تتعمق المخاوف الأمنية في تونس بسبب الصراع الدائر بين قوات حكومة الوفاق القوات التابعة للمشير خليفة حفتر على الحدود الشرقية للبلاد.
وتفاجأ التونسيون، صباح الإثنين، بهبوط طائرة حربية ليبية بمنطقة تتبع محافظة مدنين الحدودية.
وارتفعت هواجس التونسيين خشية أن تكون تكاليف الحرب باهظة على البلاد، خاصة مع تواصل المعارك الضارية في ليبيا.
وكانت السلطات الأمنية والعسكرية التونسية قد رفعت من درجة التأهب على الحدود الشرقية، لمواجهة الأخطار المحتملة، وسط دعوات رسمية لإنهاء الاقتتال.
وحادثة الطائرة ليست المؤشر الوحيد على إمكانية تأثر تونس بالحرب في ليبيا، إذ سبق للسلطات أن ضبطت أسلحة وذخائر ينقلها أوروبيون على الحدود مع تونس.
اهم شي في حادث الهبوط الاضطراري للطائرة العسكرية الليبية في تونس، ان شاهد العيان الاول الذي كان على عين المكان ،كشف بسرعة عن مجمل ابعاد الموقف واغلق الباب نهائيا على اية مضاربات او مساومات بما فيها من الجانب التونسي ..قوة وسائل التواصل #ليبيا
— Ali Wahida علي اوحيدة (@aliwahida) July 22, 2019
كما شهدت الحدود البرية أيضا تسللا متكررا لمهاجرين هاربين من ليبيا ويطالبون بمنحهم حق اللجوء في دول أوروبية، فضلا عن إحباط السلطات لعمليات تهريب للسلع.
الدّبابي: هناك تحديات كبرى
يحذّر محللون من تفاقم الوضع الأمني في ليبيا، متوقعين أن تكون لذلك انعكاسات سلبية كبيرة على تونس التي تستعد لتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية حاسمة.
وفي هذا الإطار، يرى المحلل السياسي مختار الدّبابي أن "تطور الأحداث في طرابلس إلى مواجهة واسعة سيجعل تونس تحت ضغط شديد، في ظل تحديات أمنية وإنسانية كبيرة".
وفي تصريح لـ"أصوات مغاربية" يشير الدبابي إلى أن "الحرب ستؤدي إلى هروب الآلاف من المدنيين سواء الليبيين أو الأجانب، خاصة اللاجئين المحتجزين في معسكرات تابعة لحكومة الوفاق بالتنسيق مع أوروبا".
"التحدي الإنساني سيكون أكبر من قدرة تونس التي لا تستطيع بأي شكل إعادة المد التضامني الذي جرى خلال ثورة فبراير 2011، والذي نجح فيه التونسيون في استقبال الآلاف من الليبيين في بيوتهم، فضلا عن حملات تبرع واسعة لفائدة مدن الغرب الليبي"، يردف المتحدث.
ويشرح المحلل السياسي موقفه بالقول إن "الوضع الاجتماعي والاقتصادي للتونسيين تغير، وعلى العكس بات التونسيين في حاجة إلى الدعم، كما أن تونس لا تقدر بأي شكل على إيواء لاجئين، وهي ما تزال عاجزة إلى الآن عن تصريف بعض المهاجرين الأجانب والبحث لهم عن طريق قانوني للجوء في أوروبا".
غير أن الدبابي يعتبر أن التحدي الأمني هو الأكثر خطورة، مضيفا أن "اشتعال المواجهة سيدفع بمئات المقاتلين إلى الهروب إلى تونس، وبعضهم ينشط ضمن جماعات مصنفة إرهابية، وهو ما سيهدد أمن البلاد التي تقاتل للقضاء على إرهاب مستوطن في الجبال وبأعداد محدودة".
"الأخطر أن تونس التي تتهم بالانحياز لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج والتي تقاتل نيابة عنها مليشيات مختلفة والقبول باستضافة مئات من المقالتين الفارين، سيعني تأزيم العلاقة المتوترة أصلا مع المشير خليفة حفتر"، يستطرد المتحدث.
العبيدي: الوضع تحت السيطرة
على الضفة الأخرى، يؤكد متابعون للشأن السياسي والأمني أن تونس ستنجح في تلافي كلفة باهظة نتيجة للحرب في الجارة الشرقية.
ويقول الدبلوماسي السابق، عبد الله العبيدي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إن "السلطات اتخذت جميع التدابير الأمنية والعسكرية اللازمة من بينها التقدم في تركيز منظومة الكترونية لمراقبة الحدود، فضلا عن الدفع بتعزيزات بشرية ولوجستية لحماية حدودها".
وحسب العبيدي فإن "الحرب بالجوار عادة ما تحمل معها بعض التجاوزات على غرار حادثة الهبوط الاضطراري للطائرة، ستكون لها انعكاسات سلبية لكنها محدودة على القطاع السياحي".
وبالنسبة للخبير الدبلوماسي فإن "إمكانية توافد أعداد كبيرة من الهاربين من الحرب على تونس، أمر مستبعد بالنظر إلى أن الوضع أقل خطورة مقارنة بـ2011، إذ تدور المعارك في نطاق جغرافي محدود".
المصدر: أصوات مغاربية