توقع تقرير للمجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة رسمية مغربية) أن يعرف الطلب على الخدمات على الإنترنت "تطورا ملحوظا"، وذلك في ظل الارتفاع المتواصل لولوج المواطنين للشبكة.
وسجل التقرير الذي تناول تقييم الخدمات على الإنترنت الموجهة للمتعاملين مع الإدارة، "تحقيق تطور ملموس" في الخدمات عبر النت في عدد من المجالات، في مقابل ضعفها في مجالات أخرى.
كما سجل التقرير ملاحظات بشأن مستوى فتح البيانات العامة "OPEN DATA"، إذ شدد على أهمية نشر تلك البيانات وجعلها متاحة "بصيغ رقمية سهلة الاستغلال".
تفاوت مستوى الخدمات
لتحديد نقاط قوة وضعف الخدمات المتوفرة على الإنترنت في المغرب، اعتمد المجلس على "الدراسة المقارنة للحكومة الإلكترونية التي تنجزها سنويا المفوضية الأوروبية"، وتبعا لذلك تم "تقييم مستوى نضج عدد من الخدمات الأساسية" (15 خدمة) و"تقييم مدى إتاحة الخدمات عبر الإنترنت المتعلقة بعدد من أحداث الحياة".
وسجل المصدر، استنادا إلى تلك المقارنة، "تفاوتا" في مستوى نضج بعض الخدمات الحيوية، إذ يؤكد في هذا الإطار تحقيق المغرب "نسب نضج جيدة" بالنسبة لثماني خدمات (من بينها الضريبة على الشركات والتصريح للجمارك) في مقابل تسجيل "مستوى نضج ضعيف إلى متوسط" في سبع خدمات (من بينها تسجيل الشركات حديثة التأسيس وإبلاغ الشرطة).
من بين الملاحظات الأخرى التي يسجلها التقرير استنادا إلى تلك المقارنة، "ضعف عدد الخدمات المتوفرة والمرتبطة ببعض أحداث الحياة" من قبيل "فقدان العمل والبحث عنه" و"حيازة وسياقة سيارة" و"الشروع في مسطرة شكاية".
ضعف فتح البيانات العامة
"تمتلك مؤسسات القطاع العمومي خزانا من المعلومات القيمة التي لا يتم استغلال جزء هام منها إلا على نطاق محدود" يقول تقرير المجلس.
ويشير المصدر إلى أن نشر البيانات العمومية غير الشخصية (من قبيل الجغرافية والديمغرافية والإحصائية وغيرها) بصيغ رقمية سهلة الاستغلال "يفتح آفاقا جديدة للمواطنين والباحثين الأكاديميين والشركاء، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في القطاع الرقمي وكذا للإدارة نفسها".
مع ذلك، يسجل التقرير مجموعة من الملاحظات بشأن مشروع البيانات المفتوحة الذي يندرج ضمن برنامج الحكومة الإلكترونية.
وتتمثل تلك الملاحظات في "ضعف مستوى فتح البيانات العامة، وتراجع تصنيف المغرب في مجال البيانات المفتوحة، وغياب سياسة عمومية لفتح البيانات وتأخر إصلاح الإطار القانوني" إلى جانب "غياب مبادرات لفتح البيانات العامة على مستوى الجماعات الترابية".
محدودية التفاعل عبر "النت"
تشكل بوابة "service-public.ma" وفقا لتعريف الوزارة المكلفة بتحديث القطاعات العمومية "نقطة مرجعية للولوج إلى خدمات الإدارة المغربية عبر الإنترنت".
وتبقى هذه البوابة التي "يصل عددها زوارها شهريا إلى حوالي 150 ألفا" بحسب تقرير المجلس "بعيدة عما تحققه نظيراتها من البوابات الحكومية الأكثر تميزا".
فعدد زيارات البوابة الفرنسية مثلا يبلغ 20 مليونا شهريا، بينما تصل زيارات بوابة المملكة المتحدة إلى حوالي 75 مليونا شهريا.
من جهة أخرى، يسجل التقرير قصورا في تتبع الإدارة لمدى استخدام الخدمات على الإنترنت وأثرها، وأكد المصدر في هذا الإطار "شح المؤشرات الوطنية التي تقيس مدى استخدام المرتفقين لهذه الخدمات ومدى رضاهم عنها"، مشيرا إلى بحث تُعده الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بوصفه كـ"أحد الأمثلة القليلة في هذا المجال".
وتُظهر نتائج هذا البحث برسم سنة 2017 أن معدل نفاذ الإنترنت إلى البيوت بالمغرب "ظل في تصاعد مستمر" بحيث انتقل من 20% سنة 2009 إلى 70% سنة 2017، مع ذلك فإن "التفاعل مع الخدمات العمومية عبر الإنترنت يبقى محدودا"، يقول المصدر، إذ أن "11.1% فقط من مستعملي الشبكة العنكبوتية بالمغرب لجؤوا إلى هذه الوسيلة للتفاعل مع الإدارات العمومية".
توصيات لتطوير الخدمات
بناء على النتائج التي خلص إليها التقييم، قدم المجلس جملة من التوصيات الموجهة إلى السلطات الحكومية، من بين ما تشمله "وضع المواطن في صلب اهتمامات المرفق العمومي والتركيز على الخدمات على الإنترنت المطلوبة أكثر".
من بين توصيات المجلس كذلك، "وضع سياسة للبيانات المفتوحة تهدف إلى تبني هذا المفهوم بشكل مستديم، وإعطاء الأولوية للبيانات المرتبطة بالحاجيات الحقيقية للمرتفقين ونشرها بصيغ ملائمة".
كما أوصى المصدر بـ"تجويد التواصل بشأن الخدمات على الانترنيت وخاصة من خلال البوابة الوطنية "service-public.ma" والعمل على أن تقدم هذه البوابة محتوى شاملا وموثوقا به ومحينا بانتظام" مع "دراسة إمكانية تحويل هذه البوابة إلى شباك وحيد للولوج إلى جميع الخدمات العمومية المقدمة على الإنترنت".
- المصدر: أصوات مغاربية