تتصاعد الأحداث أمنيّا في موريتانيا منذ الإعلان عن فوز مرشح السلطة الجنرال محمد ولد الغزواني بنسبة 52 بالمائة، الإثنين، في الانتخابات الرئاسية، وهو ما رفضته المعارضة واعتبرته تزويرا.
اعتقالات واستدعاء السفراء
شنّت الشرطة الموريتانية حملة اعتقالات، يومي الإثنين والثلاثاء، في صفوف المحتجين، حيث بلغ عدد الموقوفين 99 شخصا، جلهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وفق وسائل إعلام محلية.
وقال وزير الداخلية الموريتاني، أحمدو ولد عبد الله، إن "أجانب تم اعتقالهم أثناء الاحتجاجات، سيتم التحقيق معهم، ومحاكمتهم، وتطبيق أقصى العقوبات فيهم".
واستدعت الخارجية الموريتانية، الثلاثاء، سفراء مالي والسينغال وغامبيا، حيث اجتمع بهم وزير الخارجية إسماعيل ولد الشيخ أحمد وأبلغهم بأن بلاده اعتقلت أفرادا من جالياتهم على خلفية الاحتجاجات الأخيرة، وطلب منهم عقد اجتماعات مع جالياتهم من أجل "تحذيرهم من الخروج على القوانين المحلية، أو المشاركة في أي نشاط سياسي".
قطع الإنترنت والمعارضة ترد
في الوقت ذاته، قالت المعارضة إن الشرطة استعملت الهراوات والقنابل المسيلة للدموع ضد متظاهرين كانوا في مسيرة احتجاجية رافضة لنتائج الانتخابات، ما أدّى إلى إصابة عدد منهم نُقلوا إلى المستشفى.
واستدعى وزير الداخلية الموريتاني، الأربعاء، قادة أحزاب الأغلبية، وطلب منهم "العمل على تهدئة الشارع، وإبعاده عن زعزعة الأمن والاحتقان".
Urgent: #Mauritania has gone offline following earlier widespread mobile internet disruptions; near-total nationwide internet shutdown now in effect as opposition alleges stolen election; incident ongoing #KeepItOn 📉https://t.co/K3nI3fbkQa pic.twitter.com/fbfE4Q4lct
— NetBlocks.org (@netblocks) June 25, 2019
كما انتشرت قوات الدرك والجيش في الشوارع الرئيسة وأغلقت مقرات المترشحين للرئاسيات، وبالموازاة مع هذا قطعت السلطات الإنترنت في البلاد لـ"منع انتشار الشائعات التي تثير الرعب وتحرض على العنف وتزيد الاحتقان"، وفق وسائل إعلام محلية، وهو ما أكّدته منظمة "نيت بلوكس" المتخصصة في الأمن الإلكتروني والحقوق الرقمية.
وقالت "نيت بلوكس" إن اتصالات الإنترنت قُطعت في موريتانيا ولا تزال تشهد انقطاعا، مما يجعلها تنضم إلى نادي الدول التي تتحكم بقطع اتصالات الإنترنت لأغراض سياسية، مثل مصر ومالاوي والكونغو والكاميرون، وغيرها.
ولد الكتّاب: الانتخابات نزيهة والمشاغبون أجانب
في المقابل، قال السفير الموريتاني السابق محمد الأمين ولد الكتاب، إن "الانتخابات الموريتانية كانت نزيهة بشهادة مراقبين دوليين من أوروبا وأفريقيا والجامعة العربية، عدا بعض الشوائب، التي لا تطعن في مصداقيتها"، وفق تعبيره.
وأوضح ولد الكتاب، الذي ترأّس الشبكة الموريتانية لمراقبة الانتخابات سنة 2014، إنه تجوّل في مكاتب انتخابية بالعاصمة نواكشوط بصفته مواطنا موريتانيا دون أن يسجّل أية تجاوزات.
وأضاف في حديث مع "أصوات مغاربية": لدي خبرة في مراقبة الانتخابات، فأنا عضو مؤسس للفريق العربي لمراقبة الانتخابات في الوطن العربي وكنتُ عضو الشبكة العربية لدمقرطة الانتخابات في العالم العربي، وأستطيع القول بأن تنظيم الانتخابات كان جيدا والرئيس الجديد بدأ يتلقى التهاني من نظرائه في دول عديدة.
أما عن الاعتقالات وأعمال الشغب فأفاد ولد الكتّاب بأن السلطات ألقت القبض على موريتانيين اثنين فقط والبقية كلهم مشاغبون من دول أجنبية "قاموا بأعمال سلب ونهب، كما استعملوا الإنترنت من أجل حشد الشارع وتحريض الموريتانيين، لذلك قطعت السلطات الإنترنت حتى لا تنزلق الأمور".
بيرام: انقلاب انتخابي وسنحتج بسلمية
أما المرشح للرئاسيات الموريتانية بيرام ولد اعبيدي، فقد اعتبر أن الوضع في البلاد "متأزّم وخطير بسبب ما قامت به السلطة من إرجاف أمني بعد الانقلاب الانتخابي على إرادة الموريتانيين".
وكشف المتحدث بأن 80 بالمائة من الأصوات فقط تم فرزه وبقيت 20 بالمائة، واستطرد "هذه النسبة المتبقية حقُّنا وهي التي كانت ستنقلُنا إلى الشوط الثاني من الانتخابات وهذا ما خافت منه السلطة، لذلك فرضت على اللجنة المستقلة للانتخابات إعلان النتائج المُزوّرة".
وقال اعبيدي لـ"أصوات مغاربية" إن الشرطة والدرك والقوات المسلحة انتشرت في الشارع ولا زالت فيه، مضيفا "لقد أغلقوا مكاتبنا ونحن لا نزال في مرحلة الطعون ولم تنته الأجواء الانتخابية بعد، كما اعتدوا على مناضلينا داخل المقرات بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع.. الحقيقة إن البلاد تعيش حالة طوارئ دون الإعلان عنها، لقد تحوّلوا إلى ميليشيات!"
وانتقد اعبيدي استدعاء سفراء دول أفريقية واعتقال مواطنين من هذه الدول بحجة قيامهم بأعمال شغب، فقال "وزيري الداخلية والخارجية قالا إن مواطنين من دول جارة قاموا بأعمال شغب واعتقلوهم واستُدعي سفراء، أقول إن هذا سلوك غير مسؤول من مسؤولين في الدولة وهو مجازفة بعلاقاتنا مع هذه الدول، بل هي محاولة لتحويل أنظار الرأي العام الوطني والدولي عن الانقلاب".
وعن ردّ فعل المعارضة في الأيام المقبلة، قال إن المترشحين سيلجأون إلى "الاحتجاج بسلمية وسيوحّدون صفوف المعارضة أكثر، بما فيها الهيئات الشبابية والمدنية، وسننظم مظاهرة سلمية وسنصر على رفض الانتخابات".
المصدر: أصوات مغاربية