طفت على سطح مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب خلال الآونة الأخيرة قصص خلافات عائلية، اختار أطرافها إلى الجهر بها أمام الملأ.

​​آخر هذه القصص التي احتلت صدارة الفيديوهات الأكثر مشاهدة على اليوتيوب في المغرب، خلاف شابة مع أسرة زوجها لأسباب عائلة شخصية، عرضته بنفسها على الإنترنت في فيديو تجاوزت نسبة مشاهدته عتبة 1.5 مليون مشاهدة حتى الآن.

 

وقبلها، خطفت امرأة مغربية الأضواء من كل صناع المحتوى المحترفين على موقع يوتيوب، حينما طرحت فيديو بعد 10 أيام فقط من وفاة زوجها لشرح تفاصيل الوفاة، مطالبة من المشاهدين، الذين وصل عددهم إلى مليون و600 ألف، الترحم على زوجها الراحل، كاشفا أسرار شخصية عنهما.

​​هذا النوع من المحتويات الرقمية وما يثيره من تفاعل ومشاهدة عالية يثير نقاشا يشمل جوانب مختلفة.

قضية قيم

من وجهة نظر الباحث في علم الاجتماع، علي الشعباني، فإنه يمكن تفسير هذه المعطيات من الناحية السوسيولوجية بكونها "جملة من التغييرات التي بدأت تمس المجتمع المغربي بفعل الاحتكاك مع التكنولوجيا الجديدة وثورة مواقع التواصل الاجتماعي".

هذه التغييرات "مست الجانب القيمي"، وفق الشعباني الذي يرى أن "العديد من القيم والحدود المتعارف عليها بالأمس أصبحت تتلاشى اليوم أمام غزو المنصات الاجتماعية، ما يعني أن هذه الأخيرة بدأت تغيير ملامح الأفراد وبالتالي تهدد كيان المجتمع ككل".

ويسمي الباحث في علم الاجتماع النزوع نحو كشف تفاصيل الحياة الحميمية في "السوشل ميديا" إلى ما يسميه بـ"العري الاجتماعي"، والذي يعني وفقه "سقوط الحميمة والأسرار أمام الإيقاع الذي تفرضه هذه المواقع الحديثة، القائمة بالأساس على تبادل تفاصيل الحياة الخاصة وبشكل يومي متسلسل".

في مقابل هذا التدافع بين صناع المحتوى والمؤثرين داخل المنصات الاجتماعية على كشف أسرارهم وتفاصيل حياتهم اليومية، توجد مسؤولية يتحملها المشاهد "الذي يهتم بشؤون خاصة لا تعنيه في شيء"، وفق الباحث نفسه.

هذا الاهتمام هو نتاج "تدني المستوى التعليمي للمجتمع، وارتفاع الأمية والجهل وسط شرائح واسعة من المغاربة"، وفق الشعباني.

​​تأثير جديد

يشاطر الأستاذ الباحث في مجال التواصل الرقمي، مهدي عامري، هذا الطرح مؤكدا أن منصات "السوشل ميديا" أصبحت تكرس هذا النوع من المحتويات بسبب "طبيعتها المحفزة على النشر التلقائي في غياب أي ضوابط أو قيود تمنع نشر أي كان".

ويضيف عامري قائلا: "اليوم نعيش فوضى رقمية كبيرة في ظل الولوج اللامحدود لهذه الوسائط والقدرة على النشر بمختلف الإمكانيات المتاحة سواء فيديوغرافية أو مكتوبة، ما يفسر تكاثر هذا النوع من المحتويات التي تعرض الحياة الشخصية للأفراد".

هناك عامل آخر متحكم في الظاهرة وفق عامري، وهو "السعي نحو اللايكات والتعليقات التي ترفع من قيمة صانع المحتوى بغض النظر عن المحتوى نفسه".

ويرى العامري، في حديث مع "أصوات مغاربية"، أن هذا الإشكال "يطرح نفسه في كل المجتمعات وليس استثناء مغربيا"، مضيفا أن "انتهاك الأخلاقيات أصبح شائعا في كل مكان".

ويتابع المتحدث قائلا: "في الواقع، نحتاج إلى تربية إعلامية رقمية تكون موجهة بالأساس إلى صناع المحتوى والصحافيين من خلال إطلاق دورات تكوينية في هذا الإطار".

 

المصدر: أصوات مغاربية

 

مواضيع ذات صلة