أعلنت الرئاسة التونسية، صباح الخميس، وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي عن عمر ناهز 93 عاما.
وجاء في بيان أصدرته الرئاسة "وافت المنية صباح اليوم الخميس 25 يوليو 2019 على الساعة العاشرة و25 دقيقة المغفور له بإذن الله رئيس الجمهورية التونسية محمد الباجي قايد السبسي بالمستشفى العسكري بتونس".
وظهر السبسي آخر مرة في الخامس من يوليو الحالي في فيديو نشرته رئاسة الجمهورية على مواقع التواصل الاجتماعي، قام من خلاله بتوقيع الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات التشريعية والرئاسية وتمديد حالة الطوارئ.
بين المحاماة والسياسة
يعد الباجي قايد السبسي واحدا من أكبر قادة الدول العربية سنا، فهو من مواليد 29 نوفمبر 1926 بزاوية سيدي بوسعيد بالضاحية الشمالية للعاصمة تونس.
زاول تعليمه الأولي في بلده الأم، قبل أن ينتقل إلى فرنسا لمواصلة الدراسات العليا في القانون بجامعة السوربون الفرنسية، حيث حصل هناك على الإجازة في الحقوق سنة 1952.
عاد السبسي بعد ذلك إلى تونس واشتغل محاميا، كما تولى الدفاع عن مجموعة من المقاومين أمام محاكم الاستعمار الفرنسي.
بعد استقلال البلاد، تقلد العديد من المسؤوليات السامية في الدولة، أبرزها منصب وزير للداخلية ثم للخارجية، كما أشرف أيضا على وزارة الدفاع.
عمل السبسي أيضا في السلك الدبلوماسي سفيرا لتونس في العاصمة الفرنسية باريس، وفي بون الألمانية.
في سنة 1989، تولى الباجي قايد السبسي رئاسة مجلس النواب إلى غاية سنة 1994، وهو التاريخ الذي أعلن فيه التخلي عن العمل السياسي.
تفرغ بعد هذه الفترة لمهتنه الأصلية محاميا، ورافع في العديد من القضايا أمام المحاكم التونسية، كما ألف عام 2009 كتابه المعروف "الحبيب بورقيبة: الأهمّ والمهم"، وفيه تطرق إلى مفهوم الدولة في فكر الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة الذي تأثر به بشكل كبير ولازمه لفترة طويلة.
العودة والإسلاميون!
شهدت تونس بعد هذه المرحلة أكبر انتفاضة شعبية انتهت بإسقاط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، خلال ما عرف بـ"ثورة الياسمين".
شهدت هذه المرحلة متغيرات عديدة أعادت الباجي قايد السبسي مرة أخرى إلى واجهة الحياة السياسية بعد انقطاع دام قرابة 7 سنوات، إذ استدعي لتولي رئاسة الحكومة في عام 2011.
أشرف السبسي خلال هذه الفترة على تحضير الانتخابات التي أفضت إلى أول مجلس تأسيسي في البلاد تولى الإعداد لدستور الجمهورية الثانية.
هذه العملية التي استغرقت حوالي 8 أشهر قبل أن يسلم السلطة بتاريخ 13 ديسمبر 2011.
تصفه العديد من الأطراف بـ"أحد أشهر الخصوم السياسيين للتيار الإسلامي في تونس"، وأحد أكبر المناوئين لحركة النهضة التي تمكنت بالعودة بقوة إلى الحياة السياسية خلال هذه المرحلة.
هذا ما حرض السبسي على التفكير مجددا في العودة إلى الحياة السياسية من خلال تأسيس حزب جديد عام 2012 أطلق عليه اسم "نداء تونس".
أحدث هذا الحزب الجديد المفاجأة خلال الانتخابات التشريعية التي جرت سنة 2014 حينما فاز بالرتبة الأولى خلال الانتخابات التشريعية.
وزاد طموح الباجي قايد السبسي ليقرر المشاركة أشهرا بعد ذلك في أول انتخابات رئاسية تنظم في البلاد بعد "ثورة الياسمين"، وأصبح رئيسا للجمهورية بتاريخ 21 ديسمبر 2014.
اجتهد خلال فترة حكمه في إعطاء ديناميكية جديدة للمجتمع التونسي من خلال سنه لجملة من التشريعات، خاصة ما تعلق بالميراث والمساواة بين الرجال والنساء، إضافة إلى قوانين أخرى تحمي الأقليات، وهو ما جر عليه انتقادات كبيرة من التيار المحافظ ممثلا في الإسلاميين.
المصدر: أصوات مغاربية