أثار قرار حركة النهضة ترشيح رئيسها راشد الغنوشي (78 عاما) في الانتخابات البرلمانية القادمة عن "دائرة تونس 1"، جدلا واسعا في تونس.
فقد أنعش هذه القرار المفاجئ التكهنات بوجود طموح شخصي لدى الغنوشي للعب دور أكبر في المرحلة المقبلة، إما كرئيس لمجلس نواب الشعب أو رئيس للحكومة.
ورغم أن المتحدث باسم النهضة، عماد الخميري، قال لرويترز إن "قرار ترشيح راشد الغنوشي هدفه أن يلعب زعماء الأحزاب دورا رئيسيا في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الانتقال الديمقراطي في البلاد"، إلا أن محللين سياسيين أكدوا لـ"أصوات مغاربية" أن الغنوشي "يدرك جيدا أن أيامه على رأس حركة النهضة معدودة، فلجأ إلى الترشّح للانتخابات وعينُه على رئاسة البرلمان".
ترجمان: الغنوشي يريد البقاء في المشهد السياسي
وقال الكاتب والمحلل السياسي التونسي، باسل ترجمان، إن سبب ترشيح زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي في الانتخابات التشريعية للسادس من أكتوبر المقبل هو "رغبة الأخير في البقاء في المشهد السياسي، في ظل معرفته بأن المؤتمر القادم سيحرمه من رئاسة الحركة التي تولّى زعامتها لأكثر من 40 عاما".
وأضاف، في اتصال مع "أصوات مغاربية"، أن الغنوشي "يعرف تماما أن حظوظه في الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية شبه منعدمة، بل قد يتلقى هزيمة كبيرة لو قرر الإقدام على تلك الخطوة، لهذا اختار رئاسة قائمة "تونس 1" في الانتخابات التشريعية، ولكن في المقابل خطوته فجّرت أزمات كبيرة داخل الحركة".
ويعتقد ترجمان بأن حركة النهضة قفزت على الديمقراطية الداخلية، "بعد أن تم تغيير القائمات وتم وضع أسماء مكان أسماء أخرى، وإدخال أناس ليسوا من الحركة إلى قوائم تابعة للحزب".
ونفى أن تكون نيّة الغنوشي هي رئاسة الحكومة في الوقت الراهن، قائلا "لا أعتقد أن هذا السيناريو وارد إطلاقا في ظل الأوضاع الحالية في تونس، وأعتقد أن مجلس النواب القادم سيكون مشلولا وعاجزا عن تشكيل الحكومة".
وتابع: "الدستور واضح هنا، فالذي يريد أن يكون رئيسا للحكومة يجب أن يفوز في الانتخابات وأن يمتلك أيضا تحالفا انتخابيا، لأن النظام الانتخابي التونسي يجعل حصول حزب واحد على 109 مقاعد، مهمة غير ممكنة".
وأكد المحلل السياسي التونسي أن "توقعات اليوم لا تعطي لحركة النهضة في أقصى الاحتمالات أكثر من 20 في المئة من مقاعد البرلمان، وباعتقادي فإن النهضة لن تكون في نهاية 2019 كما كانت في بداية هذه السنة"، معتبرا أن "أقصى أماني الغنوشي في ظل كل هذه الأوضاع، هي تولي رئاسة الكتلة النيابية لحركة النهضة، وربما الفوز برئاسة البرلمان".
الأمين البوعزيزي: الغنوشي يريد رئاسة البرلمان
من جانبه، أكد المحلل السياسي التونسي، الأمين البوعزيزي، أن "نية الغنوشي هي رئاسة مجلس النواب رغم كل تبريرات حركة النهضة"، مضيفا "بعد أن أصبح حصوله على ولاية أخرى على رأس النهضة شبه مستحيل، سيلجأ إلى دور آخر قوي هو مسك كتلة النهضة في البرلمان".
وأشار إلى أن المؤتمر العاشر للحركة في مايو 2016 أظهر أن النهضة "حركة بشرية مليئة أيضا بالصراعات والتناقضات. عندما كانت مُطارَدة كانت سمتها البارزة هي الوحدة والتماسك، لكن عندما أصبح وضعها مستقرا ظهرت خلافات كبيرة بين قادتها، وجزء من هذه الصراعات سببه راشد الغنوشي نفسه".
واعتبر أن "أطرافا من مجلس شورى الحركة لم تغفر أبدا للغنوشي اختياره المواجهة مع النظام في حقبة التسعينات، وما أسفر عن ذلك من معاناة للإسلاميين لمدة ربع قرن حتى جاءت الثورة وأنهت محنتهم".
وشدد على أن "زيارة الغنوشي الأخيرة إلى فرنسا والسرية التي أحيطت بأجنداتها تؤكد على ما يبدو أن رئيس الحركة كان يبحث عن ضوء أخضر فرنسي من أجل أن تتولى شخصيات نهضوية مناصب بارزة في الدولة التونسية"، مشيرا إلى أن "فرنسا مستعدة لرفع الفيتو إذا قبِل الغنوشي أن يلعب أدوار الوساطة في ليبيا، وهو الذي يتمتع بعلاقات قوية مع حكومة الوفاق والإسلاميين هناك، خصوصا بعد فشل خليفة حفتر في السيطرة على العاصمة".
لكن يعود ويؤكد أنه شخصيا لديه "معلومات من دوائر مقربة من النهضة تؤكد أن راشد الغنوشي يريد رئاسة مجلس نواب الشعب، حتى يصنع السياسات التي تخرج من القبة التشريعية ويتحكم في حزب النهضة الذي سيفقد زمامه خلال المؤتمر المقبل بلا شك".
المصدر: أصوات مغاربية