أزيد من 7000 هو عدد اللاجئين في المغرب، حيث عرف الرقم ارتفاعا بنسبة فاقت 400% خلال الفترة بين سنتي 2014 و2017، بحسب معطيات لمكتب المفوضية العليا للاجئين بالرباط.
وبفضل التسوية القانونية لأوضاعهم، التي تتيح لهم متابعة حياتهم بشكل طبيعي، فإن نسبة مهمة من هؤلاء اللاجئين الذين غادروا بلدانهم هربا من الحرب والعنف، اختاروا الاستقرار في المغرب وتأسيس حياة جديدة فيه، بعدما كان مجرد نقطة عبور نحو الضفة الأخرى من المتوسط.
ذكريات دامية
في الثامن من شهر أكتوبر من السنة الماضية، وصلت لاسيدا جيسيكا إلى المغرب، بعد رحلة مضنية وطويلة من وطنها الأم، أفريقيا الوسطى، بحثا عن وطن تنعم فيه بالأمن والسلام.
لا تنسى لاسيدا أبدا تفاصيل حكايتها الممزوجة بالدم والدموع، والتي بدأت أطوارها في أحد أيام السنة الماضية، حين هاجم بيتها ثلاثة أشخاص من المحسوبين على الميليشيات المعروفة بـ"أنتي بالاكا".
"حاولت والدتي مساعدتي ولكنهم قتلوها، اغتصبوني، خربوا بيتنا وحطموا حياتنا.. فقدت كل شيء في لحظة".
هربا من الحرب والعنف ومن ذكريات مؤلمة لا تزال تلاحقها حتى الآن، غادرت لاسيدا بلادها.
رحلة الوصول إلى المغرب، التي تفضل عدم الخوض في تفاصيلها "لم تكن سهلة" وهي الأخرى تركت ندوبا في ذاكرتها، مع ذلك هي تؤكد أنها اليوم أفضل حالا.
"أعيش في بيت حماية، أنا أفضل حالا الآن"، تقول لاسيدا، التي تحلم بأن تتمكن من علاج المشاكل الصحية التي تعانيها بسبب الاغتصاب الوحشي الذي تعرضت له، وبناء حياتها من جديد.
حياة أفضل
أفريقي، مسلم ومثلي، هذه العبارات كفيلة بتلخيص قصة مامادو، المنحدر من غينيا كوناكري، والذي هرب من بلاده بعد تهديده بالقتل من طرف أسرته.
"أسرتي مسلمة، وبمجرد علمها بميولي الجنسية هددتني بالقتل"، يقول مامادو الذي يعيش في المغرب منذ أزيد من سنتين.
لم تتقبل أسرة مامادو المسلمة الملتزمة ميول ابنها الجنسية المختلفة، كما لم تتقبل ولعه بالفن والموسيقى والرقص، ما دفعه إلى مغادرة بلاده بحثا عن وطن يحتويه ويتقبله كما هو.
"جماعتي لا يتقبلونني بل إنهم يكرهونني بسبب ميولي الجنسية"، يقول مامادو في إشارة إلى باقي المهاجرين واللاجئين المنحدرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الذين يعيشون في المغرب.
أما المغاربة، فهو يؤكد أنه نادرا ما يتعرض لمواقف مماثلة في تعامله معهم، "الحمد لله أنني هنا، حياتي كانت في خطر، ولكنني بخير الآن ولا أفكر في مغادرة المغرب ما دمت أعيش بسلام كما أنا".
رحلة صعبة
رحلة طويلة تتخللها محطات كثيرة، خاضها إسحاق، انطلقت أواخر سنة 2015 من السودان مرورا بليبيا والنيجر ثم الجزائر، قبل أن يحط الرحال قبل أشهر قليلة في المغرب.
يقول إسحاق إنه غادر السودان بسبب المشاكل التي تتخبط فيها، حيث قرر البحث عن وطن يعيش فيه حياة أفضل، ليواجه في رحلة البحث تلك مشاكل لم يكن حتى يتخيلها.
"في ليبيا تمت المتاجرة فينا"، يقول إسحاق دون أن يخوض أكثر في تفاصيل تلك المحطة التي يرغب في نسيانها، بعد ذلك توجه نحو النيجر، حيث لم تكن الحياة أفضل.
في الجزائر أيضا واجه إسحاق مشاكل بسبب عدم توفره على وثائق تثبت هويته، "كنت أتوفر على المال ولكن لم أستطع استئجار بيت لأنني لا أتوفر على أوراق ثبوتية، لذلك اضطررت للمبيت في الشارع، فتعرضت لاعتداء من طرف أشخاص سلبوني كل ما أملك".
آخر محطة في رحلة إسحاق، هي المغرب، الذي وصل إليه منذ أشهر قليلة والذي يأمل أن تتوفر فيه الظروف التي تسمح له بعيش الحياة التي يحلم بها.
بلد استقرار
تعتبر مؤسسة "شرق غرب" من المؤسسات البارزة التي تنشط في مجال الهجرة واللجوء بالمغرب، إذ يصل عدد اللاجئين الذين يستفيدون من خدماتها التي تشمل الجوانب النفسية والاجتماعية والتربوية، إلى 3 آلاف لاجئ، بحسب ما يوضحه المسؤول عن القطب البيداغوجي في المؤسسة، امحمد عزيزي.
أغلب هؤلاء اللاجئين ينحدرون من سوريا واليمن بالإضافة إلى بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، خاصة الكونغو وكوت ديفوار.
وتسعى المؤسسة من خلال الخدمات التي تقدمها، بالتعاون مع عدة شركاء محليين ودوليين، إلى الاستجابة للاحتياجات الأساسية للاجئين، "التي يعبرون عنها خلال حصص الاستماع، ومن بينها بالخصوص السكن والشغل والتعليم إلى جانب المساعدة النفسية".
بفضل توفر شروط أساسية تمكنهم من التأسيس لحياة جديدة، أصبح المغرب بلد استقرار بالنسبة للعديد من اللاجئين وليس مجرد نقطة عبور نحو أوروبا.
المسؤول بمؤسسة "شرق غرب"، امحمد عزيزي، يؤكد هذه الفكرة ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، إذ يقول إن "الفئة التي تعتبر المغرب مجرد نقطة عبور قد تقلصت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة مقابل ارتفاع نسبة اللاجئين الذين يفضلون الاستقرار فيه".
المصدر: أصوات مغاربية