قضت محكمة مغربية، أمس الخميس، بالإعدام في حق ثلاثة أشخاص أدينوا بقتل السائحتين الاسكندنافيتين لويزا فيتسراغر جيسبرسن وإيرين بولاند، أواخر السنة الماضية في منطقة إمليل بإقليم الحوز.
كما قضت المحكمة بالمؤبد في حق شخص رابع كان قد تراجع عن تنفيذ الجريمة، وهو ما دفع البعض للتساؤل عن الفرق بين الحكمين، ما دام الإعدام عمليا أشبه بالمؤبد في ظل تجميد تنفيذه منذ أزيد من عقدين.
"عذاب نفسي"
وفقا لمعطيات رسمية صادرة عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة التأهيل، فقد بلغ عدد المعتقلين المحكومين بالإعدام إلى حدود متم السنة الماضية، 72 شخصا، 70 منهم ذكور.
وبالرغم من أن المغرب لم ينفذ الإعدام منذ سنة 1993، والتي كانت "استثناء" كسر تجميد التنفيذ الذي بدأ منذ 1982، إلا أنه لم يلغه من القانون الجنائي، وبالتالي ظلت المحاكم تقْضِ به، وهو ما يدفع كثيرين للتساؤل حول الجدوى من إصدار الحكم مادامت العقوبة عمليا موقوفة التنفيذ.
فالنسبة للحقوقي والمحامي عبد المالك زعزاع، فإن عدم تنفيذ العقوبة لا ينقص من وقعها على نفسية المحكومين بها الذين "يعيشون حياة الإعدام في كل لحظة"، خصوصا وأن العقوبة غير ملغاة من القانون.
ويتابع زعزاع تصريحه لـ"أصوات مغاربية" مبرزا أن "مجرد وجود المحكومين بالإعدام في مكان داخل السجن يُعرف بحي المحكومين بالإعدام يجعلهم يعيشون عذابا نفسيا طوال الوقت".
تبعا لذلك يرى المتحدث ضرورة "تقليص تلك العقوبة قدر الإمكان بحيث لا يُحكم بها سوى في جرائم نادرة جدا" تهم بالخصوص تلك التي "تمس السلامة الجسدية بشكل وحشي وبشع".
تقليص العقوبة
في مشروع القانون الجنائي الموضوع لدى البرلمان، تم تقليص الجرائم التي يحكم فيها بالإعدام من 31 جريمة إلى 8 جرائم، مع إضافة ثلاث جرائم، هي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، ليصبح مجموع الجرائم التي يحكم فيها بالإعدام 11.
إلى جانب ذلك، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، خلال الندوة التي أعقبت الاجتماع الأسبوعي للمجلس الحكومي، أمس الخميس، أنه "تم وضع قواعد صارمة وضابطة لصدور حكم الإعدام".
تبعا لذلك، شدد الخلفي على أن المغرب "قطع أشواطا مقدرة في هذا المجال" وذلك "على مستوى التشريع والقضاء والممارسة"، حيث لفت إلى أن المغرب لم يشهد تطبيقا لأحكام الإعدام منذ سنوات.
ولكن، وبينما المغرب يتحدث عن تقليص الجرائم التي يحكم فيها بالإعدام، وعن تجميد تلك العقوبة على مستوى الممارسة، فإن العديد من المنظمات الوطنية والدولية تطالبه بإلغائها كليا من القانون.
وقد طالبت تلك المنظمات السلطات المغربية مرارا بالمصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
كما أن العديد من الحقوقيين انتقدوا احتفاظ المغرب بتلك العقوبة من منطلق اعتبار أنه "يريد إبقاءها تحت تصرفه"، وهو ما ربطوه بـ"أسباب سياسية ودينية".
إشكالية "التقادم"
رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان، عبد الرزاق بوغنبور، بدوره من المطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام ويرفض استمرارها ضمن مشروع القانون الجنائي رغم تقليص الجرائم التي يحكم بها فيها ورغم توقف تنفيذها منذ ما يزيد عن عقدين.
ويرى بوغنبور في تصريحه لـ"أصوات مغاربية" بأن الاحتفاظ بتلك العقوبة وعدم تنفيذها "قد يؤدي أحيانا إلى تقادم الحكم"، حيث أنه "بمرور 15 سنة على عدم التنفيذ يصبح المحكوم في حالة اعتقال تعسفي"، وفق تعبيره.
ويشدد المتحدث على ضرورة حذف تلك العقوبة من القانون الجنائي، إذ وخلافا لبعض الآراء المؤيدة لاستمرارها، يرى أنها "غير رادعة للجريمة"، ويقترح في المقابل تعويضها بـ"عقوبات بديلة".
ويقر الحقوقي المغربي بأن هناك جرائم خطيرة تتطلب عقوبات شديدة، ويؤكد أنه مع تشديد العقوبات ولكن شرط عدم المس بالحق في الحياة.
بموازاة ذلك يؤكد بوغنبور على ضرورة "معالجة الأسباب التي تؤدي إلى تلك الجرائم"، مبرزا أن العقاب وحده لن يحد ولن يردع الجرائم، بل إن الأمر يتطلب البحث في الأسباب ومعالجتها من جذورها.
المصدر: أصوات مغاربية