يُتدوال اسم السياسي الجزائري أحمد طالب الإبراهيمي بشكل كبير في الأيام الأخيرة بين نشطاء "الحراك الشعبي"، كما وجهت إليه دعوات من جمعيات وفاعلين لقيادة المرحلة الانتقالية بدلا من رئيس الدولة الحالي عبد القادر بن صالح.
فمن يكون أحمد طالب الإبراهيمي؟
أحمد طالب الإبراهيمي هو ابن العلامة الشيخ البشير الإبراهيمي نائب رئيس جمعبة العلماء المسلمين، وأحد مؤسسيها رفقة الشيخ عبد الحميد باديس رئيسها الأول.
ولد "ابن الشيخ" في منطقة الشرق الجزائري في شهر يناير 1932، واحتك بالحركة الوطنية منذ صباه على خلفية نشاط والده، والعلاقات التي كانت لديه بها بقادة النضال الوطني وقتها.
كان من القلة القليلة من الجزائريين وقتها الذين التحقوا بالمدرسة الفرنسية، واجتاز جميع مراحلها التعليمية، قبل أن ينال شهادة البكالوريا ويلتحق بجامعة الجزائر نهاية الأربعينيات في تخصص الطب.
صادف ذلك اندلاغ ثورة التحرير، فانتقل إلى فرنسا لإكمال دراسته، وهناك انخرط بشكل مباشر في النصال السياسي مع "حزب جبهة التحرير الوطني" الذي قاد ثورة التحرير، إذ أصبح رئيسا للاتحاد الوطني للطلبة المسلمين الجزائريين، قبل أن يتعرض للسجن على أيدي السلطات الفرنسية إلى غاية سنة 1961.
من السجن إلى السلطة
بعد استقلال الجزائر في 5 يوليو 1962، حاول أحمد طالب الإبراهيمي ترك العمل السياسي، وفضل الانغماس في نشاطه المهني كطبيب في المستشفيات الجزائرية، لكن حاله هذا لم يستمر طويلا على خلفية أحداث عرفتها البلاد وقتها.
وكان واضحا أن الإبراهيمي، المتأثر بمواقف والده الشيخ البشير الإبراهيمي، لم يكن راضيا بالسياسة التي انتهجها في ذلك الوقت الرئيس أحمد بن بلة في تسيير شؤون الدولة، فلم يتردد في إبداء معارضته للنظام.
كلفه ذلك غضب السلطات التي قررت اعتقاله سنة 1964، وبقي مسجونا إلى غاية الانقلاب العسكري الذي نفذه الرئيس هواري بومدين بتاريخ 19 يونيو 1965.
هذه الفترة سمحت للدكتور أحمد طالب الإبراهيمي بالعودة إلى السياسية، لكن من باب السلطة، إذ تم تعيينه في منصب وزير التربية الوطنية.
وظل خلال هذه المرحلة أحد أبرز الوزراء المقربين من الرئيس هواري بومدين الذي عينه منتصف السبعينات في منصب وزير الإعلام، كما تقلد أيضا منصب وزير الخارجية في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد.
بين الإسلاميين وبوتفليقة
مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، بدأ نجم أحمد طالب الإبراهيمي يأفل من الساحة السياسية والإعلامية، في وقت كانت الجزائر تعيش حالة مخاص سياسي شهد تحولات كبيرة انتهت بفوز "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" بالانتخابات المحلية وبالدور الأول من الانتخابات التشريعية في ديسمبر 1991.
يقول في أحد التصريحات الإعلامية، إنه حاول لعب دور رجل الإطفاء من خلال التوسط لقيادات هذا الحزب الإسلامي لدى الرئيس الشاذلي بن جديد من أجل الاتفاق على خارطة طريق تسمح بتجاوز الأزمة التي اندلعت بين "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"والسلطة.
يصنف الإبراهيمي كواحد من أهم الشخصيات السياسية القريبة من الإسلاميين، خاصة وأنه كان من الرافضين لقرار توقيف المسار الانتخابي الذي اتخذته السلطات شهر يناير 1992.
اختار البقاء بعيدا عن المشهد الإعلامي والسياسي الذي عرفته البلاد سنوات التسعينات، لكنه قرر سنة 1999 العودة إلى السياسة، لكن كمرشح مستقل في الانتخابات الرئاسية.
أدار حملته الانتخابية، وكسب شعبية كبيرة وسط الإسلاميين، وبشكل خاص لدى أنصار حزب "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظور، قبل أن يقرر في آخر لحظة الانسحاب من هذا الاستحقاق رفقة باقي المترشحين الذين اتهموا السلطة بالعمل لصالح "مرشح النظام" عبد العزيز بوتفليقة.
حاول بعدها الاستمرار في معارضة نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من خلال تأسيس حزب سياسي أطلق عليه تسمية "حركة الوفاء والعدل"، إلا أن السلطة رفضت منحه الاعتماد، فكانت تلك آخر محطة سياسية يتوقف عندها مسار الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي ليتواري بشكل كلي عن الأنظار.
- المصدر: أصوات مغاربية