أيقونة حراك الريف ناصر الزفزافي
ناصر الزفزافي خلال مظاهرات الريف (أرشيف)

قبيل عيد الفطر بساعات، أفرجت السلطات المغربية عن 60 شخصا اعتُقلوا خلال الأحداث التي عرفتها مدينة الحسيمة بين خريف 2016 وصيف 2017.

وأكد بيان أصدرته وزارة العدل الثلاثاء أن العاهل المغربي أصدر عفوه عن 755 معتقلا وموجودا في حالة سراح، بمناسبة عيد الفطر، بينهم 60 مدانين في الأحداث التي عرفها الريف شمال المغرب.

لكن محللين سياسيين اعتبروا العفو الملكي "مناورة سياسية"، بعد أن استثنى قيادات حراك الريف، وفي مقدمتهم ناصر الزفزافي، إذ اقتصر العفو على المعتقلين ذوي المدد القصيرة، وأحيانا المتابعين في حالة سراح.

من جانب آخر، يرى آخرون أن الدولة ترسل إشارات إلى قيادات حراك الريف لتخفيف مواقفهم ضد النظام السياسي في البلد تمهيدا لاستفادتهم من العفو. 

هكذا استقبلت العائلات العفو

يقول منسق عائلات معتقلي حراك الريف، فريد الحمديوي، إن السلطات "أصدرت العفو عن أشخاص يتابعون في حالة سراح وأفرجت عن معتقلين آخرين بقيت في مدد محكوميتهم أيام قليلة، وهناك معتقل واحد على الأقل كان موعد إطلاق سراحه اليوم الأربعاء".

ويضيف الحمديوي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية، أن "هناك أشخاصا آخرين يحملون عقوبات تصل إلى ثلاث سنوات سجنا نافذا وتم إطلاق سراحهم"، مشيرا إلى أن "العفو بادرة تفاؤل في ملف الريف".

ويؤكد الحمديوي، وهو عم المعتقل يوسف الحمديوي، أن "عائلات المعتقلين سعيدة بشكل عام، لكن العائلات التي استقبلت أبناءها في هذا العيد، بعد أشهر طويلة من المعاناة والفراق، بلا شك أكثر سعادة من باقي العائلات الأخرى التي ما تزال تنتظر انفراجة في هذا الملف".

ولم يشمل العفو ابن أخ الحمديوي، لكنه يقول إنه "ينظر إلى ملف معتقلي حراك الريف من زاوية حسن النية"، مضيفا: "اليوم، تم فتح هذا الملف وأعتقد أن العفو الشامل سيأتي يوما ما، وعسى أن يكون ذلك قريبا".

وقد أصدرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في يونيو 2018 أحكاما تراوحت بين السجن 20 عاما وعام واحد في حق 53 من قادة حراك الريف.

ويعتبر ناصر الزفزافي الوجه الأبرز للحراك، ويقضي عقوبة بالسجن 20 سنة لإدانته بـ"المشاركة في مؤامرة تمسّ بأمن الدولة".

وفي أغسطس من العام الماضي، أصدر العاهل المغربي عفوا عن 188 شخصا مرتبطين بالحراك في مناسبة عيد الأضحى، لكن لم تشمل أيضا آنذاك القيادات الكبيرة للحراك.

وفي البيان الذي أصدرته وزارة العدل المغربية، قالت إن المعتقلين الذين استفادوا من العفو "لم يرتكبوا جرائم أو أفعال جسيمة في هذه الأحداث"، ما يفسر استثناء أصحاب التهم الثقيلة مثل ناصر الزفزافي ونبيل احمجيق الملقب بـ"دينامو حراك الريف"، وغيرهما. 

خلال مسيرة مطالبة بالإفراج عن معتقلي حراك الريف
خلال مسيرة مطالبة بالإفراج عن معتقلي حراك الريف

​​ويردف الحمديوي قائلا: "أولئك الذين استفادوا من العفو، وبعضهم أساتذة في القطاع العام، يمكن أن يلتحقوا بوظائفهم، لأن عفو الملك يمسح العقوبة السجنية من السجل العدلي للمعتقل".

ويضيف: "حدث هذا مع كريم أحمجيق، كان أستاذا للغة الأمازيغية قبل اعتقاله، وبعد الإفراج عنه وافقت الأكاديمية الجهوية لوزارة التربية والتعليم بجهة الحسيمة على إعادته إلى وظيفته في قطاع التعليم".

بين المناورة وحسن النية

ينفي المحلل السياسي المغربي، محمد بودن، سعي السلطة إلى المناورة في ملف معتقلي حراك الريف، قائلا إن "البادرة حسنة وستعزز الثقة بين الدولة ونشطاء حراك الريف".

ويشيد بودن بإطلاق سراح 60 معتقلا من حراك الريف، مؤكدا أن "خطوات أخرى قادمة في الطريق، لأن الدولة تريد طيّ هذا الملف المؤلم نهائيا".

ويشير المتحدث، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن "السلطات لديها إرادة حقيقية لتعزيز الثقة بين أبناء المجتمع الواحد"، مردفا: "الملك ملك كل المغاربة، ومن دون شك فالعفو الذي أصدره بمناسبة عيد ديني مقدس له دلالة واحدة وهي الرغبة في بناء الثقة".

وبخصوص عدم إطلاق سراح القيادات البارزة في حراك الريف، يقول بودن: "البيان الذي أصدرته وزارة العدل كان واضحا، فالفئات التي تورطت في أخطاء جسمية لم يتم العفو عنها، لكن أتوقع التفاتة من جلالة الملك خلال عيد العرش المقبل".

نساء في أحد احتجاجات حراك الريف
نساء في أحد احتجاجات حراك الريف

​​في المقابل، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الرحيم العلام، إن "ما قامت به الدولة هو بالفعل مناورة سياسية"، مضيفا: "إنها تقول لقيادات حراك الريف يمكنكم أن تستفيدوا من العفو، لكن العفو مشروط".

وفي هذا السياق، يعتقد العلام أن "النظام السياسي المغربي يريد تنازلات من المعتقلين وأن يخفّفوا من حدة مواقفهم تجاه السلطات"، مشيرا إلى أن "الدولة لا تريد أن تطلق سراح الزفزافي ورفاقه من دون أن تأخذ تطمينات على أنهم لن يستمروا في خطابهم اللاذع ضد السلطة".

وبالفعل، فقد أشارت وزارة العدل المغربية إلى أنها أطلقت أيضا سراح أشخاص آخرين تورطوا في قضايا التطرف والإرهاب، بعد أن "شاركوا في الدورة الثالثة من برنامج مصالحة، وراجعوا مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية، وأعلنوا بشكل رسمي نبذهم لكل أنواع التطرف والإرهاب".

ويرى العلام أن السلطات "ترسل إشارات إلى قادة حراك الريف أصحاب المحكوميات الطويلة"، مردفا: "إنها تقول لهم أوقفوا التصعيد نهائيا وسيتم الإفراج عنكم في مناسبة مستقبلية".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة