هالة وردي في محاضرة سابقة
هالة وردي في محاضرة سابقة

هالة وردي، كاتبة وباحثة جامعية تونسية، أثارت مؤخرا الجدل في المغرب بسبب مداخلتها التي ناقشت فيها أفكارا حول النبي محمد.

صاحبة كتاب "أيام محمد الأخيرة" و"الخلفاء ولعنة فاطمة" توضح، في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية"، وجهة نظرها أكثر حول شخصية الرسول وعلاقته بالصحابة، وتصورها حول الإسلام.

  • انطلاقا من تجربتك العلمية، هل صار بإمكان المجتمعات العربية والمسلمة البحث في المقدسات بشكل أكثر حرية؟ 

طبعا، فمن خلال محيطي البعيد والقريب لاحظت أن هنالك استعدادا لطرح الأسئلة، ما يؤكد أنه لا مكان للمتشددين والمتعصبين الذين يسعون لترهيب الناس فكريا.

ومن خلال تجربتي، فقد تفاجأت بعدد الناس الذين أقبلوا على جناح ناشر كتابي بمعرض خاص للكتب بالجزائر و تونس والمغرب. رغم المنع المبطن لكتبي إلا أن عدد الحضور الذي حضر لقائي كان لافتا جدا.

وبالتالي يبدو لي أننا نحمل صورة سيئة عن أنفسنا ونحتقرها، في الوقت الذي نحن فيه جاهزون للنقاش.

ورغم أن القيادات السياسية متخلفة، إلا أنه لنا من النضج الفكري الذي يؤهلنا لنسمع كل الأطروحات وطرح جميع الأسئلة، لكن طبعا دون المس بالمقدسات لأنه لا أحد يقبل المس بمقدساته.

  • في الإطار نفسه، مداخلتك في أحد اللقاءات بالمغرب أثارت العديد من الجدل بسبب ما اعتبره البعض تشكيكا في وجود النبي؟ 

أنا تساءلت عما نعرفه عن الرسول من معلومات، ما الواقعي منها وما الخيالي، وهذا ليس مسا للرسول بل مسا بالطريقة التي تم بها رسم هذه الصورة للرسول وعلاقتها بالواقع.

وطبعا الرسول ليس مسؤولا عن الصورة التي صورها عنه هؤلاء الذي كتبوا عنه بعد سنوات وقرون بعد وفاته.

الخلاف بين السنة والشيعة ليس خلافا عقائديا أكثر منه خلاف سياسي

​​ولسوء حظنا العديد من التيارات الفكرية والتيارات الإجرامية سعت لترويج هذه الصورة التي تقول إن الرسول كان غازيا وقاتلا ومُعذِّبا. 

وهذا ما دفعني للتساؤل ما هو الجانب الواقعي التاريخي وما هو الجانب الذي تم تضمينه فقط في سيرة الرسول بعد وفاته بمراحل.

  • خلال اللقاء نفسه قمت بدعوة أحد المتدخلين لطرح سؤال ما إذا كان الرسول حقيقة أم أسطورة، هل هذا يعني التشكيك في وجود شخصية الرسول؟

الناس وقفت عند "ويل للمصلين".. بالعكس أنا قدمت دليلا قطعيا من خلال نص إغريقي تاريخي يعود لسنة 634، وهو نص معاصر للرسول يؤكد وجوده.

لكن السؤال المحوري بالنسبة لي هو ما هي العلاقة التي وجدت تاريخيا والصورة التي رسمت لها بعد وفاة التبي بسنوات وقرون.

  • ما الغاية من عودتك إلى هذا النقاش، خاصة أنه مر على حقبة النبي محمد حوالي 14 قرنا؟

المشاكل التي يعيشها العالم الإسلامي، وصراعات الإخوة الأعداء بين السنة والشيعة كلها تعود لنفس الفترة، وهي الصراعات التي أخذت بعدا سياسيا بحكم أن الخلاف بين السنة والشيعة ليس خلافا عقائديا أكثر منه خلاف سياسي مرتبط بمن له الأحقية بالحكم هل الصحابة أم العائلة، وهذا الموضوع بالنسبة يظل مطروحا، وسيبقى كذلك ولم يتم تجاوزه نهائيا. 

إعادة قراءة التاريخ تساهم في فهم الواقع

​​كما أن إعادة قراءة التاريخ تساهم في فهم الواقع، والأهم أن كل واحد منا يجب أن يبحث بنفسه ويرى الأمور بمنظوره الخاص ولم لا الخروج بطرح جديد.

ليس لي أي طموح في أن أفرض وجهة نظري حول الأحداث، بل فقط هو مجهود خاص لقراءة نصوص التراث، استخرجت منها ما رأيت أن له مغزى ويساهم في فهم واقعي، والتزمت بالإحالات لكي أكون صادقة مع نفسي ومع القارئ كذلك. 

  • في كتابك "Les califes maudits أو "الخلفاء ولعنة فاطمة"، وفق الترجمة التي تفضلين، تحدثت عن العلاقة بين النبي والصحابة، وهي العلاقة التي اتسمت بـ"الدسائس والتهديدات بالقتل" حسب كتابك. على ماذا بنيت هذا الطرح؟

على مصادر التراث الإسلامي طبعا، فهذا موضوع حساس وممكن أن يستفز العديدين، وبالتالي كل ما جاء فيه هو من مصادر موثقة، وليست كلها مصادر شيعية عكس ما يعتقد العديدون بداعي أن الشيعة هم أكثر من ركز على هذا الجانب المتشنج بين الرسول والصحابة خاصة العلاقة بين الرسول وعمر بن الخطاب، هذا الأخير الذي منع الرسول من كتابة وصيته. 

وقبل أن أبدأ البحث في الموضوع وقبل أن أفكر في كتابة كتاب كنت أعتقد أن هذا الطرح هو من روايات الشيعة بحكم أنهم هم من يسعون لشيطنة عمر بن الخطاب وأبا بكر الصديق على أساس أنهم افتكوا الشرعية من العائلة، لكن الحقيقة أني اكتشفت نفس الروايات عند السنة كذلك، عند البخاري ومسلم والطبري وبن كثير وغيرهم، وهو ما يؤكد أن هذا الطرح ليس موجودا بصورة عرضية بل عليه تقريبا إجماع.

  • هناك نقاش مستمر إلى اليوم حول تعريف الإسلام، كيف تعرفين أنت الإسلام؟ 

هناك الإسلام الخاص والإسلام العام، وبالنسبة لي الإسلام الحقيقي هو الإسلام الخاص الذي يرتكز على أركان يتفق عليه الكل وهي الأركان الخمسة، وإذا لاحظنا فهي أركان تقوم بها بشكل فردي؛ تصلي وتصوم وتزكي وتقول الشهادة وتحج بمفردك ولنفسك.

الإسلام الحقيقي هو الإسلام الذي يرتكز على أركان يتفق عليه الكل

​​ لكن كل ما يتجاوز هذه الأركان الخمسة من عنف وقس ليد السارق وجلد الزاني، أي ما يخص القوانين الخاضعة للزمان والمكان، وجب تجاوزها بسلطة الاجتهاد الموجودة في القرآن.

وعن الإسلام السياسي، فأنا أعتبره نوعا من الدجل الفكري والسمسرة بمشاعر الناس، تجعلهم لا يرون الأمور بعقلهم.

 

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة