مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية، تصاعدت الدعوات في تونس إلى تحييد المساجد ودور العبادة وإبعادها عن الدعاية السياسية للأحزاب.
ويشدد الدستور التونسي على مبدأ حياد المساجد وعدم انخراطها في الدعاية الحزبية، إذ جاء في الفصل السادس من الدستور أن "الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي".
وفي مواعيد انتخابية سابقة، اشتكت قوى سياسية من استفادة بعض الأطراف المنافسة لها من دعاية واسعة النطاق داخل المساجد.
تدابير وزارية
ولمواجهة إمكانية حدوث تجاوزات في هذا الاتجاه، اتخذت وزارة الشؤون الدينية جملة من الإجراءات والتدابير.
وفي هذا السياق، يقول رئيس ديوان وزير الشؤون الدينية، حكيم عمايري في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "الوزارة قررت إنهاء تكليف جميع الإطارات المسجدية التي تقدّم ترشحاتها للانتخابات، إلى غاية انتهاء هذا الاستحقاق".
وأضاف عمايري أن "الوزارة راسلت المندوبيات الجهوية لمدها بقائمة اسمية للإطارات التي قدمت ترشحاتها بهدف إيقافها بشكل مؤقت".
كما تنظم الوزارة وفقا للمسؤول ذاته "4 ندوات إقليمية بمشاركة هيئة الانتخابات للتأكيد على محورية دور الإمام في نزاهة الانتخابات التشريعية والرئاسية، من خلال طرح شرعي وآخر قانوني".
وأضاف أن "الوزارة حريصة على حيادية دور العبادة عن التوظيف السياسي والحزبي، وهو مبدأ دستوري يتعين احترامه".
وكان وزير الشؤون الدينية، أحمد عظوم، قد أعلن، في فبراير الماضي، عن ميثاق للأئمة التونسيين "يلزمهم بالحياد والنأي بالخطاب الديني داخل المساجد عن الشأن السياسي".
ويبلغ عدد المساجد في تونس 4480 مسجدا، وقد شهد الرقم ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة، بعد أن كان العدد لا يتجاوز 2710 عام 1999.
ويشرف، حسب إحصائيات رسمية، أكثر من 18 ألف إطار ديني، من بينهم أكثر من 2400 إمام، على تسيير الجوامع والمساجد في البلاد.
مدى انتشار الظاهرة
وحول مدى انتشار ظاهرة الدعاية السياسية داخل المساجد، يرى المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "الجدل حول هذه المسألة تراجع في السنوات الأخيرة، كما تقلص توظيف المساجد لاعتبارات عديدة".
ويعزو الحناشي تراجع الظاهرة إلى"القرارات الحازمة لوزارة الشؤون الدينية، إلى جانب وجود رقابة مجتمعية مكثفة على الخطب الدينية، باعتبار أن المسجد فضاء جامع لمختلف المشارب السياسية".
ويضيف المتحدث بأن "الأحزاب السياسية ذات الخلفيات الدينية تراجعت بدورها عن توظيف المساجد لإبعاد الشبهات عن نفسها وحرصها على عدم خرق القانون".
ومن وجهة نظر المتحدث ذاته، فإن "الفاعلين السياسيين وجدوا طرقا أخرى لاجتذاب الناخبين، بعيدا عن الفضاءات الدينية من بينها التواصل المباشر، لكن هذا لا يعني أن الظاهرة انتهت بشكل كلّي".
وتجري الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها منتصف الشهر المقبل، حيث قبلت الهيئة بشكل مبدئي ملفات 26 مرشحا، من بينهم وزير الدفاع، عبد الكريم الزبيدي، ورئيس الحكومة الموفض لصلاحياته، يوسف الشاهد، ورئيس البرلمان بالنيابة، عبد الفتاح مورو.
وفي أكتوبر القادم، تجري الانتخابات التشريعية لاختيار 217 نائبا جديدا في عهدة تستمر لـ5 سنوات.
المصدر: أصوات مغاربية