فجّرت الرئاسة التونسية، نهاية الأسبوع، نقاشات دستورية وقانونية كبرى، بعد إعلان أحد المستشارين بقصر قرطاج عدم إمضاء الرئيس الباجي قايد السبسي على التعديلات الجديدة للقانون الانتخابي.
ويقول مناصرو السبسي إن الرئيس انتصر"لمبدأ المساواة بين التونسيين"، في علاقة بالانتخابات، فيما يرى منتقدو الرجل أنه "قدّم خدمات لأصدقائه من القوى السياسية التي يهدد التعديل الجديد وجودها في الانتخابات المقبلة".
الامتناع عن ختم القانون
وقال مستشار الرئيس التونسي، نور الدين بن تيشة، إن الرئيس الباجي قائد السبسي لم يختم القانون الانتخابي المُعدّل، وبالتالي يظل القانون الانتخابي السابق ساري المفعول.
وأكد بن تيشة، في تصريحات إعلامية السبت، أن تعديلات القانون الانتخابي "أثارت جدلا في البلاد ورئيس الجمهورية لن يختم قانونا فيه إقصاء بعض الأطراف من سباق الانتخابات قبل أيام من فتح باب الترشحات".
وبعد رفض الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، الرفض الذي قدمه نواب المعارضة ضد التعديلات الجديدة في قانون الانتخابات، توجهت الأنظار إلى رئاسة الجمهورية لتبين موقف السبسي.
وحسب دستور 2014، يحق للرئيس رد القانون إلى البرلمان لإعادة النظر فيه وبالتالي سيتطلب الأمر موافقة ثلاثة أخماس المجلس، أو عرضه على استفتاء شعبي أو ختمه والإذن بنشره في الرائد الرسمي.
اليوم عند منتصف الليل تنتهي المدة المخولة لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في شان التنقيحات الجديدة المدخلة على القانون الانتخابي اما باقرارها او رفضها واعادتها الى مجلس نواب الشعب او الدعوة الى استفتاء شعبي حولها pic.twitter.com/0iSxAyzD3i
— MahmoudHorchani (@MahmoudHor) July 14, 2019
غير أن الرئيس ذهب إلى أبعد من ذلك وامتنع عن ختم القانون كما لم يرده إلى البرلمان أو يعرضه على الشعب في استفتاء، وهو إجراء لم يحدد الدستور الموقف بشأنه.
ويُفتح الاثنين، 22 يوليو ، باب قبول القائمات المرشحة للانتخابات التشريعية المنتظرة في أكتوبر القادم، وحسب مجريات الأحداث في الوقت الراهن فسيتم اعتماد القانون الانتخابي بصيغته القديمة غير المعدلة.
وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنها ستعتمد القانون الانتخابي غير المعدل في حال لم تصدر التعديلات الجديدة، التي أقرها البرلمان بالرائد الرسمي.
التعديلات المثيرة للجدل
أثارت التعديلات التي وافق عليها البرلمان التونسي ورفضت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين الطعن ضدها، جدلا واسعا بشأنها استمر على امتداد الأسابيع الأخيرة.
وكانت التنقيحات الجديد ستؤدي إلى إقصاء مرشحين بارزين في الانتخابات التشريعية والرئاسية أيضا على غرار رجل الأعمال نبيل القروي الذي حاز على رتب متقدمة في مؤشر نوايا التصويت في نتائج سبر الآراء.
ومن بين أكثر الفصول إثارة للجدل "البند 42 مكرر" الذي ينص على أنه "لا يقبل الترشح للانتخابات التشريعية لكل شخص أو قائمة تبيّن للهيئة (الهيئة العليا المستقلة للانتخابات) قيامه أو استفادته خلال الـ12 شهرا التي تسبق الانتخابات بأعمال تمنعها الفصول 18 و19 و20 من المرسوم عدد 87 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية"، أو "تبيّن قيامه أو استفادته من الإشهار السياسي".
وتمنع الفصول المذكورة كل حزب سياسي من "تقديم أية امتيازات مالية أو عينية للمواطنين أو للمواطنات، وقبول التمويلات من الجهات الأجنبية أو الإشهار السياسي وغيرها".
كما تفرض التعديلات الجديدة على المرشحين تقديم وثائق تثبت تصريحهم بالمكاسب وسداد الضرائب وخلو سجلاتهم من السوابق العدلية.
وفي السياق ذاته، سيُمنع وفق هذه التعديلات الترشح على كل شخص "ثبت قيامه بشكل صريح ومتكرر بخطاب لا يحترم النظام الديمقراطي ومبادئ الدستور والتداول السلمي على السلطة أو يهدد النظام الجمهوري ودعائم دولة القانون، أو يدعو للعنف والتمييز والتباغض بين المواطنين، أو يمجد ممارسة انتهاك حقوق الإنسان".
خميس: خطوة صائبة
وفي تعليقه على النقاشات الواسعة بشأن القرار الرئاسي بالامتناع عن إمضاء التعديلات الأخيرة، قال النائب بالبرلمان عن حزب نداء تونس، محمد رمزي خميس إن "السبسي اتخذ الخطوة الصائبة بعدم الإمضاء على قانون سيُسهم في تفريق التونسيين وتقسيمهم".
واعتبر خميس في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "السبسي انتصر لتونس ولم ينتصر لأصدقائه من خلال رفضه لقانون إقصائي، وهو موقف يتناغم مع رفضه لقانون العزل السياسي في 2013 و 2014".
وأبدى المتحدث ذاته استغرابه من "تغيّر موقف النخبة السياسية إزاء السبسي الذي أثبت أه رجل دولة وضامن حقيقي للدستور التونسي خاصة بعد إمضائه لدعوة الناخبين إلى الانتخابات بداية الشهر على الرغم من حالته الصحية".
واستبعد النائب أن "يكون السبسي أو نجله قد أبرما صفقة مع حزب قلب تونس الذي يقوده رجل الأعمال نبيل القروي".
الخرايفي: مقايضات بشأن القانون
في المقابل، يصر آخرون على حصول صفقة حول التعديلات الجديدة.
من بين هؤلاء، القيادي بحركة تحيا تونس والنائب السابق بالمجلس التأسيسي، رابح الخرايفي الذي يشير في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إلى " وجود مقايضات بين بعض الأطراف والرئيس الذي يقبع كرهينة لدى عائلته، بخصوص التعديلات الأخيرة".
وتابع الخرايفي " توجد العديد من الأسئلة اليوم حول الوضعية الصحية لرئيس الجمهورية، ما يُعزز فرضية وجوده كرهينة لدى عائلته والأطراف التي دعته إلى استفتاء حول تعديل القانون الانتخابي".
واعتبر المتحدث ذاته أن "الرئيس خرق الدستور الذي لا ينص على صلاحية عدم الإمضاء وهو إجراء لا يترتب عليه جزاء قانوني إلا حسب اجتهادات قانونية".
وأشار إلى "الأحزاب الحاكمة على غرار النهضة وتحيا تونس ستبدأ في اجتماعات لمناقشة هذه المسألة ولم يتوضح بعد ما سيترتب عنها".
الباجي قايد السبسي يمتنع عن توقيع القانون الانتخابي الجديد (المنقح).بغض النظر عن موقفي السابق من الباجي وبغض النظر عن موقفي من الأطراف المستهدفة بالقانون (على المقاس)، الباجي يثبت مرة أخرى أنه رئيس لكل التوانسة وحامي وحدتهم ورجل دولة يفكر لبعيد.شهادة تخصني
— atef ben amor (@atefbenamor4) July 20, 2019
المصدر: أصوات مغاربية