ساعات فقط بعد إعلان محمد ولد الغزواني فوزه بالرئاسيات الموريتانية، وحتى قبل أن تؤكد ذلك لجنة الانتخابات، وصلت أول برقية تهنئة رسمية إلى الرئيس الجديد، والتي لم يكن مرسلها سوى ملك المغرب محمد السادس، الذي خاطب ولد الغزواني قائلا: "أؤكد لفخامتكم حرصي الشديد على العمل سويا معكم من أجل إعطاء دفعة قوية لعلاقات التعاون المثمر القائم بين بلدينا".
سرعة تفاعل الجار الشمالي مع نتائج الاستحقاق الموريتاني وصفها الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي محمد الأمين ولد الكتاب بـ"الإشارة القوية التي لن تذهب سدى"، واستطرد في تصريح لـ"أصوات مغاربية" بالقول إن "موريتانيا سوف تقدّر هذه الخطوة قدر حقها.. والعلاقات بين البلدين ستعرف تطورا كبيرا".
ولد الغزواني والصحراء الغربية
وظلت قضية الصحراء الغربية إحدى أبرز محددات العلاقات المغربية الموريتانية طوال السنوات الأخيرة.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاضي عياض بمراكش، إدريس لكريني، إن "قضية الصحراء حيوية بالنسبة للمغرب، ما يفرض على موريتانيا الحذر وعدم السقوط في مواقف يمكن أن يعتبرها المغرب مسا بوحدته"، مضيفا في تصريح سابق لـ"أصوات مغاربية" أنه "لحد الآن تبقى موريتانيا واعية بهذا الإشكال، ما يجعلها تدعم العلاقات التي يفترض تطويرها".
نفس الموقف عبر عنه الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي، محمد الأمين ولد الكتاب، كما شدد أيضا على أن "العلاقات بين المغرب وموريتانيا ستعرف تطورا كبيرا وستتغير إلى الأحسن".
وأضاف "الرئيس محمد ولد الغزواني معروف بحكمته ورصانته، كما أنه رجل سلام واسع الأفق، ولديه رغبة في أن تكون لموريتانيا علاقات جيدة مع الجيران".
وحول الفتور الذي عرفته العلاقات المغربية الموريتانية منذ سنة 2012، أشار المتحدث ذاته إلى أنه "حان الوقت لتجاوز العراقيل، وكل الملفات التي لم يحصل فيها اتفاق في المرحلة السابقة يجب أن تجد طريقها إلى الحل مستقبلا".
تطور إيجابي.. لا تغيير
من جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط تاج الدين الحسيني بأن انتخاب محمد ولد الغزواني "لن يغير شيئا كبيرا في مستوى العلاقات الموريتانية المغربية، لسبب بسيط وهو أنه تم ترشيحه من طرف الرئيس السابق، وهذا الأخير لم يكتف بترشيحه، ولكنه دعمه خلال الحملة الانتخابية وظهر إلى جانبه مرات عديدة".
وأوضح الحسيني، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن علاقات موريتانيا مع المغرب "سوف تعرف نوعا من التطور الإيجابي إذا أخذنا بعين الاعتبار تصريحات محمد ولد الغزواني قبل انتخابه، والتي ركز فيها على ضرورة إقامة علاقات جد متوازنة وإيجابية مع المغرب".
الأمر الأساسي في العلاقات المغربية الموريتانية اليوم، بحسب المصدر ذاته، هو "كون موريتانيا تكرس طريقها السليم نحو ديمقراطية مبنية على مواقف المجتمع المدني والمجتمع السياسي، وتبتعد تدريجيا عن الديكتاتورية وحكم العسكر"
مجالات التعاون
وقد أشار ملك المغرب في رسالة تهنئته إلى ولد الغزواني إلى حرصه على تطوير "علاقات التعاون المثمر (...) وتعزيز سبل الاستغلال الأمثل للفرص والمؤهلات المتاحة (...)، تجسيدا لما يشد شعبينا الجارين من وشائج الأخوة والتضامن والتقدير المتبادل، وتحقيقا لما ينشدانه من تقارب وتكامل واندماج جدير برفع مختلف التحديات التي تواجههما".
في هذا الإطار لفت أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط تاج الدين الحسيني، بأن العاهل المغربي يعتبر أن موريتانيا "محور مركزي في انفتاح المملكة نحو دول أفريقيا جنوب الصحراء".
وختم "البلدان في حاجة إلى بعضها البعض كذلك في إطار التعاون الثنائي، وأعتقد أن وكالة التعاون المغربية الموريتانية تشتغل بكيفية إيجابية، وهناك أيضا تعاون تقني سوف يتم تطويره في إطار مشاركة الشركات المغربية في مجالات الاستثمار داخل موريتانيا".
- المصدر: أصوات مغاربية