قال تقرير حكومي حديث بالمغرب، إن نسبة انتشار العنف ضد النساء المغربيات تصل إلى 54.4 في المائة، غالبيتها في سياق الخطوبة والوسط الزوجي، في الوقت الذي تتجاوز نسبة الإحجام عن تقديم شكايات بذلك الشأن 90 في المائة.
هذه بعض المعطيات التي تضمنها البحث الوطني الثاني حول انتشار العنف ضد النساء بالمغرب، المنجز خلال الفترة بين 2 يناير و10 مارس 2019، والذي قُدمت نتائجه، مساء أمس الثلاثاء، بالرباط، بحضور وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي.
نصف المغربيات تعرضن للعنف
وصلت نسبة انتشار العنف ضد النساء المغربيات، خلال الإثني عشر شهرا السابقة لتاريخ إجراء البحث المذكور، إلى 54.4 في المائة، مع الإشارة إلى أن نسبة الانتشار تظل أعلى لدى النساء في الوسط الحضري مقارنة بالنساء في الوسط القروي، إذ تصل إلى 55.8 في المائة في مقابل 51.6 في المائة.
وفي توزيع لنسب انتشار العنف حسب الجهات، نجد أن جهة الدار البيضاء تحتل الصدارة بـ71.1 في المائة تليها جهة كلميم واد نون بـ69 في المائة، ثم جهة بني ملال خنيفرة بـ66.8 في المائة.
في المقابل سُجلت أدنى نسب لانتشار العنف في كل من جهة مراكش آسفي وجهة درعة تافيلات وجهة الشرق، وذلك بـ37.8 في المائة، و32.7 في المائة و31.5 في المائة، على التوالي.
و"إذا كانت 54.4 في المائة من النساء قد تعرضن لشكل من أشكال العنف"، يقول المصدر، فإن "حوالي ثلث (32.8 في المائة) النساء المعنفات كن ضحايا لأكثر من شكل واحد من العنف"، كما أن "3.2 في المائة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 18 و64 سنة، أي 349 ألفا و688 امرأة تعرضن لجميع أشكال العنف".
أكثر الضحايا.. المخطوبات والمتزوجات
أكثر النساء عرضة للعنف هن المخطوبات والمتزوجات، حيث أن "54.4 في المائة من المخطوبات و52.5 في المائة من المتزوجات تعرضن للعنف على الصعيد الوطني".
ويعتبر العنف النفسي أكثر أشكال العنف الممارسة في الوسط الزوجي بنسبة 96.5 في المائة، كما يعتبر من أكثر أشكال العنف الممارسة من طرف الخطيب وذلك بنسبة 95.5 في المائة.
بالنسبة للمتزوجات "يبقى الزوج هو المعنف الذي تردد كثيرا على لسان المبحوثات بـ92.4 في المائة، تليه والدة الزوج بـ3.9 في المائة، ثم فرد من أسرة هذا الأخير بـ2.3 في المائة، ووالد الزوج بـ1.4 في المائة".
أما بالنسبة للمخطوبات، فيبدو أن الخطيب هو الممارس الأول للعنف، وعن الخصائص السوسيوديمغرافية لهذا الخطيب المعنف، كما وصفتها النساء الضحايا، يقول المصدر، فإنه نشيط مشتغل بنسبة 98.7 في المائة ومتمدرس بالنسبة لتسع حالات من أصل 10.
في المقابل فإن 30.9 في المائة من النساء المطلقات والأرامل تعرضن للعنف بعد الطلاق أو الترمل، ويشكل العنف النفسي أكثر أشكال العنف التي تعانيها هؤلاء النساء أيضا بنسبة 79.9 في المائة يليه العنف الاقتصادي بنسبة 54.6 في المائة.
العنف النفسي أكثر الأشكال انتشارا
"بغض النظر عن الأوساط، فالعنف النفسي هو الأكثر انتشارا"، إذ تكشف نتائج البحث عن تصريح 49.1 في المائة من النساء بتعرضهن لهذا الشكل من العنف.
يحل العنف الاقتصادي في الرتبة الثانية بين أشكال العنف الأكثر انتشارا بنسبة 16.7 في المائة، ثم العنف الجسدي بنسبة 15.9 في المائة، فالعنف الجنسي بنسبة 14.3 في المائة.
هذا وتطرق البحث أيضا إلى شكل آخر من العنف الذي برز خلال السنوات الأخيرة، هو "العنف الإلكتروني"، ويذكر بهذا الخصوص أن 13.4 في المائة من النساء المغربيات البالغات بين 18 و64 سنة، وهو ما يعادل مليونا و470 ألفا و549 امرأة، صرحن أنهن تعرضن لأفعال عنف بواسطة الأنترنيت.
وتعتبر الشابات المتراوحة أعمارهن بين 18 و24 سنة أكثر النساء عرضة للعنف الإلكتروني بنسبة 30.1 في المائة، "وكلما تقدمت النساء في السن كلما تراجعت هذه النسبة".
كذلك تبين نتائج البحث أن النساء ذوات المستوى التعليمي العالي هن الأكثر عرضة لهذا الشكل من العنف، والمتمثل في التحرش بنسبة 71.2 في المائة يليه السب والقذف بنسبة 37.5 في المائة، ثم إرسال مواد إباحية بنسبة 23 في المائة.
عنف في المدرسة والعمل والبيت
بحسب نتائج البحث فإن النساء يتعرضن للعنف في أوساط مختلفة، بدءا بالبيت مرورا بالمدرسة، وصولا إلى العمل.
17.9 في المائة من مجموع النساء المغربيات تعرضن للعنف في الوسط العائلي، وقد "صرحت النساء ضحايا العنف في الوسط العائلي أن الأب هو الممارس الأول للعنف، متبوعا بالأخ".
كذلك تم تسجيل تعرض 22.3 في المائة من التلميذات والطالبات للعنف في الوسط التعليمي، و"يعتبر العنف النفسي أكثر الأشكال انتشارا في الوسط التعليمي" ويتجلى أساسا في العنف اللفظي الذي يمارسه الأستاذ أو الطاقم الإداري للمؤسسة التعليمية وكذا بين التلاميذ.
أما بالنسبة للنساء النشيطات المشتغلات فقد صرحت 24.3 في المائة منهن بتعرضهن للعنف في الوسط المهني، وهو العنف الذي يمكن أن يمارسه المسؤول أو الزميل أو الزبون.
ويسجل المصدر نفسه تعرض 12.4 في المائة من مجموع النساء المغربيات للعنف في الأماكن العامة، وأكثر أشكال العنف الممارسة في هذه الأماكن، هو الجنسي بحيث يمثل 66.5 في المائة يليه النفسي بنسبة 49.1 في المائة ثم الجسدي بنسبة 33.2 في المائة.
أغلب المعنفات لا يتقدمن بشكاية
معطى صادم آخر يكشف عنه هذا البحث، يتعلق بنسبة النساء ضحايا العنف اللائي يتحدثن عما يتعرضن له ويتقدمن بشكاية بشأنه، والتي تعتبر ضئيلة جدا مقارنة بمجموع من يتعرضن للعنف.
فلا تتجاوز نسبة النساء ضحايا العنف اللائي تحدثن عما تعرضن له مع فرد من الأسرة أو صديقة أو جارة أو جمعية نسائية أو شبكة للتواصل الاجتماعي أو عبر الراديو، 28.2 في المائة.
أما من تقدمن بشكاية عن العنف الذي تعرضن له فلا تتجاوز نسبتهن 6.6 في المائة، ما يعني أن 93.4 في المائة، من المعنفات لا يتقدمن بشكاية، مع العلم أن المطلقات والأرامل ضحايا العنف هن الأكثر مبادرة لتقديم شكاية بنسبة 29.3 في المائة.
في السياق نفسه، يذكر المصدر أن "من بين العوامل التي تضاعف من مأساة النساء المعنفات أنهن تكتمن واقعة العنف التي تظل دفينة في ذاكرتهن مع ما قد يترتب عن ذلك من جرح نفسي، إن لم يكن جسدي أو اقتصادي أو اجتماعي".
المصدر: أصوات مغاربية