أكد نقيب الصحافيين الموريتانيين، محمد سالم ولد الداه، في مقابلة مع "أصوات مغاربية"، أن الصحافي أحمدو الوديعة "معتقل لدى إدارة أمن الدولة بتهم غير معروفة لحد الساعة"، مشيرا إلى أنهم تلقّوا وعدا بزيارته مطلع هذا الأسبوع.
وأشار ولد الداه إلى أن الاعتقالات التي طالت صحافيين في الآونة الأخيرة "لها صبغة سياسية"، معتبرا أن حرية الصحافة "خط أحمر ومكسب لا يمكن التراجع عنه"، رافضا "اعتقال الصحافيين بسبب آرائهم السياسية".
نص الحوار:
أثار اعتقال الصحافي أحمدو الوديعة ردود فعل غاضبة وسط حقوقيين في موريتانيا، كيف تنظر نقابة الصحافيين الموريتانيين لهذا الاعتقال؟
نقابة الصحافيين الموريتانيين ترفض اعتقال أي صحافي. لقد ناضلنا في السابق ضد اعتقال الصحافيين، وصدر قانون يمنع هذا النوع من الاعتقالات في موريتانيا.
على كل حال، نحن لحد الساعة لم نطّلع على الأسباب وخلفيات وملابسات اعتقال الزميل أحمدو الوديعة، مما يجعلنا غير قادرين على معرفة الأسلوب الذي سنعالج به عملية الاعتقال.
طبعا، اتصلنا بالجهات الأمنية من أجل أن تمكّننا من لقاء زميلنا أحمدو الوديعة، وحصلنا على وعد في هذا الصدد. ومن المتوقع أن نحصل على إجابة خلال بداية هذا الأسبوع، ولعل هذا اللقاء سيمكّننا من معرفة خلفيات وأسباب هذا الاعتقال.
لكن مبدئيا نحن في نقابة الصحافيين نرفض اعتقال الصحافيين لمجرد تعبيرهم عن آرائهم السياسية أو أثناء أدائهم المهني، وبالتالي نطالب بإطلاق سراح الوديعة.
كما نثمن إطلاق سراح زميلنا الآخر موسى سيدي كامارا، الذي تواصلنا مع إدارة الأمن بخصوصه وزرناه في معتقله واطلعنا على خلفيات اعتقاله.
هل تعتبرون اعتقال الوديعة سياسي؟
معروف أن زميلنا الوديعة مناضل سياسي وحقوقي، وأيضا صحافي يشتغل في الميدان، لكن لم نعرف تحت أيّ من هذه العناوين تم اعتقاله.
وأعتقد أن الاعتقال له خلفيات سياسية، لأنه جاء بُعيد حراك سياسي عرفته البلاد بعد الانتخابات الرئاسية.
وطبعا أحمدو الوديعة لا يخفي آراءه السياسية ويعبر عنها عبر تدويناته وكتاباته المتعددة، لكن التعبير عن الرأي السياسي لا نراه في نقابة الصحافيين مبررا للاعتقال السياسي.
أين يتواجد الآن الوديعة؟
وفق معلوماتي، فالزميل الوديعة يتواجد في إدارة أمن الدولة، وقد قمنا بالاتصال بهذه الإدارة وعرفنا بأنها ستمكّننا من زيارته وننتظر تحديد موعد هذه الزيارة خلال بداية الأسبوع.
قبل أيام اعتقلت السلطات أيضا الصحافي سيدي موسى كامارا ثم أطلقت سراحه، ما هي التهم التي تُوجّه للمعتَقلين في مثل هذه القضايا؟
كل هذه الاعتقالات لها صبغة سياسية، ليست لها صبغة مهنية. لم يتم اعتقالهم لأنهم صحافيون حسب ما تأكدنا منه، إنما تم اعتقالهم لأنهم صحافيون يحملون آراء سياسية، أي أنهم مساهمون ومشاركون في العمل السياسي.
عندما زرنا زميلنا سيدي موسى كامارا سألتُه وقال لي إنه لم يتمكن من معرفة أسباب اعتقاله، رغم أنه أكد لي أيضا أن له رأي وموقف سابق في قضايا حقوق الإنسان.
كيف تتواصلون مع السلطات عندما يتعرض أحد زملائكم للاعتقال؟
في البداية، لا بد أن نعرف سبب الاعتقال حتى نتمكن من معرفة طريقة معالجة الملف، أي أن نعرف هل سبب الاعتقال راجع إلى مقال أو تحقيق أي شيء مرتبط بالمهنة أم له علاقة بمواقف سياسية، ونعالج كل حالة على حدة.
لاحقا، نتصل بالسلطات المختصة، أي وزارة الإعلام، ثم بعد ذلك نتصل بالجهات الأمنية، خصوصا إذا كان الصحافي محتجزا لدى إدارة الأمن.
بعد ظهور نتائج الانتخابات قطعت السلطات الإنترنت في البلد، ما هو رد فعل النقابة حيال هذه الخطوة؟
السلطات برّرت ذلك بأنه تم استغلال شبكات التواصل الاجتماعي لنشر مواد تحريضية تمس بالأمن العام، فلجأت إلى غلق الإنترنت لمدة أسبوع كامل.
على مستوى نقابة الصحافيين، تواصلنا مع وزارة الداخلية الموريتانية ومؤسسات الاتصال، وقمنا برد الإنترنت للمؤسسات الإعلامية، لكننا لم نتمكن من ردها بالنسبة للصحافيين الذين يستخدمونها بشكل فردي على أجهزتهم مستخدمين أسماء خاصة.
وقد طالبنا بأن يتم إطلاق الإنترنت لكل الموريتانيين، لأن إغلاقها على المواطن ينعكس سلبا على المستويات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية. وفي الأخير، تم فتح الإنترنت وهو متوفر للجميع الآن.
البعض يقول إن موريتانيا دخلت مرحلة التضييق على حرية الصحافة وهي التي كانت تحتل المرتبة الأولى عربيا، ما رأيك؟
بالنسبة لنا في النقابة، حرية الصحافة خط أحمر ومكسب لا يمكن التراجع عنه. وفي الحقيقة، أصبحنا نطالب بترشيد هذه الحرية خصوصا على مستوى الإعلام الإلكتروني، إذ نلاحظ أن هناك عدم احترام قواعد المهنة وانتهاك خصوصيات الناس وإطلاق الشائعات، لكن رغم ذلك نعتبر هذا المكسب مكسباً هاما لن نقبل التراجع عنه.
بالإضافة إلى ذلك، يجب الإشارة إلى أن الصحافة المستقلة تعيش حرية كاملة في تناول كل الأخبار من رئيس الجمهورية إلى الحكومة إلى غير ذلك، وبالتالي فحرية الصحافة متاحة بهامش كبير. لكن في بعض المناسبات يُستهدف الصحافيون ويتم جرّهم إلى العدالة، وأحيانا نتدخل لتسوية بعض هذه الملفات.
هل أنت متفائل بشأن مستقبل حرية الصحافة تحت حكم الرئيس المنتخب محمد ولد الغزواني؟
نعم. من خلال مداخلات قام بها وخرجات إعلامية للرئيس الجديد، أنا متفائل بأننا قد نعيش مرحلة يتسع فيها مجال الحريات، وفيها شراكة سياسية مع القوى المعارضة أكثر من المرحلة التي مضت، والتي كانت تفتقد للكثير من الاستتباب السياسي.
المصدر: أصوات مغاربية