شهد قطاع العدالة بالجزائر، أمس الإثنين، تغييرات مست أهم منصبين في المحكمة العليا، أكبر هيئة في سلك القضاء الجزائري.
وأفاد بيان صادر عن رئاسة الدولة بأن الرئيس عبد القادر بن صالح أمر بتعيين عبد الرشيد طبي رئيسا أول للمحكمة العليا، وعبد الرحيم مجيد نائبا عاما لدى المحكمة العليا.
كما أجريت أيضا تعديلات أخرى طالت منصب مدير الموارد البشرية بوزارة العدل والمفتشية العامة، إضافة إلى بعض المجالس القضائية الأخرى.
وجاءت هذه القرارات بالتوازي مع التحقيقات التي تقوم بها مصالح العدالة بخصوص قضايا الفساد والتي انتهت، إلى حد الساعة، بوضع عدد من رجال الأعمال في الحبس المؤقت.
مقابل ذلك، أفادت وسائل إعلام محلية بأن التحقيق مع بعض المسؤولين السامين السابقين في الدولة، أحمد أويحيى ووزراء آخرين، يبقى مستمرا، إذ من المنتظر أن يمثل الوزير الأول الجزائري السابق غدا الأربعاء أمام المحكمة العليا.
ملفات الفساد
قال المحامي والناشط الحقوقي، حسان إبراهيمي، إن التغييرات الجديدة التي أعلن عنها بن صالح "لها علاقة مباشرة بالتحقيقات في قضايا الفساد التي تعرفها الجزائر مند أزيد من شهرين".
وأضاف إبراهيمي، في تصريحات لـ"أصوات مغاربية": "السلطة الحالية لا تبدو أنها مرتاحة لأداء بعض الموظفين في جهاز القضاء على خلفية العلاقات التي تجمعهم برموز النظام السابق ومسؤوليه".
وأكد الناشط الحقوقي الجزائري أن "الهدف الأول من هذه التغييرات هو تسريع وتيرة الإجراءات القانونية التي يجب أن تتخذ ضد كل مسؤول سام يثبت تورطه في قضايا الفساد والإضرار بالمصالح العليا للدولة".
"بعض المتورطين في قضايا الفساد يستفيدون من مبدأ الامتياز القضائي بحكم المناصب السامية التي كانوا يشغلونها في وقت سابق، وبالتالي فإن الإجراءات القانونية تفرض على الجهات القضائية تحويل ملفاتهم على العليا التي ستتولى التحقيق في ما نسب إليهم من تهم"، يستطرد المتحدث.
ويؤكد المحامي إبراهيمي أن "بعض القضاة والموظفين في القضاء كانوا متواطئين مباشر أو غير مباشر مع المتهمين الآن في ملفات الفساد، وهو الأمر الذي فرض هذه التعديلات الأخيرة".
السلطة العميقة
أما أستاذ العلوم السياسية، إسماعيل معراف، فيعتبر أن الأمر يؤشر على "تواصل الصراع بين سلطة الأمر الواقع الحالية، ممثلة في قائد أركان الجيش، وبين رموز السلطة العميقة المحسوبة على الفريق محمد مدين، القائد السابق لجهاز المخابرات".
ويفيد معراف، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن "السلطة التي تحكم الجزائر في الظرف الراهن لا تريد رؤية أي أثر لأتباع السلطة العميقة داخل المؤسسات المهمة في الدولة، خاصة القضاء، ما جعلها تعلن عن هذه التعديلات".
وفق أستاذ العلوم السياسية فإن التغييرات التي تعرفها بعض مؤسسات الدولة "سوف لن تتوقف عند القضاء، بل ستتوسع في الأيام القادمة لتشمل كل مؤسسات الدولة، خاصة الحساسة منها".
وأضاف معراف: "لا يمكن استقراء الآثار المباشرة لهذه القرارات على الحراك الشعبي الذي تعرفه الجزائر، كون المسألة مرتبطة بأوراق خارجية يجسدها التنافس الموجود بين فرنسا والولايات المتحدة بخصوص رعاية مصالحهما في المنطقة المغاربية".
المصدر: أصوات مغاربية