على مدى أزيد من نصف قرن اعتاد المغاربة الاحتفال بـ"عيد الشباب" الذي يوافق عيد ميلاد الملك والذي يعتبر يوم عطلة وطنية في البلاد.
فقد تم الإعلان عن "عيد الشباب" أول مرة في عهد الملك الراحل محمد الخامس، الذي قرر بدءا من عام 1956 تخصيص تلك المناسبة للاحتفال بعيد ميلاد ولي عهده، مولاي الحسن.
واستمر الاحتفال بـ"عيد الشباب" بعد تولي الملك الراحل الحسن الثاني الحكم، وكان حينها يوافق التاسع من يوليو، قبل أن يتغير تاريخه إلى 21 أغسطس ليوافق تاريخ ميلاد محمد السادس، الذي قرر إلغاء الاحتفال الرسمي بتلك المناسبة بدءا من هذه السنة، وذلك بعد نحو شهر فقط على قرار يدعو إلى الاحتفال بعيد العرش "بطريقة عادية".
ويرى العديد من المحللين أن هناك علاقة بين القرارين اللذين يعكسان وفق كثيرين الرغبة في "ترشيد النفقات" و"التخفيف من المظاهر المخزنية".

ترشيد وتقشف!
إلغاء الملك الاحتفال الرسمي بعيد ميلاده، وقبل ذلك الدعوة إلى الاحتفال بعيد العرش "بطريقة عادية"، يدل بحسب المحلل السياسي، رشيد لزرق، على أن "المغرب سيدخل مرحلة تنزيل الإصلاحات ومن بينها ضبط النفقات المالية على مستوى جميع الفاعلين".
ويستحضر المحلل المغربي في السياق نفسه، المنشور الموجه من طرف رئيس الحكومة المغربية، إلى وزرائه قبل أيام والذي دعاهم من خلاله إلى "ترشيد النفقات"، مبرزا أن كل ذلك يدل على أن "السنة المقبلة ستكون سنة تقشف وتنزيل الإصلاحات التي تستدعي تضافر جهود جميع الفاعلين لإنجاح المخطط التنموي".
ويتابع المتحدث تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، مبرزا أن الملك بقرار إلغاء الاحتفال الرسمي بعيد ميلاده وقبله الدعوة إلى الاحتفال بعيد العرش بطريقة عادية، "يعطي نموذجا يُفترض أن تطبقه جميع المؤسسات حتى يتم تنزيل الأوراش الاجتماعية والقيام بإصلاحات هيكلية لتحقيق استقرار التوازنات الكبرى".
القرار السالف يأتي أيضا حسب لزرق في إطار تفعيل "الملكية الاجتماعية" التي يعكسها "التدخل المباشر للملك وفق جدولة زمنية مضبوطة"، بشكل "يضمن الاستقرار كما يضمن الاستمرار في تنزيل مختلف الإصلاحات في ظل مناخ إقليمي متقلب" وفق تعبيره.

تخفف من المظاهر المخزنيّة
من جانبه يرى المحلل السياسي، محمد شقير، أن إلغاء الاحتفال الرسمي بعيد ميلاد الملك والدعوة قبل ذلك إلى الاحتفال بعيد العرش" بطريقة عادية" ينضافان إلى العديد من القرارات السابقة التي "كسر" من خلالها الملك محمد السادس "بعض العادات المخزنية".
ومما يشير إليه في هذا السياق أن الملك محمد السادس "ومنذ توليه الحكم أشار في أحد خطاباته إلى تحويل مصاريف عيد العرش إلى المشاريع الاجتماعية"، بمعنى، يقول شقير أن "الملك في تصوره للحكم كانت لديه فكرة التخفيف من مظاهر المخزنة والمظاهر السلطانية التي ورثها عن سلفه".
القراران يدلان أيضا، بحسب ما يوضحه شقير لـ"أصوات مغاربية"، على "تدشين مرحلة جديدة" من حكم محمد السادس بعد مرور عشرين سنة على توليه العرش، وهي المرحلة التي تكرس وفقه "الاستمرار في التصور الذي بدأه منذ توليه الحكم" والذي يتضمن التخفيف من المظاهر السالفة.
وعلاقة بإلغاء الاحتفال الرسمي بعيد ميلاد الملك يشير شقير أيضا إلى ما يصفه بـ"العامل الشخصي"، والذي يتمثل في كون "الملك تجاوز الخمسين سنة، أي تجاوز مرحلة الشباب" الأمر الذي قد يفسر وفقه "إلغاء الاحتفال الرسمي بتلك المناسبة على أن يتم الاحتفال بها ربما في إطار شخصي خصوصا أن الملك لا يحب الاحتفالات الضخمة".
المصدر: أصوات مغاربية