تصاعدت مؤخرا في تونس دعوات إلى رجوع الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي، إلى البلاد خاصة مع تداول أنباء عن مرضه.
وتبنت شخصيات سياسية فاعلة هذه القضية من منطلقات "إنسانية" على حد وصفها، بينما اعتبر آخرون أن هذه الدعوات "تُخفي غايات انتخابية من بينها استقطاب أنصار الرئيس الأسبق في انتخابات 2019".
رجوع بن علي
طالب رئيس "حركة مشروع تونس" المشاركة في الائتلاف الحكومي، محسن مرزوق، بالسماح للرئيس الأسبق زين العابدين بن علي بالعودة إلى تونس.
ودوّن مرزوق على صفحته في فيسبوك "الرئيس السابق زين العابدين بن علي، يبدو، حسب الأخبار المؤكدة، مريضا جدا. وقد أوصى، إذا حلّ الأجل والأعمار بيد الله، أن يدفن في العربية السعودية".
وأضاف "لم أكن أبدا من أنصاره ولا جمعتني به مصلحة أو اتفاق، وكنت مختلفا مع جانب كبير من توجهاته السياسية، ولكنني في هذا الشهر الفضيل، أطلب له الرحمة الإلاهية وتخفيف القضاء الذي لا بدّ له عنه. فحكم القانون لا يتناقض مع الرحمة، والتونسيون أهل رحمة".
وتابع مرزوق "إذا اختار (بن علي) في وصيته أرض الحجاز مثوى أخيرا فهذا خياره وإن كان له الحقّ أن يدفن في بلده".
وطالب المصدر ذاته بفتح المجال لعودة أبناء الرئيس السابق قائلا "للرجل أبناء لا شوائب قانونية حولهم، ولا أعتقد أن أمن تونس سيكون مهددا لو فتحت لهم أبواب العودة والزيارة على الأقل مع حفظ كرامتهم".
وأوضح "تونس انتقلت من عهد لعهد ولن تعود للوراء، ولكن لن تستقيم أمورها بالانتقام والتشفي لأن آثاره عكسية".
وأكد مرزوق في تصريحات إعلامية أنه طرح موضوع عودة بن علي إلى تونس في إطار اجتماع مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد والأحزاب المشكلة للحكومة.
ويتناغم هذا الموقف مع موقف نائب رئيس مجلس النواب الشعب، والقيادي بحركة النهضة، عبد الفتاح مورو الذي صرّح أنه "من حق بن علي أن يُكمل ما تبقى من حياته في تونس".
وقال مورو في تصريح إعلامي "بإمكان بن علي، العودة إلى تونس، إذا كانت هناك لفتة سياسية لهذا الملف".
لكن موقف مورو لم يلق ترحيبا واسعا داخل حركة النهضة، إذ عبّر النائب والقيادي بالحركة، عبد اللطيف المكي، عن رفضه لهذه الدعوات مدونا على فيسبوك "قانونيا بن علي فار من العدالة وليس مطرودا ولا منفيا وبإمكانه العودة بل مطلوب منه العودة وتسليم نفسه للعدالة، فلماذا يحاول البعض قلب الصورة للتلاعب بمشاعر الناس".
وأضاف "سياسيا بن علي مدان شعبيا وقامت ضد نظامه ثورة وضحاياه بعشرات الآلاف، ولا بد من محاسبته كما تفعل كل شعوب العالم مع دكتاتورييها".
القضية إنسانية
وتعليقا على هذا الجدل قالت رئيسة المجلس المركزي لـ"حركة مشروع تونس"، وطفة بلعيد، إن "دعوات الحزب إلى عودة بن علي تستند على البعد الإنساني أكثر من كونه موضوعا سياسيا".
وأشارت بلعيد في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إلى "وجود معلومات عن تدهور صحة الرئيس الأسبق، ما يدفعنا للتحرك في اتجاه منحه حق التداوي في بلاده".
وشددت المتحدثة ذاتها على أن "عودة بن علي إلى تونس لا تعني إنهاء المتابعات القضائية ضده، خاصة فيما يتعلق بالأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج".
وطالبت المسؤولة الحزبية بـ"ضرورة تجاوز الأحقاد خاصة بعد فشل مسار العدالة الانتقالية في تحقيق هدفه في كشف الحقائق وتحقيق المصالحة الوطنية".
وأوضحت بأن "ما يهم التونسيين اليوم هو استرجاع الأموال المنهوبة لدعم الاقتصاد وليس سجن بن علي، الذي يمكن للقضاء أن يعفيه من الأحكام السجنية بسبب تقدمه في السن وحالته الصحية".
شعبوية سياسية
في المقابل، يرى محللون سياسيون أن المطالبة بعودة بن علي قبل أشهر من إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية "يندرج في سياق حملة انتخابية لاستقطاب الجمهور التجمعي (أنصار حزب بن علي التجمع الدستوري الديمقراطي)".
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي، منذر بالضيافي، إن "مطالب الأحزاب السياسية بعودة بن علي هو شكل من أشكال الشعبوية السياسية".
ويفسّر بالضيافي طرحه بالقول "بعض الشخصيات السياسية تعي فشلها السياسي وتدني رصيدها الشعبي، ما دفعها إلى إطلاق هذه الدعوات التي تهدف إلى محاولة استقطاب التجمعيين".
ويرجّح بالضيافي أن "تفشل محاولات استمالة التجمعيين الذين أصبحوا يشتغلون لحسابهم الخاص بعد انضمامهم لعدة أحزاب من بينها الحزب الدستوري".
أنباء عن تدهور الحالة الصحية للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في السعودية وأنه أوصى بدفنه هناك.
— atef ben amor (@atefbenamor4) 9 mai 2019
أما على المستوى الشعبي، فيرى المحلل السياسي أن "المطالب بعودة الرئيس الأسبق تندرج في إطار الغضب الذي ينتاب شرائح واسعة من الشعب التونسي بسبب تدني الخدمات في قطاعات حيوية من بينها الصحة والتعليم والنقل، فضلا عن تدهور المقدرة الشرائية".
ولفت المتحدث ذاته إلى أن "الانتخابات القادمة ستشهد تصويتا عقابيا ضد الأحزاب الحاكمة بسبب الضعف الكبير للحصيلة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي".
- المصدر: أصوات مغاربية