يعقد المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، الحزب الحاكم في الجزائر، اجتماعا طارئا الخميس من أجل الفصل في مصير أمينه العام محمد جميعي الذي يخضع لتحقيقات قضائية.
وتأتي الخطوة في أعقاب الطلب الذي تقدمت به وزارة العدل إلى المجلس الشعبي الوطني بهدف اتخاذ الإجراءات الخاصة بتجريد النائب محمد جميعي من الحصانة البرلمانية رفقة أعضاء آخرين.
أزمة ودعوات
وأثارت القضية أزمة جديدة في قيادة حزب "الأفلان" على خلفية مخاوف من تعرض الأمين العام الحالي إلى إجراءات قانونية قد تصل إلى الحبس مثلما وقع مع الأمين العام الأسبق جمال ولد عباس.
ودعا قياديون بارزون في الحزب، من بينهم ابراهيم بولحية وفؤاد سبوتة الأخير إلى تقديم استقالته من أجل السماح بانتخاب أمين عام جديد.
وموازاة مع الأزمة التي يعرفها حزب جبهة التحرير الوطني، يبقى النقاش في الساحة السياسية على أشده على خلفية الدعوات المتكررة التي تنادي بحل "الأفلان" وتشكيلات سياسية محسوبة على نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.
واستلم محمد جميعي قيادة جبهة التحرير الوطني منذ قرابة 4 أشهر فقط خلفا لمعاذ بوشارب الذي قدم استقالته تحت ضغط الحراك الشعبي.
وعبرت عدة أطراف حينها عن رفضها لانتخاب جميعي لهذا المنصب بحكم "التهم التي أطلقتها بعض الجهات ضد مساره السياسي، وأيضا بعض الملفات المتعلقة بالاستثمارات التي قام بها رفقة أفراد من عائلته".
مقابل ذلك، ظل الأخير ينفي كل التهم، مبرزا "استعداده للتعاون مع السلطة الحالية من خلال مساندته لجميع التصريحات التي أدلى بها نائب وزير الدفاع بخصوص الأزمة التي تعرفها البلاد".
مصير وبدائل
وأشار القيادي في الحزب وعضو مجلس الأمة، عبد الوهاب بن زعيم، إلى "أن استدعاء جميعي من قبل الجهات القضائية يمثل حرجا حقيقيا لجبهة التحرير الوطني، خاصة في هذا الوقت التي تشهد فيه الجزائر تطورات كبيرة".
وأضاف في تصريحات لـ"أصوات مغاربية"، قلائلا "من وجهة نظري لا أعتبر بقاء جميعي على رأس قيادة الأفلان أمرا إيجابيا بل ينبغي إحداث تغيير عاجل الآن".
وأكد المصدر ذاته "أن الحل الأمثل يكمن في استقالة المعني حتى يفسح المجال للقيادة لانتخاب أمين عام جديد تكون لديه القدرة على تسيير الحزب في المرحلة القادمة".
وتوقع بن زعيم أن يقدم محمد جميعي استقالته في اجتماع المكتب السياسي نهار الغد، لافتا إلى وجود عدة خيارات ستلجأ إليها القيادة لسد الفراغ الذي ستخلفه استقالة الأمين العام الحالي.
وأفاد القيادي في الأفلان بأن هناك حلين اثنين يمكن اللجوء إليهما، يتمثل الأول في تعيين الأكبر سنا في المكتب السياسي قصد تسيير شؤون الحزب لمدة 30 يوما، قبل استدعاء اللجنة المركزية لانتخاب مسؤول جديد للحزب، أو الذهاب مباشرة لعقد دورة استثنائية للجنة المركزية يتم خلالها انتخاب أمين عام جديد.
نهاية المهمة
من جهته، يرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي بشير خدام "أن حزب جبهة التحرير الوطني قد يكون وصل إلى آخر مرحلة من تواجده السياسي والتاريخي".
وأضاف المتحدث في تصريح لـ "أصوات مغاربية"، بأن "خريطة الساحة السياسية في الجزائر تغيرت بشكل كبير وصار من الصعب على الحزب الذي قاد البلاد منذ الاستقلال إلى غاية الآن أن يعثر له على مكان طبيعي وسط الجمهور والمواطنين".
"أغلب الجزائريين ينظرون إلى الأفلان بعين الريبة، ويحملونه المسؤولية فيما وقع بالجزائر منذ سنة 1962، ثم أن العديد من قيادييه ومنتخبيه متهمون الآن بالفساد وهو أمر لم يحدث من قبل"، يستطرد المتحدث.
ويؤكد خدام أن "التجارب التي عاشها الحزب في مراحل سابقة أنتجت خصومات وصراعات عميقة بين قيادييه الحاليين، وهو عامل آخر قد يؤثر بشكل مباشر في عملية البناء الداخلي الذي يسعى الحزب للقيام بها".
إضافة إلى ذلك، يشير المصدر ذاته إلى أن "السلطة الحالية ترفض الاعتماد عليه في المراحل القادمة بدليل أن سمحت بانتخاب برلماني من التيار الإسلامي لرئاسة المجلس الشعبي الوطني بدلا من حزب الأفلان أو أي حزب آخر كان محسوبا على السلطة".
المصدر: أصوات مغاربية