تواصل منظمات حقوقية محلية ودولية وأحزاب سياسية موريتانية التنديد بما تسميه "انتكاسة خطيرة للحريات"، بعد اعتقال العديد من الإعلاميين والمعارضين خلال الأيام الماضية.
ومنذ إعلان فوز الجنرال محمد والد الغزواني بالرئاسيات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الـ22 من الشهر الماضي، شهدت موريتانيا اضطرابات سياسية وأمنية بسبب رفض المعارضة لنتائج التصويت وتنديدها بما تعتبره "تزويرا لإرادة المواطنين".
حقوقيون ينددون بـ"الانتهاكات"
ودعت لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك السلطات الموريتانية إلى إطلاق سراح الصحافي سيدي موسى كامارا، المدير الناشر لصحيفة "لو نوفيل أكسبريون" الناطقة باللغة الفرنسية، والإعلامي في قناة "المرابطون" أحمدو الوديعة.
وقالت المنظمة الدولية المعنية بحماية حرية الصحافة في العالم، إنه تم احتجاز الصحافي سيدي موسى كامارا في سجن تابع لمديرية أمن الدولة التابعة لوزارة الداخلية، في حين ظل مكان اعتقال الوديعة مجهولا إلى حدود الساعة.
وأضافت أن توقيف هاذين الصحافيين جاء في سياق اعتقال أزيد من 100 شخص بعد الانتخابات المتنازع حول نتائجها وقطع الإنترنت على نطاق واسع في البلاد.
وأكدت النقابة الوطنية للصحافة لـ"أصوات مغاربية" إطلاق سراح سيدي موسى كامارا صباح اليوم الخميس، بعد ضغوط مارستها على السلطات.
من جانب آخر، أكد المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان أن "موريتانيا تشهد منذ أسبوعين وضعية خطيرة وترديا غير مسبوق للحريات الفردية والجماعية للمواطنين".
وتابع: "وفي تصعيد آخر لهذه الانتهاكات، اعتقلت السلطات مساء أمس الصحافي والكاتب أحمدو ولد الوديعة دون معرفة أسباب الاعتقال أو التهم الموجهة له من طرف ذويه ومحاميه".
وأشار المرصد الموريتاني إلى أنه "اطّلع على ملابسات احتجاز عدد كبير من المعتقلين والمستجوبين، وبعضهم من الأطفال القصر الذين تم احتجازهم دون أن تتمكن عائلاتهم من التواصل معهم".
وأصدر حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"، بدوره، بيانا دعا فيه السلطات إلى إطلاق سراح الإعلامي أحمدو الوديعة، معتبرا اعتقاله "انتهاك صارخ للحقوق والحريات المكفولة في الدستور والقوانين".
وأضاف "نحمّل النظام تبعات الانتهاك المستمر للحريات العامة والفردية، وسياسة تكميم الأفواه وإسكات كل من يجرؤ على انتقاد النظام وسياساته، ونطالب المنظمات الحقوقية وكل المهتمين بحرية الرأي والاعلام في البلد بتحمل مسؤولياتهم في الدفاع عن ضحايا انتهاكات حقوق الانسان والحريات العامة والفردية".
اعتقالات سياسية
وفي اتصال مع "أصوات مغاربية"، قال المحفوظ ولد السالك، الصحافي الموريتاني في قناة "المرابطون"، حيث يشتغل الإعلامي أحمدو الوديعة، إن زميله "تعرض للاعتقال في بيته أول أمس"، مشيرا إلى أن "إدارة القناة وحتى محاميه لا يعرفون إلى الآن مكان احتجازه ولا التهمة الموجهة إليه".
وأشار إلى أن "الاعتقال جاء في سياق سياسي بعد صدور نتائج الانتخابات وما تلاها من الحراك الاحتجاجي الذي تعرفه البلاد، خاصة وأن أحمدو الوديعة هو أيضا نائب رئيس منظمة نجدة العبيد".
من جانبه، طالب نقيب الصحافيين الموريتانيين، محمد سالم الداه، في اتصال مع "أصوات مغاربية"، بإطلاق سراح الوديعة وتحديد ملابسات اعتقاله، داعيا السلطات إلى "احترام حرية الصحافة، وعدم التضييق على صحافيين يعبرون عن آرائهم ومواقفهم ويمارسون مهامهم وفق القانون".
وقال إن السلطات أطلقت، صباح الخميس، سراح الصحافي سيدي موسى كامارا، مضيفا "أصدرنا موقفنا الرافض لاعتقال المدير الناشر لصحيفة "لو نوفيل أكسبريون" الناطقة باللغة الفرنسية وطالبنا بضرورة تقديم معلومات عن مكان وظروف وملابسات الاعتقال، وإطلاق سراحه، وهو ما استجابت له السلطات اليوم".
واستدرك: "قبل إطلاق سراحه تمكننا من زيارته في محبسه بمديرية أمن الدولة، وكانت معنا زوجته، وتأكدنا من أنه لم يتعرض للتعنيف أو سوء معاملة".
ويعتقد نقيب الصحافيين الموريتانيين أن ما تشهده موريتانيا "ليس انتكاسة حقوقية، وإنما استهداف لبعض الصحافيين على خلفية آرائهم السياسية، وهو ما نطالب السلطات أن تتوقف عن القيام به".
الحزب الحاكم يتهم المعارضة
يذكر أن وزارة الداخلية الموريتانية حذرت، مباشرة بعد ظهور نتائج الانتخابات، من التظاهر من دون ترخيص، وقالت إن أصحابها "سيتحمّلون مسؤولية ما ينتج عنها من إخلال بالأمن ".
وأضاف بيان الداخلية أن الانتخابات "مرت في جو من الحرية والأمن والسكينة والاستقرار طيلة أيام الحملة الانتخابية"، وأنه من أجل "الحفاظ على هذا المناخ الإيجابي فإن وزارة الداخلية واللامركزية حرصا منها على حفظ أمن المواطنين وممتلكاتهم تهيب بالجميع ضبط النفس والتحلي بروح المسؤولية".
وفي هذا الصدد، اتهم القيادي بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم)، أحمد محمدو، المعارضة بـ"تضخيم بعض الأحداث"، وأشاد بما سمّاه "محاولة الأمن السيطرة على الوضع بعد اندلاع أعمال شغب قادها مشبوهون".
وأضاف محمدو، في اتصال مع "أصوات مغاربية"، أن "المعارضة لم تقدم أدلّة مقنعة على ما تسميه التزوير، وكل تبريراتها محاولة نفسية لتبرير الهزيمة".
وبخصوص اعتقال الصحافيين، قال إن "هذه المسألة أمنية بحتة ولا أريد التدخل في السلطة القضائية بسبب الفصل بين السلطات في البلد"، لكن عاد وأكد أن "هناك تحركات غير طبيعية في الشارع تقودها أطراف تحاول نشر الفوضى في البلد، مثل إشعال النيران في إطارات السيارات والإضرار بالممتلكات".
المصدر: أصوات مغاربية