تعلم الانجليزية
تعلم الانجليزية | Source: Courtesy Image

تعرف الجزائر "حراكا سياسيا رسميا" يقوده عدد من الوزراء، يرمي إلى إحلال اللغة الإنجليزية مكان الفرنسية في قطاعات عديدة أبرزها، حتى هذه اللحظة، التعليم العالي والبحث العلمي والعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي.

وزارات تتبنى الإنجليزية

فقبل أسابيع أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الجزائري، طيب بوزيد، طرح استفتاء على الأساتذة والطلبة من أجل بحث موضوع استبدال اللغة الإنجليزية بالفرنسية في الجامعة، ووعد بكشف نتائج الاستفتاء قريبا.

بعد التعليم العالي والبحث العلمي، أعلن وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الجزائري، تيجاني حسان هدام، على هامش حفل تخرج طلبة المدرسة العليا للضمان الاجتماعي "أتمنى أن تتطور اللغة الإنجليزية في الجزائر وتأخذ مكانة اللغة الفرنسية".

​​وأضاف هدام "عكس الإنجليزية، فإن اللغة الفرنسية ليست عالمية وينحصر التعامل بها على مستوى بلدان معينة فقط"، ووعد بـ"الشروع، مع الدخول الجامعي المقبل، بالتكوين بالإنجليزية في المدرسة العليا للضمان الاجتماعي كتجربة أولى لتمكين البلدان الإفريقية خصوصا تلك الناطقة بالإنجليزية من الاستفادة من خدمات هذه المدرسة العليا".

كما ألغت وزارة التربية الوطنية اللغة الفرنسية في مختلف الامتحانات المهنية الخاصة بالترقية لجميع الأسلاك والرتب بالقطاع، بعدما جعلت الوزيرة السابقة نورية بن غبريت اللغة الفرنسية إلزامية في كل التخصصات، وألغت القرار الوزاري الذي يخير الممتحن في اللغة الأجنبية التي يرغب فيها.

الفرنسية واللغة العربية

وعلى عكس نصوص الدستور، التي تقر بأن العربية هي اللغة الرسمية في البلاد، فإن الفرنسية تسيطر على أغلب التعاملات داخل المؤسسات والهيئات الرسمية بالجزائر، ونفس الأمر بالنسبة للتعليم العالي في جميع التخصصات العلمية.

​​​​وجدير بالذكر أن الجزائر، لا تنتمي إلى منظمة الدول الفرنكفونية، الذراع الثقافي لفرنسا في مستعمراتها السابقة، رغم نفوذ اللغة الفرنسية في الجزائر، حيث يعود استعمالها إلى بداية الاستعمار سنة 1830م.

وقد عملت فرنسا خلال الفترة الاستعمارية على محاربة اللغة العربية بمراسيم رسمية أخطرها "مرسوم شوطون" (رئيس وزراء فرنسا كاميي شوطون) الصادر سنة 1938، الذي "منع استعمال اللغة العربية الأم للجزائر واعتبرها لغة أجنبية".

ميلاط: ستُعمّم بالتّدرّج وبتعقّل

قال المنسق الوطني لمجلس أساتذة التعليم العالي عبد الحفيظ ميلاط إن أساتذة الجامعات يدعمون قرار تبني اللغة الإنجليزية، ووصف القرار بأنه "تاريخي".

وأقرّ ميلاط، في حديث مع "أصوات مغاربية" بصعوبة تطبيق القرار، قائلا "ليس من السهل نقل المنظومة التعليمية الجامعية من لغة عمّرت عشرات السنين إلى لغة جديدة علينا لكننا نثمنه كنقابة وندعمه، فالإنجليزية لغة العلم والتكنولوجيا والأبحاث وما التصنيف المتأخر للجامعة الجزائرية إلا بسبب اعتماد الفرنسية لأن الأبحاث المنشورة عالميا في الجامعات كلها بالإنجليزية".

 وأضاف "معظم الأساتذة والطلبة يصطدمون باللغة الإنجليزية في مراحل متقدمة من أبحاثهم لأن معظم الأبحاث موجودة بهذه اللغة فقط، وعليه فالإنجليزية باتت مطلبا أساسيا وهي خيار العقل وليس قرارا شعبويا أو لامتصاص مطالب الحراك مثلما يشيع البعض".

​​وأفاد ميلاط بأن هناك "لوبي فرنسي عمل المستحيل، وسيعمل، لإفشال هذه الخطوة وسيعمل ما بوسعه ولن يكون الأمر سهلا، ونحن لا نريد تبعيّة للغة ميتة، لكن القرار يحظى بدعم شعبي ونخبوي. الانتقال لن يكون مباشرا بل سيكون تدرجيا ومدروسا في جامعات كبرى وتخصصات علمية ويمكن أن ننجز انتقالا شاملا إلى الإنجليزية بعد 10 سنوات".

وكشف المنسق الوطني لمجلس أساتذة التعليم العالي  أنّ الجزائر "حاولت في الثمانينات الانتقال إلى التعليم باللغة الإنجليزية في جامعة باب الزوار للتكنولوجيا، لكن اللوبي الفرنسي أفشل العملية حتى أن السفارة الفرنسية تدخلت!".

واسترسل "كانت هناك محاولات مشابهة في التسعينات ثم جاء الرئيس السابق بوتفليقة، الذي خدم اللوبي الفرنسي بل وجمّد قانون تعميم التعريب ومكّن للغة الفرنسية، ومع ذهاب الدولة العميقة التي كانت تدعمه أكيد أن الطريق بات ممهدا للانتقال إلى التعليم بالإنجليزية، وهو قرار وليد قيادة جديدة تؤمن بحق الجزائري في الاستقلال الفكري".

خالد: لا نريد ارتجالا!

من جهته قال رئيس جمعية أولياء التلاميذ، أحمد خالد، إن قرار الانتقال إلى اللغة الإنجليزية في التعليم العالي سيمس التعليم في المستويات الدنيا أيضا.

ودعا خالد، في حديث مع "أصوات مغاربية" إلى "استشارة المنظومة التربوية في هذا القرار بكل تخصصاتها"، وألحّ على ما سمّاه "عدم الارتجال في تطبيق هذا القرار، الذي سيغيّر لغة تعامل بها الجزائريون لوقت طويل".

​​وحسب المتحدث، فإن هناك "حرب عصب وإيديولوجيات بين دعاة اللغتين الفرنسية والإنجليزية في الجزائر، وأعتقد أنهما يفتقدان إلى نظرة وطنية ترمي إلى الرفع من مستوى التعليم في البلد سواء في الجامعة أو في المدارس".

وأضاف "هذه حرب مواقع لإثبات أيديولوجية معينة وعشنا مراحل في التعليم بحيث أنه كلما جاء وزير محَى قرارات سابقه، وعليه فإن هذا القرار هو مشروع مجتمع ونحن نحبذ أن نبدأ بتأسيس المجلس الأعلى للتربية يكون فيه خبراء من كل المجالات يعمل تحت إشراف رئيس جمهورية محايد ويكون أعضاؤه إطارات علمية غير مؤدلجة حتى نتخذ القرارات الصحيحة لصالح التعليم".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة