قالت رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي، الناشطة الحقوقية زبيدة عسول، إن المتابعات القضائية في حق حاملي الرايات الأمازيغية "باطلة قانونا".
وأكدت عسول، في حوار مع "أصوات مغاربية"، أن "جهات تسعى لتشتيت الثورة السلمية للجزائريين وحراكهم من خلال افتعال هذه القضية".
نص الحوار:
ما رأيك في المتابعات القضائية في حق مجموعة من الناشطين الجزائريين على خلفية حملهم للرايات الأمازيغية خلال المظاهرات؟
قبل الحديث عن هذه الإجراءات القانونية، يجب طرح مجموعة من الأسئلة المهمة المتعلقة بواقع الملف الأمازيغي وموقف النصوص الدستورية منه.
الدولة الجزائرية تبنت القضية بواسطة نصوص واضحة تضمنها الدستور الأخير الذي تمت المصادفة عليه، فلقد اعترفت بالأمازيغية لغة وطنية ورسمية، كما جعلت من رأس السنة الأمازيغية يوما وطنيا مدفوع الأجر.
هذا الأمر يؤكد وجود تصالح بين الجميع بخصوص القضية الأمازيغية التي تعتبر جزءا من الهوية الجزائرية، ولا يمكن لأي جهة أن تقول عكس ذلك.
وإذا اتفقنا حول هذه المسألة، فلا يعقل أبدا أن نسمع في بلادنا عن متابعة مواطنين لم يرتكبوا أي جرم سوى أنهم حملوا الرايات الأمازيغية التي تعبر عن هوية شعب وأصوله.
لا بد أيضا من الإشارة إلى نقطة جوهرية تخص الإجراءات التي اعتمدت عليها مصالح العدالة في متابعة بعض الشباب الذين حملوا الرايات الأمازيغية، فهنا أؤكد أن القانون الجزائري يفتقد لأي مادة قانونية صريحة تكيف تهمة حاملي هذه الرايات أو تحدد عقوبة ضد من يقوم بهذا الفعل.
المسألة حقيقة مثيرة للجدل، وتدفعنا للتساؤل على أي أساس سيتم متابعة هؤلاء الشباب، وأي تهمة ستوجه لهم، وأيضا ما طبيعة العقوبة التي تنتظرهم.
التقيت منذ لحظات فقط بعائلة أحد المعتقلين وأكدت لي أن ابنها المحبوس لم يكن يحمل الراية الأمازيغية أصلا، بل كان يخبئها داخل حقيبة، ومع ذلك تم اعتقاله.
ما يجري في الجزائر هذه الأيام أمر خطير، غير قانوني ومخالف للنصوص الدستورية.
لكن ما هي التهمة الحقيقية والرسمية التي وجهت لهؤلاء؟
صدقني هناك غموض كبير حول هذه القضية، وتضارب كبير في المعلومات حولها.
الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أشارت في أحد بياناتها إلى تهمة التعدي على الهيئات النظامية، في حين أن الموقوفين كانوا يتظاهرون بشكل سلمي وحضاري بشهادة الجميع.
أطراف أخرى تتحدث أيضا عن توجيه تهمة المساس بالوحدة الترابية للبلاد ضد الموقوفين، وهنا نتساءل عن الوقائع التي تم على أساسها توجيه تهمة ثقيلة بهذا الحجم للشباب الموقوفين.
أعتقد أن هناك مخططا واضحا لجهات داخل السلطة تسعى لتشتيت الثورة السلمية للجزائريين وحراكهم الحضاري من خلال افتعال مثل هذه القضايا.
وكم هو عدد الأشخاص الذين تم توقيفهم لحد الساعة؟
تم توقيف 24 شخصا في الجزائر العاصمة لوحدها. الملفات عالجتها محكمتا سيدي امحمد وباب الواد.
ليست لدي معلومات دقيقة حول ما وقع في باقي ولايات الوطن، لكن سمعت من بعض النشطاء الآخرين أنه تم توقيف بعض المتظاهرين بنفس التهمة، لكن سرعان ما تم إخلاء سبيلهم لدى مصالح الشرطة. الأمر هذا حدث في مدينة وهران حسب معلوماتي.
وهذا الأمر في حد ذاته يطرح أكثر من علامة استفهام عن سر الازدواجية في طريقة معاملة مواطنين يحتكمون لنفس القانون والدستور.
في نظرك، كيف ستؤثر هذه المتابعات القضائية على الحراك الشعبي؟
لا أعتقد أن تكون لها تأثيرات كبيرة ومباشرة على الحراك لسبب واحد وبسيط، كون أن جميع الجزائريين مقتنعون بعدالة المطالب التي يرفعونها.
هم يسعون لتغيير النظام السياسي القائم، وإقامة دولة الحق والحريات عبر وسائل سلمية وحضارية.
هم يدركون أيضا أن عملية متابعة بعض النشطاء بتهمة الراية الأمازيغية تسعى لتشتيتهم وإضعافهم، لذا أقول إن أصحابها سيفشلون.
نتمنى أن تتعقل بعض الأطراف داخل السلطة وتُغلب لغة التهدئة وتمشي في طريق الحوار الذي من شأنه أن يجمع بين الجزائريين ويوحدهم.
المصدر: أصوات مغاربية