يعود الرئيس التونسي إلى واجهة المشهد السياسي من جديد، في ظل الخلافات الكبرى التي تشق الساحة السياسية بشأن التعديلات التي طرأت على قانون الانتخابات.
وبعد رفض الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين الطعن المقدم من قبل نواب المعارضة ضد التعديلات الأخيرة، تتجه الأنظار إلى مؤسسة الرئاسة وموقفها من التنقيحات المثيرة للجدل.
3 خيارات أمام الرئيس
يمنح الدستور التونسي عدة خيارات أمام رئيس الجمهورية لتحديد موقفه من تنقيح القانون.
وفي تصريح سالف لـ"أصوات مغاربية"، قال القاضي السابق أحمد الصواب، إن "رئيس الجمهورية يملك حق رد التعديلات الأخيرة".
وسيتعين على مجلس النواب، وفق الصواب، إعادة النظر في التعديلات الأخيرة في حال أرجعها رئيس الجمهورية إلى البرلمان، ويتحتم حينها الموافقة عليها لإقرارها بالحصول على أغلبية ثلاثة أخماس (131 نائبا) بدل الأغلبية المطلقة (109 نواب).
كما يُمكن لرئيس الجمهورية عرض القانون على الاستفتاء، وهو السيناريو الذي يرى الصواب أنه "الأخطر"، إذ "سيُؤدي إلى تأجيل القانون إلى ما بعد انتخابات 2019".
وتتمثل الفرضية الثالثة في إمضاء القانون الجديد، وبالتالي اعتماده من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تنظيم الاستحقاقات المقبلة.
موعد منتظر
تضاربت القراءات بشأن موعد إصدار رئيس الجمهورية لقراره بشأن هذه التعديلات.
ووفق الدستور، فيتعين على رئيس الجمهورية ممارسة حق الرد للمجلس للتداول ثانية في أجل خمسة أيام من تاريخ قرار دستورية القانون.
وكانت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين قد أصدرت قرارها برفض الطعن المقدم ضد التنقيحات الجديدة يوم 8 يوليو الجاري.
ويدور خلاف حاليا حول احتساب أيام السبت والأحد ضمن المهلة التي حددها الدستور.
وفي هذا الإطار، دوّن النائب عن حركة النهضة، الحبيب خذر، قائلا إنه في ظل ما يبدو من عدم تفعيل لصلاحية الرد ينقضي أجل الختم والإذن بالنشر يوم الأربعاء 17 يوليو، مرجحا صدور القانون بالرائد الرسمي ليوم الثلاثاء 16 يوليو. على أن يدخل هذا القانون حيز النفاذ فور نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
في المقابل، قال الرئيس السابق للديوان الرئاسي، رضا بلحاج، في تصريحات صحافية، إن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين أصدرت قرارها يوم الإثنين 8 يوليو الجاري، ليكون بداية العد هو يوم الثلاثاء.
عريضة للاستفتاء
في خضم هذا الجدل القانوني حول مدى دستورية التعديلات الأخيرة للقانون الانتخابي، يواجه رئيس الجمهورية حملة لدفعه نحو تفعيل حقه الدستوري في عرض التعديلات على الشعب عبر استفتاء.
وفي هذا الإطار، وقعت أحزاب سياسية ونواب ومحامون وشخصيات فاعلة عريضة لمطالبة الرئيس بعرض التعديلات الأخيرة في استفتاء شعبي.
وقال الموقعون على العريضة إنه "من ناحية الأصل والمبدأ.. لا يجوز تغيير قواعد التنافس الديمقراطي بضعة أسابيع قبل انطلاق العملية الانتخابية".
واعتبر هؤلاء أن "جملة هذه التعديلات تعتبر إفراغا للعملية الانتخابية من كل معاني التنافس والاختيار، وهي منافية لكل المعايير الدولية لانتخابات ديمقراطية وشفافة وحرة".
وأوضح النائب عن نداء تونس، حسن العمري، وأحد الموقعين على هذه العريضة، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أنه "بحكم الخلافات الكبيرة بشأن مدى دستورية التعديلات الأخيرة، فإنه يتعين على رئيس الجمهورية ممارسة صلاحياته وعرض الأمر في استفتاء على الشعب التونسي".
وأشار العمري إلى أن "التعديلات الأخيرة تشمل عدة ثغرات قانونية لا يمكن حسمها إلا عبر استفتاء الشعب من قبل الرئيس الذي يعتبر الضامن الأول للدستور".
واعتبر النائب أن "القانون يسهم في إقصاء طيف واسع من التونسيين في الوقت الذي تحتاج فيه الديمقراطية الناشئة لمختلف الحساسيات السياسية".
دعوات فوضوية
في المقابل، يرى النائب السابق بالمجلس التأسيسي، رابح الخرايفي، أن "الدعوات إلى الاستفتاء هي دعوات فوضوية تهدف بالأساس إلى تأجيل الانتخابات".
وأشار الخرايفي إلى "أن العريضة صدرت عن مجموعات كانت تطالب بتأجيل الانتخابات وقد اتخذت من الإقصاء ذريعة لتحقيق هذا الهدف".
وأكد الخرايفي أن "هذه الدعوات الفوضوية تنم عن جهل بالمخاطر السياسية التي يمكن أن تنتج عن تأجيل الانتخابات، فضلا عن الكلفة المادية العالية للاستفتاء، وبالتالي فهي دعوات تهدف إلى تحقيق طموحات شخصية وتنطلق من عداوات مع رئيس الحكومة".
المصدر: أصوات مغاربية