قال المفكر التونسي والمتخصص في أنثروبولوجيا القرآن، يوسف الصديق، إن القرآن تعرض لـ"العبث" بعد وفاة الرسول، ومن تجليات ذلك "العبث" مسألة "الناسخ والمنسوخ" التي اعتبرها "اغتصابا للنص القرآني".
المفكر التونسي الذي كان يتحدث في مداخلة له خلال ندوة علمية تنظمها "حركة ضمير" على مدى يومين في العاصمة المغربية، الرباط، تحت عنوان "الحريات الفردية بين التحولات المجتمعية والمرجعية الدينية"، قال إن "القرآن هو حدث" قبل أن يردف مؤكدا أن "هذا الحدث تم العبث به، بالضبط عند وفاة الموحى إليه".
"لقد ألغينا طاقة هذا النص تماما منذ توفي الرسول ومنذ جاء المصحف"، يقول الصديق الذي شدد في هذا الإطار على فكرته بكون "القرآن ليس هو المصحف"، وأنه "ومنذ اللحظة التي جُمع فيها وصار بين دفتين في المكتبات وبين أيدينا انطلق وتحرر من الطاقة الكبرى التي أحدثت الحدث" بحسب تعبيره.
واستحضر الصديق في هذا الإطار بعض الآيات القرآنية التي يقول البعض إنها قد نُسخت، كآية "لا إكراه في الدين"، واستنكر أن يقول البعض إنه لا يجوز اعتمادها فيستدلون بدلها بالآية الخامسة من سورة التوبة "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم"، وهي آية يشدد المتحدث على أنه قد تم نزع العامل الظرفي عنها حيث أنها "مرتبطة بمعركة".
وهنا يشدد الصديق على "ضرورة اليقظة لأمر آخر جاء بعد الناسخ والمنسوخ وهو إلزامنا بما تذكر البخاري بعد قرنين من وفاة الرسول"، في إشارة إلى "صحيح البخاري".
وتابع مؤكدا في السياق نفسه "لست ملزما أن أعتقد بحديث أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله"، والذي وصفه بـ"الحديث الداعشي"، متسائلا باستغراب كيف يمكن أن يكون ذلك الحديث لرسول قال آية "لا إكراه في الدين"، وآية "وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون".
كذلك طرح المتحدث فكرة كون "القرآن صالح لكل زمان ومكان" وتساءل "كيف يكون كذلك وهو يقنن في بعض الأحايين للعبودية والرق؟" قبل أن يستدرك "إلا أن يكون هذا الرحمان قادرا على أن يجعلنا نتخطى نصيا ما أوحى وأن نسلخ من النص الموحى كل مرة ما يجاوزه!".
تبعا لذلك، يشدد الصديق على ضرورة أن "يُجعل للمعتقد مساحته المستقلة تماما عن التفكير"، مبرزا أنه اليوم و"بحكم الإنسانية" لا يمكنه أن يحارب أو حتى يلوم من يعبد الشجر مثلا.
وبحسب المفكر التونسي فمن اللازم "جعل حد فاصل بين ما يعتقده المسلم كيفما كان وبين التفكير والعقلنة التي تنتمي لكل الإنسانية دون تحديد لمسألة المعتقد".
المصدر: أصوات مغاربية