الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي
الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي

أثارت الوعكة الصحية التي أصابت الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، مخاوف البعض من تأجيل الانتخابات التشريعية المقررة في السادس من أكتوبر المقبل.

وينص الفصل 101 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 والمتعلق بالانتخابات على أن دعوة الناخبين تتم "بأمر رئاسي في أجل أدناه ثلاثة أشهر قبل يوم الاقتراع بالنسبة إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية".

وينتظر التونسيون خروج السبسي (92 عاما) من المستشفى مطلع هذا الأسبوع، ليدعو الناخبين إلى المشاركة في الانتخابات التشريعية في الوقت المحدد قانونا، وهو في هذه الحالة الـ6 من يوليو المقبل.

وإذا تأخر تعافي الرئيس أكثر من أسبوع آخر، فيتوقع البعض أن يتم تأجيل الانتخابات التشريعية إلى موعد لاحق، في حين يؤكد آخرون أن أمام السبسي خيار آخر هو تفويض رئيس الحكومة بإصدار هذا الأمر الرئاسي نيابة عنه.

العبيدي: سيناريو التأجيل وارد

يقول المحلل السياسي، عبيد الله العبيدي، إن "إمكانية تأجيل الانتخابات واردة لأسباب عدة"، مضيفا أن "مرض الرئيس، والطعون المقدمة ضد قانون الانتخابات المُعدّل مؤخرا، بالإضافة إلى قانون الطوارئ، يمكن أن تُستخدم كلها لتأجيل الانتخابات".

وخلال الأسابيع الماضية، قام نواب تونسيون بإطلاق حملة لجمع التوقيعات لتقديم طعن في دستورية التعديلات الأخيرة على قانون الانتخابات.

وفي هذا الصدد، يؤكد العبيدي أن بعض نواب البرلمان طالبوا من الرئيس الباجي قايد السبسي باستخدام كل صلاحياته الدستورية لإسقاط التعديلات الأخيرة.

البرلمان التونسي (أرشيف)
البرلمان التونسي (أرشيف)

​​ويشير المتحدث إلى أن تأجيل الانتخابات "مسألة عادية تحدث في كل الدول، ولن تخلق أزمة سياسية في البلد. تأخير مواعيد الانتخابات ليست نهاية العالم كما يحب البعض أن يصوره".

ويرى هذا الديبلوماسي التونسي السابق، في تصريحات لـ"أصوات مغاربية"، أن "تونس بحاجة إلى مزيد من الوقت وأيضا لقانون انتخابي متوافق عليه من أجل الذهاب إلى الانتخابات، كما أن مرض الرئيس مسألة مؤثرة أيضا، ما يعني في المجمل أن سيناريو التأجيل وارد ومحتمل".

ويتوقع العبيدي أن تستجيب الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، التي تلعب حاليا دور المحكمة الدستورية التي فشل البرلمان إلى حد الساعة في انتخاب أعضائها، للطعون المقدمة من طرف 51 نائبا برلمانيا، مضيفا: "إذا تم الطعن في القانون، فلن يكون أمام اللجنة العليا المستقلة للانتخابات قانون تعتمد عليه، ما يعني تأجيل الانتخابات، بغض النظر عن تعافي الرئيس من مرضه".

وأثار مرض الرئيس الباجي قايد السبسي تساؤلات دستورية خلال الأسبوع الماضي، لكن الرئاسة التونسية سارعت يوم الجمعة إلى تأكيد أن صحة الأخير تحسّنت، موضحة أنه "لا يوجد فراغ دستوري" في البلد.

وتنص المادة 83 من الدستور على أن "لرئيس الجمهورية إذا تعذّر عليه القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوض سلطاته إلى رئيس الحكومة لمدة لا تزيد عن ستين يوما. ويعلم رئيس الجمهورية رئيس مجلس نواب الشعب بتفويضه المؤقت لسلطاته".

لكن وفي حالة وفاة الرئيس، فالذي يتولى الرئاسة بشكل مؤقت هو رئيس مجلس نواب الشعب، إذ تنص المادة 84 من الدستور على أنه "إذا تجاوز الشغور الوقتي مدة الستين يوما، أو في حالة تقديم رئيس الجمهورية استقالته كتابة إلى رئيس المحكمة الدستورية، أو في حالة الوفاة، أو العجز الدائم، أو لأي سبب آخر من أسباب الشغور النهائي، تجتمع المحكمة الدستورية فورا، وتقر الشغور النهائي، وتبلغ ذلك إلى رئيس مجلس نواب الشعب الذي يتولى مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لأجل أدناه 45 يوما وأقصاه 90 يوما".

ترجمان: التأجيل سيهدم الديمقراطية

في المقابل، يرفض الكاتب السياسي التونسي، باسل ترجمان، سيناريو تأجيل الانتخابات، قائلا إن "تأخير موعد الانتخابات المقبلة يُمثل عامل هدم للديمقراطية التونسية"، مضيفا أن "الديمقراطية تقتضي احترام مواعيد الانتخابات والتشبث بها".

ويشير ترجمان، في تصريحات لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن "المؤسسات المنتخبة تصبح فاقدة للشرعية عندما يتم تأخير الانتخابات، ما يضر عملياً بالتجربة الديمقراطية"، مؤكدا أن "الغرب ينظر إلى تونس كديمقراطية وحيدة في المنطقة، وعندما يتم التلاعب بمواعيد الانتخابات تصبح صورة البلاد على المحك".

في حالة عجز السبسي يمكن له تكليف رئيس الحكومة بإصدار الأمر الرئاسي نيابة عنه
في حالة عجز السبسي يمكن له تكليف رئيس الحكومة بإصدار الأمر الرئاسي نيابة عنه

​​ويعتقد ترجمان أن "الذين يروّجون لإمكانية تأجيل الانتخابات بسبب مرض الرئيس إنما يفعلون بذلك من أجل تفادي مواجهة انتخابية يخشون فيها تصويتاً عقابيا للشعب التونسي"، مؤكدا "وجود تيارات سياسية تستشعر فقدان قاعدتها الانتخابية وتحاول الهروب من الاستحقاق الانتخابي المقبل".

وبخصوص مرض الرئيس، يقول إنه "لا يجب أن يكون مشجبا، لأن المرسوم الرئاسي يستطيع أن يصدره رئيس الحكومة إذا فوضه رئيس الجمهورية القيام بذلك، وفق الدستور التونسي".

ويتابع المتحدث رافضا سيناريو التأجيل: "في حالة العجز الجزئي لرئيس الجمهورية، سيتكلف رئيس الحكومة بإصدار الأمر الرئاسي نيابة عنه، وإذا حصل العجز التام فرئيس البرلمان هو من ستولى الأمور عندها".

ويضيف ترجمان: "في كل الأحوال الانتخابات يجب أن تُجرى في موعدها، فعجز الرئيس لا يجب أن يُعطّل المواعيد الانتخابية، لأن إصدار الأمر الرئاسي قضية إجرائية بحتة".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة