احتجاج سابق لأعضاء العدل والإحسان وضمنهم ابنة مؤسسها عبد السلام ياسين
احتجاج سابق لأعضاء العدل والإحسان وضمنهم ابنة مؤسسها عبد السلام ياسين

يتواصل مسلسل الشد والجذب بين السلطات المغربية وجماعة العدل والإحسان الإسلامية المعارضة.

آخر فصول الخلاف اتهام الحكومة للجماعة بالوقوف وراء احتجاج الطلبة الأطباء وتحريضهم على مقاطعة الامتحانات.

بالموازاة مع ذلك، لجأت السلطات المغربية إلى تشميع منازل بعض المنتمين للجماعة بمدن مختلفة، تزامنا مع توقيف بعض الأساتذة الذين تبين لاحقا أنهم ينتمون للعدل والإحسان، وفق ما أكدته هذه الجماعة.

صراع سياسي

يوضح أستاذ العلوم السياسية، محمد شقير، أن "التشميع" هو مصطلح قانوني يحيل على إجراء تقوم به الدولة لمنع تجمعات سرية أو وقف أنشطة غير مرخص لها.

​​غير أن شقير يضيف مستدركا: "لكن في الحالة المتعلقة بتشميع بيوت المنتمين لجماعة العدل والإحسان، فالمسألة لا تقتصر على البعد القانوني فقط بل تتجاوزه إلى بعد سياسي مرتبط أساسا بصراع بين الجماعة المعارضة والسلطات المغربية يأخذ أشكالا متعددة من بينها تشميع البيوت".

وتعود خطوة السلطات لتشميع بيوت المنتمين للعدل والإحسان إلى سنوات خلت، حينما تم تشميع بيت الأمين العام للجماعة محمد العبادي بمدينة وجدة شرق المغرب.

وفي هذا الصدد، يبرز شقير، في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، أن "هذا الإجراء يظل عبارة عن وسيلة فقط من بين العديد من الوسائل التي تسعى من خلالها الدولة للتضييق على أنشطة الجماعة".

وحول ما إذا كان هذا الإجراء قد يقزم فعلا من تواجد الجماعة في المشهد السياسي المغربي أو أنه يزيدها إشعاعا، يقول الباحث: "الثابت في الأمر هو أنه في كل مرة تشتد فيها الأزمة بين الطرفين تلجأ الدولة لتشميع بيوت المنتمين للجماعة، لكن طبعا تبقى الجماعة ذات قوة سياسية وتنظيمية كبرى، ولديها العديد من الأساليب والوسائل التي توجه بها تضييق السلطات، وبالتالي فمسألة التقزيم من حضورها تبقى مستبعدة".

نحو المجهول

من جانبه، خرج مجلس الإرشاد بجماعة العدل والإحسان نهاية الأسبوع الماضي ببلاغ حول هذه التطورات الأخيرة.

​​وطالب البيان "الجهات المعنية برفع يدها عن بيوت أعضاء العدل والإحسان" مع "فتح البيوت المشمعة منها أمام أصحابها وذويهم وأبنائهم".

وحذرت الجماعة من أن تؤدي ما وصفتها بالانتهاكات بالبلد "إلى المجهول، وتزج به في مسار التأزيم"، مضيفة أنها "ماضية في طريقها الذي اختارته، موقفا شرعيا وسياسيا واضحا من الاستبداد والفساد، انحيازا صريحا لقضايا الشعب ومطالبه العادلة".

قانونية التشميع

من جانبه، يؤكد المحامي بهيئة الدار البيضاء والمنتمي لجماعة العدل والإحسان، الحسن السني، أن الإشكال المطروح في قرار تشميع دور أتباع الجماعة هو أنه "لا يصدر بقرار المحكمة بل يصدر عن سلطة إدارية لا تملك حق الإغلاق".

ويضيف السني: "في غياب أي ضمانات تحقيق نزيه عما ينسب للجماعة من طرف الجهات المختصة أي المحكمة من أجل معرفة الأسباب الكامنة وراء تشميع البيوت ومدى صحتها وقانونيتها، يتم القفز على جميع هذه المساطر وتصبح الإدارة في شخص العامل هي من تتحكم في تدبير هذا الملف وينزل القرار بشكل عمودي".

ويزيد المتحدث موضحا: "بقليل من الموضوعية، الجماعة ينسب إليها عقد اجتماعات عمومية، فيما ترد هي على أنها اجتماعات خصوصية يؤطرها ظهير تأسيس الجمعيات الذي ينص في الفصل الخامس منه على أن الاجتماعات التي تنظمها الجمعيات معفاة من التصريح، أي عندما تعقد الجمعية نشاطا في البيت أو داخل مقرها أو نادي فهي معفاة من التصريح بذلك لأي أحد، فيما يرى العامل (ممثل السلطات المحلية) أو الإدارة عموما أن أعضاء الجماعة يعقدون اجتماعا عموميا في بيت، وهو ما يستوجب الإغلاق".

​​ويؤكد السني، في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، على أن قانون التجمعات العمومية لا ينص على الإغلاق كتدبير، مضيفا: "كما سبق وأن أشرت، الإغلاق يجب أن يكون تدبيرا قانونيا من طرف المحكمة يعطي للجماعة حق الدفاع عن المنسوب إليها، لا أن يصدر من طرف الإدارة".

بين النظام والفوضى

عكس ذلك، يعتبر المحامي بهيئة الرباط، محمد كروط، أن من حق الإدارة أن تصدر أي قرار وتنفذه، بما في ذلك قرارات تشميع المنازل، مضيفا: "من لم يعجبه الأمر يطعن فيه أمام القضاء الإداري، ويعمل على إيقاف التنفيذ في ظرف أسبوع".

"لأوضح أكثر؛ مثلا الإدارة أصدرت قرارا يمنع على ساكنة منطقة ما أن تتنقل بسبب وباء ما، فهل هذا القرار عليه أن يصدر عن المحكمة؟"، يردف كروط متسائلا.

ويتابع المحامي، في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، قائلا: "بغض النظر عن ما إذا ارتبط الموضوع بجماعة العدل والإحسان أو غيرها فعلى الجميع احترام دولة الحق والقانون بما في ذلك السلطات، وإلا سنصبح في دولة الفوضى".

لكن السؤال الذي يطرحه نفسه، وفق كروط هو ما مدى قانونية الجماعة، إذ يقول: "هم يعيبون على الدولة تشميع بيوتهم بدون موجب قانون، لكن هل وضعيتهم قانونية؟ هل يشتغلون وفق القانون؟ فكيف لك أن تكون غير مرخص لك ورغم ذلك تقوم بتنظيم أنشطتك؟ وكيف يمكن للقانون أن يحميك وأنت غير قانوني وممنوع من ممارسة أنشطتك؟".

ويختم المحامي تصريحه بالتأكيد على أن "الدستور، الذي يعد أسمى وثيقة في المغرب، يؤكد على أن القانون أسمى تعبير عن إرادة الأمة، وعلى الجميع أن يمتثل له سواء الدولة أو الأفراد أو الجماعات، بمن فيهم جماعة العدل والإحسان، وإلا سنصبح داخل مجتمع فوضوي".

 

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة