أبقى مجلس الشورى، وهو أعلى سلطة داخل حركة النهضة التونسية ذات المرجعية الإسلامية، على اجتماعه مفتوحا إلى يوم غد الثلاثاء للحسم في مسألة مرشح الحركة للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والتي ستجري في 15 من شهر سبتمبر المقبل.
وكان من المنتظر أن تحسم الحركة موقفها من الرئاسيات بحلول السبت، لكن الخلافات بين قياداتها حول هوية مرشح النهضة حالت دون الإعلان عنه إلى حد الآن.
ويرى محللون سياسيون أن هذه الخلافات مؤشر جديد على عمق الانقسامات التي تعيشها الحركة ارتباطا بمؤتمرها القادم، بينما يقول قياديون بالحزب إن تباين وجهات النظر داخل المؤسسات أمر طبيعي.
العصفور النادر
يُطلق الإعلام التونسي على مرشح النهضة المنتظر صفة "العصفور النادر"، ارتباطا بحديث رئيس الحركة، راشد الغنوشي، في لقاء تلفزيوني سابق عن هذا الأمر.
ولم يحسم مجلس شورى النهضة الموقف بشأن ترشيح شخصية من داخل الحركة أو من خارجها، كما لم يتم الاتفاق حول الأسماء المقترحة في حال اعتماد أحد الاتجاهين.
وقال رئيس مجلس شورى حركة النهضة، عبد الكريم الهاروني، إن "التصويت الذي أجري خلال الدورة الثلاثين الاستثنائية للمجلس لاختيار مرشح من داخل الحركة أو من خارجها للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها "لم يكن أغلبيا ولم يسمح باتخاذ قرار نهائي".
ووفق تصريحات الهاروني في ندوة صحافية فإن 45 عضوا من مجلس الشورى من بين 150 عضوا صوتوا لفائدة تقديم النهضة لمرشح من داخلها للتنافس خلال السباق الانتخابي الرئاسي المقبل المقرر في 15 سبتمبر القادم، مقابل تصويت 44 عضوا لفائدة مساندة الحركة ودعمها لمرشح من خارجها، إلى جانب تحفظ آخرين، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء التونسية.
وتبحث النهضة، وفق الهاروني، عن "توافق عريض وأغلبية مريحة صلب الحزب في ما يتعلق بمسائل هامة على غرار منصب رئيس الجمهورية الذي هو رمز لوحدة التونسيين".
ومن بين الأسماء التي تم تداولها من داخل حركة النهضة، رئيس مجلس البرلمان بالنيابة عبد الفتاح مورو، ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، ووزير الصحة الأسبق عبد اللطيف المكي، ووزير حقوق الإنسان الأسبق أيضا سمير ديلو.
وبشأن المرشحين من خارج الحركة قال الهاروني: "نبحث دوما عن شخصية توافقية ونحترم كل المترشحين ولسنا في عجلة من أمرنا، ونحن ننتظر حتى تكون الصورة واضحة أكثر".
وبين أن من بين الشروط في المرشح المدعوم من خارج حزبه أن يكون "شخصية توافقية وفية لأهداف الثورة وملتزمة بالديمقراطية والدستور وغيرها من الشروط".
مسلسل الخلافات
يرى متابعون للشأن السياسي التونسي أن الخلافات حول هوية مرشح النهضة الرئاسي حلقة في مسلسل طويل من الانقسامات التي تعيشها الحركة.
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي، باسل الترجمان، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "الخلافات داخل الحركة لا تتعلق بالانتخابات الرئاسية والتشريعية بل ترتبط بعدم التجديد للقيادات التاريخية، والمطالبات برحيل راشد الغنوشي عن رئاسة الحركة، وهو خلاف يمزق النهضة التي تستعد لإنجاز مؤتمرها ربيع العام القادم".
ويضيف الترجمان: "هناك خلاف يتمثل في وجود تيار يريد التمديد للغنوشي على رأس الحركة مقابل رفض قيادات تاريخية لهذا الأمر، وهو ما يكشف أكذوبة الديمقراطية الداخلية للحركة".
"بعد تقديم القائمات الانتخابية للتشريعيات القادمة، بان بالكاشف أن الانتخابات الداخلية والديمقراطية الداخلية لا أساس لها من الصحة، بعد أن تبين أن الغنوشي هو من من اختار أسماء بعينها، الأمر الذي أظهر أن النهضة حركة عقائدية يلعب فيها الغنوشي دور المرشد العام"، يستطرد المحلل ذاته.
وفي ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية يشير الترجمان إلى أن "النهضة لا تمتلك مرشحا قويا بعد أن تراجع الغنوشي عن ترشحه خشية التعرض لهزيمة تاريخية سيكون لها أثر على مستقبل الحركة"
داخل بيت النهضة
في المقابل، يشددعضو المكتب السياسي لحركة النهضة، محمد القوماني، على "تقارب الأصوات بين المؤيدين لترشيح شخصية من داخل الحركة أو خارجها، قرر مجلس الشورى العودة إلى النقاش مجددا لتحديد الموقف النهائي"
ويربط القوماني عدم حسم الموضوع بـ"دقة المسألة التي تتعلق باختيار المرشح لأهم منصب في البلاد وإرباك الحسابات الانتخابية للجميع بعد وفاة الرئيس السابق، الباجي قايد السبسي، وما فرضته من تقديم للرئاسيات على التشريعيات".
ووصف القيادي بالنهضة الخلافات داخل النهضة بشأن المرشح الرئاسي بـ"الأمر الطبيعي الذي يدل على أن التقديرات مرتبطة بالمحيط الإقليمي المتحرك وهي خلافات سياسية لا علاقة لها بما حدث من تباين لوجهات النظر حول القائمات المرشحة للانتخابات التشريعية".
ويشير المتحدث إلى أن "رؤية الحركة ستتوصل إلى اختيار المرشح الأنسب للبلاد والحزب وسيتم التفكير في الأشخاص المعنيين بعد حسم التوجه العام بشأن أن يكون المرشح من داخل النهضة أو خارجها".
المصدر: أصوات مغاربية