تسعى عديد الأطراف في الجزائر لتجاوز الأزمة السياسية والدستورية المستمرة منذ انطلاق "الحراك الشعبي" في 22 فبراير الماضي إلى غاية اليوم، والذي أطاح بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومسؤولين آخرين.
وشهدت الجزائر منذ إعلان استقلالها في 5 يوليو 1962 عدة أزمات سياسية، بعضها تم تجاوزه دون أضرار، وبعضها الآخر خلف مئات الجرحي والقتلى، علاوة على كلفتها الاقتصادية والاجتماعية.
إليكم أهم الأزمات السياسية التي هزت الجزائر منذ سنة 1962:
1/ أزمة الصيف:
أُعلن استقلال الجزائر عن فرنسا بشكل رسمي يوم 5 يوليو 1962 بعد مفاوضات ماراطونية جرت بين الحكومة الجزائرية المؤقتة والسلطات الفرنسية.
وبعيد أيام قليلة من ذلك التاريخ، اندلع صراع سياسي كبير بين الحكومة المؤقتة برئاسة يوسف بن خذة وقيادة أركان جيش التحرير، التي كان يشرف عليها العقيد هواري بومدين.
من أسباب هذا الصراع هو قرار اتخذته الحكومة المؤقتة يقضي بحل هيئة أركان جيش التحرير، تحضيرا لعملية هيكلة الجيش الجديد وبناء مؤسسات الدولة بعد الاستقلال، إلا أن العقيد هواري بومدين لم يستسغ الأمر.
دخلت الحكومة المؤقتة في صراع مع قيادة جيش التحرير التي كانت قواتها متمركزة بمدينة وجدة المغربية، قبل أن تنشب مواجهات مسلحة بين الطرفين وتتسبب في عدة جرحى وقتلي.
تمكن العقيد هواري بومدين، في نهاية المطاف، من حسم الصراع لصالح الجيش بعد تحالفه مع قادة تاريخيين لثورة التحرير، يتقدمهم الرئيس أحمد بن بلة، ومحمد خيضر.
اننهى الصراع بإجراء أول انتخابات في تاريخ الجزائر المستقلة، توجت أحمد بن بلة رئيسا للجمهورية الجزائرية سنة 1963.
2/ التصحيح الثوري:
"شهر العسل" الذي رسمه التحالف القائم بين الرئيس أحمد بن بلة والقائد السابق لأركان جيش التحرير هواري بومدين لم يدم طويلا.
ففي 19 يونيو 1965، أعلن الأخير، الذي أصبح وزيرا للدفاع، انقلابا عسكريا على الرئيس أحمد بن بلة، أطلق عليه "التصحيح الثوري".
ظلت الجزائر خلال هذه الفترة بدون منصب رئيس جمهورية، وخضعت لتسيير "مجلس الثورة" الذي ترأسه بومدين طيلة أزيد من 10 سنوات.
في نهاية سنة 1976، نظمت الجزائر انتخابات رئاسية جديدة فاز بها هواري بومدين وظل في منصبه إلى غاية وفاته في 27 ديسمبر 1978، ليخلفه الشاذلي بن جديد الذي كان يشغل منصب عضو مجلس الثورة وقائد الناحية العسكرية الثانية.
3/ من الديمقراطية إلى الإرهاب
ظل الوضع السياسي في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد مستقرا إلى حد بعيد، وشهدت نهاية مرحلته انفتاحا كبيرا توج بالمصادقة على دستور 1989، الذي كرس الخيار الديمقراطي.
سمح هذا الوضع بتشكيل عدة أحزاب سياسية ومنابر إعلامية مستقلة، كما تم خلاله تنظيم انتخابات تعددية عادت فيها الغلبة للتيار الإسلامي ممثلا في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، التي فازت بالانتخابات المحلية، وبالدور الأول من تشريعيات 1991.
في شهر يناير 1992، كان مقررا إجراء الدور الثاني لهذه الانتخابات، لكن لأسباب تبقى مجهولة لحد الساعة أعلن الرئيس الشاذلي بن جديد استقالته من منصبه.
تشكل بعدها المجلس الأعلى للدولة الذي عادت رئاسته لمحمد بوضياف، أحد قادة ثورة التحرير، قبل أن يُغتال في صيف 1992.
شهدت هذه المرحلة فراغا في مؤسسات الدولة، قابله صراع دموي مرير خلف آلاف الضحايا والجرحي.
تقرر في سنة 1994 تعيين وزير الدفاع آنذاك، ليامين زروال رئيسا للدولة، قبل أن يعاد انتخابه رئيسا للجمهورية في سنة 1995.
4/ مفاجأة زروال
كان من المفترض أن تنتهي أول عهدة انتخابية للرئيس ليامين زروال في سنة 2000، إلا أن الأخير قرر تقليص فترته بشكل مفاجئ وأعلن عن استقالته في نهاية 1998، وتنظيم رئاسيات مبكرة.
الإجراء أثار موجة من التساؤلات في الساحة السياسية وحتى الأمنية، على خلفية التوتر الكبير الذي كانت تعرفه الجزائر وقتها بفعل تواصل نشاط الجماعات الإرهابية في العديد من المناطق.
مثلت استقالة الأخير حالة استثنائية في تاريخ الجزائر المستقلة، إذ كان أول رئيس يتنازل عن السلطة، لكنه بقي في منصبه إلى غاية تنظيم انتخابات رئاسية في أبريل 1999، وهو تاريخ الاستحقاقات التي فاز بها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وظل في منصبه طوال 4 عهدات متواصلة حتى استقالته شهر أبريل الماضي.
المصدر: أصوات مغاربية