- في هذا الحوار تدافع البرلمانية المغربية عن "حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" عن "الحق في الإجهاض للجميع وفي كل الحالات"، وليس في الحالات التي أقرتها اللجنة الملكية وهي: عندما يشكل الحمل خطرا على حياة الأم، وحالة الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا المحارم، وحالة التشوهات التي قد يصاب بها الجنين.
نص الحوار:
هل صحيح أنك طالبت خلال اجتماع للجنة التشريع بالبرلمان المغربي بجعل الإجهاض مشروعا في المملكة؟
الأمر لم يكن مطالبة بهذا المعنى، ما حدث هو أنه خلال النقاش حول التعديلات في مشروع القانون الجنائي المتعلقة بتنظيم وتجريم الإجهاض، عبرت، كممثلة للأمة وسياسية تنتمي إلى تيار حداثي داخل المجتمع، عن هذا الموقف، وذلك بالنظر إلى العدد المهول لعمليات الإجهاض السرية في المغرب، وما يترتب عنها من خسائر في الأرواح وظواهر اجتماعية مؤسفة مثل حالة الأطفال المولودين خارج إطار مؤسسة الزواج، والذين نجد أمهاتهم تتسولن بهم في الشوارع، والذين يتحول بعضهم إلى "أطفال شوارع" أو يقعون في براثن الجريمة في المستقبل، وهذه الظواهر تصيب أكثر الفئات الهشة والفقيرة التي ليست لها إمكانيات من أجل التخلص من حمل غير مرغوب فيه، ولا يسمح لها القانون بذلك.
كيف كان تفاعل المشاركين في الاجتماع من باقي الأطياف السياسية، خصوصا من حزب العدالة والتنمية (إسلامي)، مع الموقف الذي عبرت عليه؟
بالنسبة للعدالة والتنمية فالقرار الذي خرجت به اللجنة الملكية والذي يحدد الحالات التي سيسمح فيها بالإجهاض (عندما يشكل الحمل خطرا على حياة الأم، وحالة الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا المحارم، وحالة التشوهات التي قد يصاب بها الجنين) يسير مع توجههم، وأنا لن أناقش اختياراتهم الآن.
بالنسبة لي، حتى وإن كانت اللجنة الملكية قد خرجت بهذه الخلاصات، فإن نقاش الحق في الإجهاض يجب أن يبقى حاضرا في المجتمع، ولا يجب أن يغيب أو ينسى. هل تعلم أنه منذ 4 سنوات كشفت إحصاءات أن حالات الإجهاض اليومية في المغرب وصلت ما بين 600 و800، فما بالك بالولادات التي لم تشملها هذه الإحصاءات والناتجة عن علاقات خارج إطار الزواج.
هذه هي أرقام الحقيقة، لذلك يجب أن تتوقف السكيزوفرينيا المجتمعية.
وما رأي قيادة حزبكم في موقفك، خصوصا وأن مثل هذه المطالب قد تضر بصورة تنظيمكم، كما قد يستخدمها معارضوكم لضربكم في الانتخابات، بدعوى أنكم "تشيعون الفساد والرذيلة"؟
أولا، أنا جزء من قيادة حزبي. ثانيا، أنا لم يتصل بي أي شخص لكي يملي علي ما أقوله لأن هذا نقاش مفتوح.
وعموما، إذا صرنا نفكر في أن أحد الأطراف سينزعج أو سيستغل فكرة أو رأيا ضدنا، فسنقوم بتحجيم أنفسنا، وسنضع قيدا على مطالبنا وعلى أفكارنا... وستكون النتيجة هو أن صوتا واحدا هو الذي سيسود في المجتمع.
الديمقراطية لها ثمن، وما وصلنا له اليوم في المغرب من تقدم كان له تكلفة دفعها الجميع: مواطنون وبلدا.
نحن لا نحرض على الفساد، نحن ضد الفساد، لكن بشرط توفير شروط العيش الحقيقي. فهل يمكن لأي شخص أن ينكر أن هناك في المغرب علاقات رضائية خارج إطار الزواج، ربما هذه العلاقات هي أكثر من علاقات الزواج. يجب أن نعالج الظواهر في العمق، وألا نضع رؤوسنا في الرمل كالنعام.
المجتمع المغربي هو مجتمع محافظ عموما، كما أن هناك حريات أساسية مازال الحقوقيون المغاربة يطالبون بتحصينها وحمايتها. ألا تعتقدين أنه كان ينبغي أولا تحصين هذه الحريات والحقوق قبل المطالبة بتشريع الإجهاض؟
نحن نتعامل مع الحريات والحقوق في شموليتها وكونيتها، ولا نقول يجب أن نطالب بهذا الحق قبل هذا الحق، أو أن نناضل من أجل هذه الحريات قبل هذه الحريات.
بالتأكيد هناك إكراهات مجتمعية وظرفية، لكن الأهم هو أن نستمر في المطالبة بهذه الحقوق والحريات، عندما ارتفعت المطالب في المغرب بتغيير مدونة الأحوال الشخصية مثلا، فقد قال البعض آنذاك بأن هذا الأمر مستحيل وهو ضرب من الجنون، وأن الوقت لم يكن مناسبا وأن هذا المطلب ليس من الأولويات، لكن المجتمع اليوم هو من تطالب بمراجعة قانون الأسرة من جديد. في نهاية الأمر "الواقع لا يرتفع".
على السوشل ميديا يتهمك بعض معارضيك بـ"الشعبوية" ويقول آخرون إنك "يسارية متطرفة". ما رأيك في هذين التوصيفين؟
أنا لا أمارس الشعبوية، أنا أمارس قناعاتي واختياراتي التي تربيت عليها. من حقي أن أساهم في تطوير بلدي من خلال دفاعي عن مفاهيم حقوقية كونية، ولا أنتظر تقييم الآخر لمواقفي.
أما "اليسارية الراديكالية"، فنحن داخل حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" قطعنا مع الراديكالية منذ زمن، وندافع عن النضال الديمقراطي من داخل المؤسسات.
- المصدر: أصوات مغاربية