أعلن رئيس الدولة في الجزائر عبد القادر بن صالح عن الشروع في إجراء الاتصالات من أجل اختيار الشخصيات الوطنية التي ستقود الحوار بين السلطة من جهة، وبعض الأحزاب السياسية، فضلا عن ممثلي المجتمع المدني من جهة أخرى.
موازاة مع ذلك، وافقت أغلب الشخصيات التي اقترحها المنتدى المدني للتغيير على القيام بمساعي الوساطة بين الطرفين، وفق ما ذكرته اليوم وكالة الأنباء الرسمية.
في حين، أبدت شخصيات أخرى، مثل الناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، تحفظها عن هذا الأمر، ووضعت شروطا مسبقة لقبول العرض.
ومن المتوقع، أن ينطلق الحوار الوطني بالجزائر خلال الأيام المقبلة وسط نقاش حاد بخصوص نجاح هذه المبادرة التي دعت إليها السلطة من أجل الخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد.
وهذه أهم العوامل التي قد تقف في وجه الحوار الوطني بالجزائر:
1. إطلاق سراح المعتقلين السياسيين:
اشترط سياسيون وحقوقيون جزائريون على السلطة ضرورة إطلاق كل النشطاء والشخصيات التي تم اعتقالها في الفترة التي أعقبت انطلاق الحراك الشعبي كخطوة أساسية وأولية للمشاركة في الحوار.
وتشترك في هذا التوجه العديد من الأحزاب السياسية المشاركة في مبادرة الحوار الوطني التي نظمت قبل مؤخرا، فضلا عن شخصيات وطنية مستقلة.
وكانت السلطة بالجزائر قد اعتقلت عشرات الأشخاص في المدة الأخيرة على خلفية حملهم للراية الأمازيغية خلال المسيرات والمظاهرات التي تنظم كل جمعة، إضافة إلى القائد السابق للولاية التاريخية الرابعة، لخضر بورقعة، بعد انتقاده للمؤسسة العسكرية ودورها في الحياة السياسية.
2. رحيل حكومة بدوي:
على عكس رئيس الدولة عبد القادر بن صالح الذي قبلت بعض الأحزاب السياسية ببقائه لغاية تنظيم انتخابات رئاسية، فإن بقاء نورالدين بدوي على رأس الحكومة الحالية يثير خلاقات واضحة بين السلطة الحالية وبين العديد من الأحزاب، وأيضا النشطاء الذين طالبوا برحليه منذ انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير الماضي.
وكان الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة قد عين الأخير في منصب وزير أول خلفا لأحمد أويحيى، أياما قليلة قبل تقديم استقالته، لكن القرار لم يحظ بقبول المحتجين الذين أصروا على ذهاب "كل رموز النظام السابق"، بمن فيهم نور الدين بدوري وأعضاء الحكومة التي شكلها.
ونجح الحراك في تشكيل ضغط كبير انتهى باستقالة عدة مسؤولين سابقين مثل رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، وكذا رئيس المجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب، في حين بقي نور الدين بدوي في منصبه لحد الساعة.
3. رئاسيات أم مرحلة انتقالية:
أي حل يناسب الوضع السياسي في الجزائر؟ هل هو الذهاب بشكل مباشر إلى الانتخابات الرئاسية أم المرور عبر مرحلة انتقالية تمتد لغاية سنة واحدة؟ هذه أيضا تساؤلات تتفرق حولها الرؤى والمواقف.
السلطة الحالية، خاصة المؤسسة العسكرية، أبدت منذ البداية رفضها التام الذهاب إلى مرحلة انتقالية مهما كان حجمها الزمني، وأصرت من خلال تصريحات مباشرة أطلقها قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح على ضرورة أن يكون الحل في إطار الدستوري، أي من خلال تنظيم انتخابات رئاسية تفضي إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد.
في حين تدعو شخصيات سياسية أخرى إلى فكرة الذهاب إلى مرحلة انتقالية تمتد بين 6 أشهر وسنة واحدة تتولى فيها مهام تسيير البلاد هيئة رئاسية مشكلة من شخصيات وطنية مستقلة قبل تنظيم الانتخابات الرئاسية.
4. مراقبة الانتخابات الرئاسية:
من المطالب الرئيسية التي تصر العديد من الأحزاب السياسية، خاصة المحسوبة على المعارضة، ما تعلق بانتخاب لجنة وطنية عليا مستقلة تتكفل بتنظيم ومراقبة الانتخابات الرئاسية.
وهو مشروع لا يحظى بالإجماع داخل السلطة التي لم تبدي بشأنه موقفا واضحا ومباشرا بشكل أثار قلق العديد من الأوساط السياسية التي تعتبر ذلك ضمانا حقيقيا للمشاركة في أي حوار مع السلطة، بل تعتبره شرطا أساسيا لنحاجه.
ومن المنتظر أن يقوم البرلمان الحالي بتعديل المادة 194 من الدستور المتعلقة بتشكيل لجنة عليا لمراقبة الانتخابات، لكن ذلك يبقى مرهونا بمدى التوافق الذي يحصل بين الأطراف التي ستشارك في الحوار وكذا النتائج التي سيفضي إليها.
5. من سيحاور السلطة؟
إذا كانت رئاسة الدولة، ممثلة في الرئيس عبد القادر بن صالح، هي من سيمثل السلطة السياسية الحالية خلال الحوار الوطني، فإن قضية انتخاب ممثلين عن الحراك الشعبي الأحزاب والمجتمع المدني تبقى لحد الساعة الحلقة المفقودة في عملية التحضير لهذه العملية.
فلحد الساعة يجري نقاش حاد بين من يملك الشرعية في التحدث باسم الشعب الجزائري مع السلطة، إضافة إلى سقف ومحدودية المطالب التي سيرفعها إليها خلال جولات الحوار.
المصدر: أصوات مغاربية