ما يزال القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، المعروف بـ"قانون فرنسة التعليم"، موضوع جدل واسع في المغرب، حتى بعد المصادقة عليه من طرف غرفتي البرلمان.
فقد أعلنت مجموعة من الشخصيات الجمعوية والحقوقية والسياسية والأكاديمية عن مبادرة لمواجهة القانون المذكور، وتحديدا ما يتضمنه بشأن تدريس بعض المواد باللغات الأجنبية وخاصة الفرنسية.
وكشف بلاغ صادر عن المبادرة عن عقد الشخصيات المذكورة، ومن بينها رئيس الحكومة المغربية السابق، عبد الإله ابن كيران، ورئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، فؤاد بوعلي، والبرلماني والوزير السابق امحمد الخليفة، اجتماعا وصفته بـ"العاجل" بحر الأسبوع الجاري.
وبحسب المصدر نفسه، فقد تم خلال الاجتماع "تدارس ما خلفه تصويت البرلمان المغربي بغرفتيه على مشروع القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، من استياء وتذمر كبيرين لاسيما المادتين 2 و31؛ اللتين أثارتا جدلا واسعا لدى جميع أطياف الشعب المغربي".
وأكد البلاغ أن المادتين المذكورتين تمثلان "انتهاكا صريحا للفصل الخامس من دستور المملكة ، وتهديدا لثوابت الأمة المغربية وهويتها ووجودها عبر التاريخ" كما اعتبر أنهما تمثلان "تراجعا خطيرا عن أحد أسس الدولة المغربية وسيادتها كما عبرت عنه نضالات الشعب المغربي وكتابات رجالات الحركة الوطنية وأدبياتهم".
واستحضر المصدر "المكانة المرموقة التي أولاها الدستور المغربي للغة العربية كلغة رسمية، ودورها عبر التاريخ في تعزيز وحدة الأمة المغربية وهويتها"، و"السياق المفصلي الراهن الهادف إلى إرساء قانون إطار لمنظومتنا التربوية، بعيدا عن المزايدات السياسية والمغالطات الإيديولوجية التي طبعت ردود المسؤولين وتعقيباتهم".
وشدد الموقعون على البلاغ على "الرفض التام لمواد القانون الإطار التي فرضت اللغات الأجنبية لتدريس المواد العلمية وغيرها في كل أسلاك التعليم"، مما يشكل، وفقها "شرعنة قانونية لفرض التدريس باللغة الفرنسية، وتمكينا للمد الفرنكفوني بكل تجلياته في منظومة التربية والتكوين والأخطر من ذلك مختلف مجالات الحياة العامة بوطننا".
ونددوا بالإجراءات التي وصفوها بـ"الاستباقية المنفردة التي أقدمت عليها وزارة التربية الوطنية بتعميم تدريس الباكالوريا وشهادة الإعدادي باللغة الفرنسية، ناهيك عن فرض هذه اللغة في تدريس العلوم بالابتدائي، في خرق سافر لمنطوق الدستور والمرجعيات الوطنية المتوافق حولها".
كما حذر المصدر بـ"المخاطر المحدقة باللغة العربية، في ظل سعي مبهم وغير مفهوم وغير مؤسس علميا لفرض التدريس باللغات الأجنبية في التعليم المغربي، بعيدا عن المعرفة العلمية والقراءة الموضوعية لسبل النهوض بالمدرسة المغربية ، وذلك تحت عناوين الهندسة والتناوب والانسجام اللغوي وخلط مقصود بين تدريس اللغات، التي نؤمن بضرورة تعلمها وإتقانها، ولغات التدريس التي وجب أن تقتصر على اللغتين الرسميتين الواردتين في الدستور" بحسب تعبير البلاغ.
وتبعا لذلك، أعلن أصحاب المبادرة "التزامهم وعزمهم الوقوف في وجه كل محاولات الفرنسة واستعدادهم الجماعي لخوض كل الأشكال النضالية المشروعة لإيقاف هذا المنحى التراجعي الخطير" الذي "يهدد" وفق تعبيرهم "الكيان الوطني، ويمس قيمه المشتركة ومستقبل أجياله، ويقضي على الإشعاع الثقافي للمغرب"، كما دعوا "الشعب المغربي قاطبة بكل مكوناته التسلح باليقظة والحذر للتصدي لكل ما يهدد مستقبل لغته ومقومات هويته وانتمائه الحضاري وتاريخه المجيد".
المصدر: أصوات مغاربية