت عنوان "مغرب منصف، عدالة ضريبية"، صدر أمس الاثنين، تقرير لمنظمة "أوكسفام" فرع المغرب، والذي رصد مظاهر اللامساواة وحجم الفوارق الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، مقترحا عددا من التوصيات بهدف جعل النظام الضريبي وسيلة للحد من تلك الفوارق.

فالمغرب، حسب ما تؤكده المنظمة، ليس بمعزل عن الاتجاه العالمي الذي يعرف تزايد اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تنتشر مظاهر اللامساواة في مجالات مختلفة، فإن النظام الضريبي الحالي يبقى غير فعال من أجل تحقيق توزيع أفضل للثروات.

هوة بين الأغنياء والفقراء

سجل المغرب خلال العقدين الأخيرين نموا ونتائج مهمة في الحد من الفقر، إلا أن هذا النمو المتواصل والنتائج المحققة على مستوى الحد من الفقر لم يرافقهما تقلص في حجم الفوارق واللامساواة، إذ تصنف المنظمة المغرب باعتباره البلد الأكثر انعداما للمساواة في منطقة شمال أفريقيا.

ويذكر التقرير أنه وخلال سنة 2018، بلغت ثروة ثلاثة مليارديرات مغاربة من المصنفين في خانة أثرى الأثرياء، 4.5 مليارات دولار، أي 44 مليار درهم، مشيرا إلى أن الزيادة التي سجلت في ثروات هؤلاء خلال عام واحد تعادل ما استهلكه 370 ألف مغربي من أفقر الفقراء خلال الفترة نفسها.

معطى آخر يشير إليه التقرير، يبرز حجم الفجوة بين فقراء المغرب وأثريائه، وهو أن عاملا ممن يحصلون على الحد الأدنى للأجور، يحتاج أزيد من قرن ونصف (154 سنة) ليكسب ما يحصل عليه أحد مليارديرات المغرب خلال سنة واحدة فقط.

​​تعليم وشغل يكرسان الفوارق

بدل أن يكونا وسيلة للترقي الاجتماعي وتقليص الفجوة الناتجة عن "اللامساواة النقدية"، فإن التعليم والشغل ونتيجة لعدة اختلالات صارا يساهمان في تعميق الفوارق. 

فبخصوص التعليم، يرصد المصدر كيف تطور القطاع الخاص خلال العشرين سنة الأخيرة على حساب القطاع العمومي بشكل دفع كثيرا من المغاربة، ليس فقط من الأثرياء، إلى اللجوء إليه، فهو بالنسبة إليهم وإن كان مكلفا أكثر فإنه يمنح أطفالهم فرصا أكبر للنجاح.

غير أنه وتبعا لعدة معطيات يكشفها التقرير، لا تتوفر لجميع الأطفال فرص ولوج نفس المؤسسات وتلقي نفس التعليم، فمثلا أزيد من نصف الأطفال المغاربة المتراوحة أعمارهم بين 4 و5 سنوات لا يحصلون على تعليم أولي سواء في القطاع الخاص أو العام.

إشكال اللامساواة في التعليم، يتأكد ويتكرس، وفق المصدر، على مستوى سوق الشغل، الذي تطبعه أساسا بطالة عالية في صفوف الشباب، واستبعاد النساء من سوق الشغل إلى جانب غلبة القطاعات غير المهيكلة وغير المستقرة.

تلاميذ مغاربة
المدرسة العمومية بالمغرب.. هل ما زالت تُرقي اجتماعيا؟
ماذا بعد الباكلوريا؟ سؤال يطرحه الكثير من التلاميذ والأسر في هذه المرحلة، وهنا تختلف الإجابة إذ تتوقف لدى البعض على مدى تفوق التلميذ والمعدل الذي حصل عليه، بينما تتوقف لدى آخرين على طبيعة النظام الذي تابع فيه ذلك التلميذ دراسته.

​​أوجه اللامساواة في قطاع الصحة

من مظاهر اللامساواة التي يرصدها التقرير أيضا، تلك التي تحضر في القطاع الصحي، الذي يصفه المصدر بـ"المعيب" من حيث الكم والجودة.

ويذكر تقرير "أوكسفام المغرب" في هذا الإطار أن 51% من المصاريف الطبية تتم تغطيتها من طرف الأسر، في مقابل 36% في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

ورغم أن نسبة الولوج إلى التغطية الصحية قد ارتفعت في المغرب، إلا أنها تظل مع ذلك ضعيفة، بحيث لا تتجاوز 36% من مجموع السكان.

كما أنه وبالرغم من التحسن العام، إلا أن المغاربة لا يتوفرون على نفس فرص ولوج الرعاية الصحية بالقرب من محل سكناهم، ويلفت المصدر في هذا الإطار إلى أنه في المغرب يوجد 6.2 طبيب لـ10 آلاف من السكان، في مقابل 12 طبيبا لنفس العدد في الجزائر وتونس و37.1 طبيبا في إسبانيا.

​​النظام الضريبي واللامساواة

تؤكد منظمة "أوكسفام المغرب"، أن محاربة اللامساواة والفقر يجب أن يكونا محور السياسيات العمومية، وتشدد على دور النظام الضريبي العادل في هذا الإطار.

ويرى المصدر أن "النظام الضريبي الذي يقوم على العدل والإنصاف والشفافية والبساطة يمكن أن يكون وسيلة فعالة في التنمية التي تجمع بين الفعالية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية".

تبعا لذلك، وفي الوقت الذي يستعد المغرب للنسخة الثالثة من المناظرة الوطنية حول الجبايات التي تنعقد يوما الثالث والرابع من مايو المقبل، حرصت "أوكسفام" على تضمين تقريرها توصيات تهدف إلى جعل الضرائب وسيلة للحد من مظاهر اللامساواة.

​​وتشمل المحاور الكبرى لتلك التوصيات، تطوير خطة عمل وطنية بهدف القضاء على اللامساواة، وتبني نظام ضريبي عادل يساهم في تقليص الفوارق.

ومما تشدد عليه المنظمة في إطار المحور الثاني، ضرورة جعل مكافحة التهرب الضريبي والاحتيال أولوية، وهي التوصية التي تبرز أهميتها باستحضار معطى آخر يشير إليه التقرير، يتمثل في كون حجم الخسائر التي يتكبدها المغرب نتيجة التهرب الضريبي للشركات متعددة الجنسية يصل إلى 23.5 مليار درهم سنويا، المبلغ الذي يمكن في حال استثماره الحد من بعض أشكال اللامساواة.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة