داخل مكتب تصويت بتونس خلال انتخابات 2014
داخل مكتب تصويت بتونس خلال انتخابات 2014

تعيش الساحة السياسية التونسية مؤخرا على وقع موجة من الاستقالات تضرب المجالس البلدية التي تم انتخابها قبل نحو عام.

ويخشى محللون أن تؤدي هذه الاستقالات في البلديات إلى "إفشال تجربة السلطة المحلية التي ينص عليها دستور 2014"، فضلا عن إثقال كاهل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالمزيد من المهام تزامنا مع استعدادها لتنظيم الاستحقاق التشريعي والرئاسي خريف العام المقبل.​​

استقالات وانتخابات جزئية

تستعد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى تنظيم انتخابات بلدية جزئية بباردو (تونس) والسوق الجديد (سيدي بوزيد).

وتأتي هذه الانتخابات الجزئية لاختيار مجالس بلدية جديدة تحل محل المجالس التي تم انتخابها قبل عام واحد وفشلت في الصمود بعد استقالة أغلب أعضائها.

وإلى جانب الاستقالات التي عاشتها بلديات باردو والسوق الجديد، فقد قدم مستشارون بلديون استقالات جماعية في بلديات أخرى على غرار سكرة (أريانة) وبهرة (الكاف) ونعسان (بن عروس) وكسرى (سليانة).

ويفسر أغلبية المستقيلين من المجالس البلدية خطوتهم بـ"تفرد رؤساء البلديات بالرأي وعدم تفعيل الآليات الديمقراطية والتشاركية في اتخاذ القرارات".

وفي مايو الماضي، نجحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تنظيم انتخابات أفرزت تنصيب 350 مجلس بلدي في 24 محافظة، لتحل محل النيابات الخصوصية التي أدارت الشأن البلدي منذ سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

​​إضعاف التجربة

ويعزو رئيس الكونفدرالية التونسية لرؤساء البلديات ورئيس بلدية رواد (أريانة)، عدنان بوعصيدة، "نزيف الاستقالات في البلديات" إلى عدة أسباب من بينها "وجود رغبة سياسية في ضرب تجربة السلطة المحلية".

ويؤكد بوعصيدة في تصريح لـ"أصوات مغاربية" على أن "هذه المحاولات تهدف إلى تركيع المجالس البلدية المنتخبة مباشرة من قبل الشعب" مستدركا "لكننا نؤكد أنه لا سبيل إلى إدخال تجربة الحكم المحلي إلى بيت الطاعة".

ويرى المسؤول ذاته أن "التجاذبات السياسية ورغبة بعض الأحزاب السياسية الجديدة في استقطاب المستشارين وإيجاد موطئ قدم لها بالبلديات، خلق المزيد من الإشكاليات بين أعضاء المجالس البلدية والرؤساء".

وينفي رئيس الكنفدرالية "الاتهامات الموجهة لرؤساء البلديات بالانفراد بالرأي"، موضحا أن "القانون يمنح رئيس البلدية صلاحيات واسعة من بينها السلطة الترتيبية والإدارية إلى جانب تحميله المسؤولية القانونية".

ويشير المصدر ذاته أيضا إلى أن "نقص التكوين لدى المستشارين وتأخر المصادقة على مجلة الجماعات المحلية من قبل البرلمان يلعبان دورا في تداخل الصلاحيات لدى المستشارين".

​​أسباب سياسية

في المقابل، يعتبر الخبير في الشأن البلدي والمكون بـ"مركز التكوين ودعم اللامركزية"، محمد الضيفي، أن قضية الاستقالات من المجالس البلدية "لم تتحول إلى ظاهرة بعد".

ويقول الضيفي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إن "ظاهرة الاستقالات في البلديات ملفتة للانتباه لكنها لا تزال محدودة جدا، حيث أنه من جملة 350 بلدية تم حل مجلسين بلديين فقط وهناك 9 بلديات ربما يشملها هذا الإجراء، وبالتالي فإن 3 في المئة فقط معنية بالاستقالات الجماعية المتزامنة لأغلب أعضائها".

​​ويٌفسر الخبير ذاته الاستقالات الأخيرة بـ"قلة خبرة الأعضاء المنتخبين، ولاسيما عدم قدرة الرؤساء على التواصل مع الأعضاء ومع المواطنين ومكونات المجتمع المدني".

ويلفت الضيفي إلى وجود أسباب رئيسية أخرى في مجملها "أسباب سياسية تتجلى في تغليب المصالح الحزبية على المصالح البلدية، لتتحول البلديات إلى حلبة صراع سياسي على غرار ما يجري في مجلس نواب الشعب".

ويربط المتحدث ذاته بين الانتخابات التشريعة والرئاسية القادمة وموجة الاستقالات الأخيرة، مشيرا إلى أن "العديد من أعضاء المجالس البلدية يفكرون في الترشح للتشريعات، وهذا ما زاد في درجة المنافسة بين الحساسيات التي يتكون منها المجلس البلدي".

​​وفيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، يؤكد الضيفي أن "بعض الأطراف السياسية تسعى إلى الإطاحة ببعض رؤساء البلديات، بالنظر إلى أن الترشح للانتخابات الرئاسية يتطلب حصول المرشح على تزكية 40 رئيس بلدية".

مخاوف بشأن الرئاسيات والتشريعيات

ويعتقد الخبير نفسه أن تواصل موجة الاستقالات سيضع "الهئية العليات المستقلة للانتخابات في وضعية حرجة، خصوصا على المستوى التكلفة المالية".

وينبه في هذا الإطار إلى ذ"تواتر الانتخابات ببعض الدوائر سيؤثر سلبا بدون شك على نسبة المشاركة حيث سيكون على الناخبين في بعض الدوائر التحول لمكاتب الاقتراع في 4 مناسبات".

وبرزت في الآونة الأخيرة مطالب بتأجيل الانتخابات الجزئية التي ستتسبب فيها الاستقالات الجماعية في عدد من البلديات.

غير أن عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، عادل البرينصي، يؤكد في تصريح لـ"أصوات مغاربية" على أن "الهيئة ستكون مطالبة بإجراء انتخابات جزئية في موعدها وفقا لما ينص عليه القانون".

​​ويشدد البرينصي على أن "تنظيم انتخابات جزئية سيُشتت جهود هيئة الانتخابات، التي تركز عملها في الوقت الراهن على إنجاح الاستحقاق التشريعي والرئاسي، إلى جانب تشتيت تركيز الناخب من خلال تعدد الحملات الانتخابية".

 

 

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة