- اتّهم القاضي الجزائري السابق حبيب عشي، وزيري العدل السابقين، الطيب بلعيز والطيب لوح، بـ"إضعاف" منظومة العدالة في البلاد. وتحدّث عشّي، في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية" عن التحقيقات الجارية حاليا في قضايا فساد، كما كشف عن "التضييق والعنف"، اللذين تعرض لهما من مسؤولين في وزارة العدل وتدخّل الأمم المتحدة في قضيته ثم لجوئه إلى فرنسا والاستقرار هناك.
نص الحوار:
يصف البعض المتابعات القضائية الحالية في ملفات الفساد بأنها "تصفية حسابات"، فيما يراها آخرون ضرورة لمحاسبة من يثبت تورّطهم. ما تعليقك كقاض سابق على ما يحدث؟
حاليا نحن في مرحلة التحقيق مع مسؤولين في قضايا فساد ورشوة ولم نصل إلى المحاكمات بعد.
شخصيا أتّفق مع ما يجري والتحقيق يسير في الطريق الصحيح، لكني لا أستطيع الجزم بأن ما يحدث هو تصفية حسابات أو هو مسار لتهدئة الشارع الثائر، والأيام ستكشف الحقيقة.
الشخصيات المتابعة قضائيا ثقيلة جدا بينهم وزيران أولان ووزراء ورجال أعمال وجنرالات. هل صار القضاء قويا لدرجة أن يحاكم هؤلاء؟
قلتُ بأنني أتفق مع التحقيقات دون استثناء أحد، لكنني أتحفّظ كثيرا على متابعة رجلين هما الجنرالان حسين بن حديد وعلي غديري.
أتساءل عن الجريمة التي ارتكباها حتى يلاحقا؟ هذان الرجلان عارضا السلطة في فترة حكم بوتفليقة، وأدليا برأييهما في الكثير من القضايا السياسية وهما مثقفان بدرجة عالية ولديهما تطلعات سياسية تصل إلى المنافسة على منصب رئيس الجمهورية.
على هذا الأساس أرى أن متابعتهما جاءت بسبب مواقفهما وليس بما وُجّه إليهما من تهم تتعلق بإضعاف الروح المعوية للجيش وتسليم معلومات اقتصادية لجهة خارجية، فأية معلومات اقتصادية هذه التي يملكها عسكري متقاعد حتى يسلمها لجهة خارجية!؟
برأيك، من الذي يتحمّل مسؤولية هذا الكم الهائل من قضايا الفساد في البلد؟
هناك رجلان يتحمّلان مسؤوليات إضعاف جهاز العدالة في الجزائر هما وزيري العدل السابقين الطيب لوح والطيب بلعيز.
كل الملفات الحساسة التي تُفتح يتدخّل أحدهما ويأمر بوقف التحقيق فيها. لقد انهارت المنظومة القضائية في فترة الرئيس السابق وصار لزاما أن نذهب إلى عدالة انتقالية حاليا من أجل التأسيس لجهاز قضائي نظيف.
القضاء في فترة الرئيس السابق صار تابعا للسلطة التنفيذية ولم يمتلك سلطته بيده، لذلك انفجر اليوم هذا الكم الهائل من قضايا الفساد.
كنتَ ضحية "مضايقات" تسببتْ في هجرتك، هل تطلعنا على ما حدث لك؟
بدأت معاناتي بسبب ملفّي فساد تابعتهما كقاض وفتحت تحقيقات فيهما.
كنت قاضيا في ولاية سوق أهراس (شرق)، في 2004 منح الرئيس السابق مبلغ 80 مليار سنتيم، للولاية حتى تنجز مسبحا للشباب، لكن هذا المبلغ اختفى، وبعد التحقيق اتضح أن الوالي هو الذي اختلسه، وبسبب هذا تعرضت للاعتداء وغادرت منصبي.
حققت قبل ذلك في قضية إنجاز مشروع لتمكين سكان منطقة حدودية بين الجزائر وتونس لتوفير المياه، خُصص له غلاف مالي قدره 1500 مليار سنتيم، لكن هذا المبلغ اختفى بل إننا لم أستطع مواصلة التحقيق فيه!
هل تقدمت بشكاوى وكيف كان رد السلطات القضائية العليا؟
نعم، رفعت شكواي إلى وزارة العدل، لكن حدث أمر خطير. لقد اعتدى علي المفتش العام لوزارة العدل جسديا ومعنويا في مكتبه.
رفعت قضيتي إلى الأمم المتحدة في جنيف، فتدخلت فورا وطلبت من السلطات الجزائرية فتح تحقيق مستقل في قضيتي ورد الاعتبار لي وكان هذا في 2016 لكن الأخيرة لم تستجب، وكانت النهاية أن غادرت بلدي.
- المصدر: أصوات مغاربية