في حوار مع قناة فضائية جزائرية خاصة شهر يناير الماضي، وُجِّه لمدرب "محاربي الصحراء" جمال بلماضي السؤال التالي: هل يمكن أن نحلُم بإنجاز؟
فأجاب: سنذهب إلى مصر من أجل الفوز بالكأس.. سنحقق ما لم يحققه أحد وما لم يؤمن به أحد.. سنفوز بالكأس خارج الجزائر والتوفيق من الله!
منتخب بنتائج سيئة!
ربما قلة قليلة من الجزائريين كانت تصدّق ما وعد به بلماضي، بالنظر للفترة القصيرة التي أشرف فيها على المنتخب، بل والحالة التي كان عليها هذا المنتخب! فلقد خلَف بلماضي الدّوليَّ الجزائري السابق رابح ماجر في الثاني من أغسطس 2018، ووقع عقدا مع اتحادية كرة القدم في الـ18 من نفس الشهر ينتهي سنة 2022.
وعلقت الصحافة الجزائرية وقتها بأن بلماضي ورث منتخبا "نتائجه سيّئة".
لكن بلماضي فعلها وعاد بكأس أفريقيا إلى الجزائر بعد 11 شهرا فقط من تولّيه تدريب "المحاربين"، فكيف تحقق هذا الإنجاز؟
بدأ بلماضي يُحضّر المنتخب بمقابلات ودية واجه فيها منتخبات عربية وأفريقية، فاز عليها جميعها.
وعندما بدأ بناء الفريق قال "لا أبني فريقا على أي أحد مهما كان، وليس هناك أحد يمكن أن يعتبر محورا، الفريق هو محور نفسه، لا يمكن أن يكون لاعب واحد محور فريق كامل".
الوجه الآخر
في يونيو الماضي، انطلقت بطولة كأس أفريقيا للأمم بمصر، ولم يكن المنتخب الجزائري مرشّحا للمنافسة على الكأس، وذهبت الترشيحات لصالح البلد المنظم والسنغال، حتى بلماضي نفسه قال في ندوة صحفية إن الفريق ليس مرشحا للفوز بالكأس.
سحق المنتخب الجزائري نظيره الكيني في أولى مواجهاته بثلاثة أهداف لصفر، وقيل إن المنتخب الكيني كان ضعيفا، وانتظر الجميع مباراة السنغال، أبرز المرشحين للتتويج، ليختبر الجزائريين، ففاجأ "المحاربون" المراقبين بمقابلة كبيرة انتهت بالفوز بنتيجة هدف لصفر.
هدف قائد منتخب الجزائر رياض #محرز ضد كينيا. [🎥: @if24hd__] pic.twitter.com/e5R2JUHEgZ
— ManCityActivity™️ (@ManCityActivity) June 23, 2019
وفي آخر مقابلات الدور الأول ضِمن مجموعته، واجه المنتخب الجزائري تنزانيا بتشكيلة الاحتياطيين، وكانت المفاجأة مرة أخرى!
لقد اكتشف الجزائريون والمحللون الرياضيون فريقا ثانيا سحق التنزانيين بثلاثة أهداف لصفر، وبدأ الحديث عن "منتخبين جزائريين" وراحت الترشيحات للتتويج بالكأس تصب في صالح الجزائر بنسبة كبيرة، وفق محللين.
إلى المربع الذهبي
تأهل المحاربون إلى الدور ربع النهائي بتسع نقاط وسبعة أهداف دون أن تتلقّى شباكهم هدفا واحدا، وكان عليهم مواجهة المنتخب الغيني حتى يمرّوا إلى الدور ربع النهائي.
ببساطة كبيرة تغلب "الخُضر" على غينيا بثلاثة أهداف لصفر، وفي ربع النهائي واجه المحاربون فيلة كوت ديفوار، وكانت مقابلة حامية الوطيس تعادل فيها الفريقان بهدف لمثله.
حسم المحاربون المرور إلى دور نصف النهائي ضد الإيفواريين بالضربات الترجيحية، وتغلّبوا على منافس من كبار القارة، لكن المنافس الذي واجهوه في الدور الموالي لم يكن يقل بأسا عن الفيلة.. إنهم نسور نيجيريا.
في هذه المواجهة كان "المحاربون" سبّاقون إلى شباك النسور، وعدّل النيجيريون النتيجة، لكن رفقاء رياض محرز كانت لهم الكلمة الفصل بهدف قاتل وقّعه محرز نفسه في الدقيقة 94، أي في الوقت بدل الضائع من عمر المقابلة.
المحاربون.. الأجدر بالكأس
بعد هذا الأداء، أجمع كثير من المحللين على أن الفريق الأحق باللقب الأفريقي هو الجزائر، وطارت الأحلام بالفريق وبالجماهير ودقت ساعة المقابلة النهائية ضد أسود التيرانغا، الذين تغلّب عليهم المحاربون في الدور الأول بهدف لصفر.
قبل المواجهة، سأل الصحافيون المدرب جمال بلماضي: كيف ستواجه السنغال؟ فردّ "النهائي يُربح ولا يُلعب"، وطبّق الرجل الذي بات محبوب الجزائريين الأوّل هذا الكلام حرفيّا في المقابلة.
بعدما سجّل بونجاح الهدف الأول والأخير في المقابلة في الدقيقة الثانية من عمر اللقاء، سيّج المحاربون منطقتهم طيلة المقابلة ونجحوا في رد كل الهجمات السنغالية، ووجد الجزائريون أنفسهم يعانقون الكأس الأفريقية الثانية في تاريخهم، خارج الجزائر، بعد 29 عاما كاملة من فوزهم بها في بلدهم.
في ندوة صحافية أخيرة أعقبت تتويج المحاربين بالكأس الأفريقية، قال جمال بلماضي "شعوري لا يوصف والطاقم الفني لا يساوي شيئا بدون هؤلاء اللاعبين، حققنا إنجازا تاريخيا بالتتويج بكأس أمم إفريقيا من خارج الديار".
المصدر: أصوات مغاربية