فجّرت مقترحات لتعديل القانون الانتخابي في تونس، قبيل أشهر من إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، نقاشات واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية.
ويعارض مرشحون للرئاسيات وأحزاب سياسية مقترحات التعديل الجديدة التي اعتبروها "إقصائية"، في الوقت الذي دافع فيه آخرون على ضرورة تعديل القانون الانتخابي القديم لتلافي نقاط ضعفه.
محتوى التعديلات
نشرت وسائل إعلام محلية وثيقة تتضمن جملة من التعديلات المتعلقة بالقانون الانتخابي في تونس.
ومن بين التعديلات المقترحة أنه "لا يقبل الترشح للانتخابات الرئاسية لكل شخص تبين للهيئة قيامه أو استفادته خلال السنة التي تسبق الانتخابات بأعمال تمنعها الفصول 18 و19 و20 من المرسوم المتعلق بتنظيم الأحزاب".
وتشمل هذه الفصول منع " كل حزب سياسي تقديم أية امتيازات مالية أو عينية للمواطنين أو للمواطنات، وقبول التمويلات من الجهات الأجنبية"..
كما تم اقتراح بعض التعديلات الأخرى من بينها رفض ترشحات " الداعين إلى العنف والتمييز والتباغض والممجدين لسياسات الدكتاتورية وممارسات انتهاك حقوق الإنسان".
رفض تنقيح القانون
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر المنظمات النقابية بالبلاد، قد اعتبر أن الرغبة في تنقيح القانون الانتخابي أربعة أشهر قبل الموعد الانتخابي "متأخّرة ومن شأنها أن تفاقم من حدّة التجاذبات السياسية وأن تعمّق تعكّر المناخات وتفسد العمليّة الانتخابية برمّتها".
وعبّر الاتحاد عن "مخاوفه من أنّ التعلّل بتنقيح القانون الانتخابي يهدف إلى ضرب الموعد الانتخابي القادم، ومن أنّ التمسّك بتنقيح فصول بعينها في انتقائية واضحة قد يخفي دوافع وحسابات انتخابية صرفة".
ودعا الاتحاد في بيان له "إلى تأجيل هذه التنقيحات وفتح حوار واسع لاحقا حول القانون الانتخابي بعيدا عن الضغوطات الانتخابوية وضمانا لتعديلات عميقة واستراتيجية وهادئة تسهم في نجاح البناء الديمقراطي".
وترى شخصيات سياسية مرشحة للانتخابات، من بينها المرشح الرئاسي نبيل القروي، أن التعديلات المقترحة تهدف إلى إقصائها من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تجري الخريف المقبل.
واعتبر المكتب الإعلامي للمرشح الرئاسي نبيل القروي في بيان حصلت "أصوات مغاربية" على نسخة منه، أن "ما يحدث اليوم تحت قبّة البرلمان من سعي محموم للكتلة النيابيّة التّابعة لرئاسة الحكومة وحزب تحيا تونس وحلفائها لفرض تمرير تعديلات وتنقيحات على القانون الانتخابيّ مؤشر خطير لعودة الديكتاتوريّة".
وأشار البيان إلى أن "تعدّد المحاولات لإدراج تعديل على القوانين الانتخابيّة بشكل انتقائيّ إقصائيّ وخصوصا ما تعلّق منها بشروط الترشح رغم انطلاق المسار الانتخابيّ فعليّا .. يعدّ انقلابا على المعايير الدّوليّة والأعراف الديمقراطية وعملا إقصائيّا يستهدف منافسا بعينه" .
الخرايفي: تجاوز للنقائص
وتعليقا على هذا الجدل، قال عضو حركة تحيا تونس رابح الخرايفي أن مشروع القانون لا يستهدف أسماء بعينها، بقدر ما يهدف إلى تلافي النقائص التي يشملها القانون الانتخابي للعام 2014.
ويرى الخرايفي أن "التنقيح الجديد يشمل وجوبية التصريح بالمكاسب والاستظهار بما يُفيد خلاص الضرائب المتوجبة على الأشخاص المتقدمين إلى مناصب عليا في الدولة".
وأوضح "يمنع القانون أيضا الإشهار السياسي بكل أنواعه بما في ذلك الإشهار عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة".
ويعتبر الخرايفي أن "منع المرشحين الذي يمجدون الاستبداد أو الإرهاب لا يتنافى مع المعايير الديمقراطية، إذ تمنع العديد من التجارب المقارنة المرشحين الذين يثبت تمجيدهم للإرهاب أو الديكتاتورية من الترشح للمناصب الحكومية".
الشواشي: التخوف من الشعبوية
في المقابل، قال النائب والأمين العام السابق للتيار الديمقراطي المعارض، غازي الشواشي، إن "تنقيح القانون الانتخابي في سياق تخوف الطبقة الحاكمة من الأطراف الشعبوية التي تستغل الجمعيات والعمل الخيري، وتستثمر في الفقر لتحقيق طموحاتها السياسية".
وأضاف الشواشي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "الشعبوية خطر حقيقي على التجربة الديمقراطية، فلا مشاريع حقيقية لإنقاذ البلاد يحملها الشعبويون في ظل قربهم من دوائر الفساد".
وتابع السياسي ذاته "نطالب في التيار الديمقراطي بسن قوانين صارمة تحصّن التجربة الديمقراطية من المال الفاسد المتأتي من الخارج، بعيدا عن منطق الإقصاء من خلال قوانين على المقاس".
المصدر: أصوات مغاربية