تفاعل في الجزائر خلال الأيام الماضية نقاش مرتبط بالعلم الوطني، في سياق منع رفع أعلام أخرى غيره في المظاهرات، بما فيها الراية الأمازيغية.
وفي سياق هذا النقاش، يكشف المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث معلومات جديدة عن العلم الجزائري.
ففي الوقت الذي تسود فيه معلومة مفادها بأن زوجة الزعيم السياسي التاريخي في الجزائر، مصالي الحاج، هي من صممت العلم وخاطته، يقدم بلغيث، في حواره مع "أصوات مغاربية"، معلومة أخرى تميط اللثام عن أصل هذا العلم.
نص الحوار:
ذكرت أن الراية الجزائرية لم تُخطها زوجة زعيم الحركة الوطنية مصالي الحاج، وهذا خلاف ما هو شائع. ما هي الدلائل التي تستند إليها؟
لقد وثّقت ذلك في كتابي "تاريخ الجزائر المعاصر"، واستندت إلى الشهادات الحية التي تمكنت من جمعها.
وتعود البدايات الأولى لظهور الراية الجزائرية إلى حركة نجم شمال أفريقيا في المهجر، فقد كان الجزائريون من بين أكبر الجاليات المهاجرة التي جمعتها هموم النضال الوطني، القادمة من سوريا ولبنان وفيتنام، وكانت مشاركة النجم السياسية قد دفعت بقيادته عام 1934 إلى صنع العلم الخاص به، لتكون له راية تميّزه عن باقي الأطياف القادمة من مستعمرات فرنسا.
لقد كان أول ظهور للعلم الجزائري في تلك السنة بتجمعات نجم شمال أفريقيا في باريس، على شكل راية خضراء بنجمة وهلال أبيض بظلال حمراء.
وماذا عن مصدر الراية، من صممها وخاطها أول مرة؟
إن شكل الراية الوطنية مثلما أشرت إليه سابقا ذكره علي مصالي الحاج، نجل مصالي الحاج، لكن إسناد خياطتها لزوجة مصالي تزوير للتاريخ، وهذه رواية غير دقيقة ولا حقيقية.
أما الشهادات المسجلة التي بحوزتنا فتؤكد بأن من خاطت الراية الجزائرية هي شقيقة المناضل محمد قنانش التلمساني، وهو أحد مناضلي الحركة الوطنية وكان رفيقا لمصالي الحاج.
وقد سجلت شهادته بتلمسان في ماي 1987، لكنه تفادى وقتها قول ذلك، والتسجيلات الموجودة عندي تؤكد، استنادا إلى شهادة مناضل من الحركة الوطنية، أن شقيقة محمد قنانش هي من خاطت العلم الوطني.
وهناك شهادة نقلها المصور دغيدي محمد لحسن في فيديو بحوزتي لمناضل من الحركة الوطنية يقول فيها إن الراية التي رُفعت في "لونتروبول" بفرنسا عام 1934 خاطته شقيقة المناضل محمد قنانش.
ومتى كان أول ظهور للراية الوطنية في الجزائر؟
كان أول ظهور لهذه الراية في الجزائر العاصمة في احتفالات 14 يوليو 1937، حملتها مناضلة مجهولة من مناضلات حزب الشعب، وبعد نهاية الاحتفال اختفت الراية إلى الأبد.
ولما اعتقلت السلطات الاستعمارية قيادة حزب الشعب، يُعتقد أن الشخص المعروف باسم "معروف بومدين" الذي أعلن عن اعتقال قيادة الحزب، هو الذي أخفى الراية، ووفق شهادة محمد قنانش فإن العلم الوطني أُخفي بداخل أفرشة.
وبعد وفاة أرزقي كحال، الذي قاد حزب الشعب بالنيابة في غياب مصالي الحاج، نُقل جثمانه لمنزل المناضل محمد بوذة ببلكور في العاصمة، فقررت حرم مصالي الحاج أن يخرج نعش المناضل أرزقي كحال مُسجّى بعلم حزب الشعب، الذي خاطته شقيقة المناضل محمد قنانش بنص الشهادة التي بحوزتي.
والشهادات متوفرة بالصوت والصورة، أما الذين صنعوا الراية الحالية وسلموها لخياط في حي القصبة في شكلها الحالي المعتمد عام 1945، فهم الشاذلي مكي، شوقي مصطفاي، سماعي عبد الرحمن، والسعيد عمراني.
المصدر: أصوات مغاربية