Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

زوج مغربي
زوج مغربي

جرى، يوم السبت الماضي، اعتقال صحافية مغربية وخطيبها في مكان عام ومتابعتها بتهم من بينها "الفساد" (إقامة علاقة خارج إطار الزواج)، وذلك استنادا إلى فصل قانوني يطالب كثيرون بإلغائه.

فإلى جانب الإشكال الحقوقي الذي يطرحه هذا الفصل والمتابعات التي تتم استنادا إليه، والتي يرى حقوقيون أن فيها "انتهاكا لخصوصيات الأفراد وحرياتهم"، هناك إشكال ديني/قانوني يبرز من خلال رأي البعض بأن القانون المغربي في هذا الباب "أكثر تشددا" حتى من الدين.

جريمة "الفساد" في القانون المغربي

بحسب مضمون الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي، فإن "كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة فساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة". 

المادة 493 من القانون نفسه تنص على أن جريمتي الفساد والخيانة الزوجية "لا تثبت إلا بناء على محضر رسمي يحرره أحد ضباط الشرطة القضائية في حالة التلبس أو بناء على اعتراف تضمنته مكاتيب أو أوراق صادرة عن المتهم أو اعتراف قضائي". 

المغرب يقلب المعطف: الدين قبل حقوق الإنسان!
عبر المغرب مجددا عن رفضه لعدد من التوصيات المتعلقة بحقوق المثليين والعلاقات الجنسية الرضائية، وأيضا مقتضيات متعلقة بالإرث وعقوبة الإعدام، في إطار استعراض التقرير الختامي في أشغال الدورة 36 لمجلس حقوق الإنسان في مدينة جنيف السويسرية.

ما هو المقصود بحالة التلبس؟

المحامي محمد الشمسي يجيب موضحا بأن المقصود بالتلبس هو أن "يفاجأ رجل وامرأة إما وهما على أُهبة القيام بذلك الفعل أو يقومان به أو أنهما انتهيا ولكن جميع القرائن المحيطة توحي بقيامهما به". 

التفسير السالف يتوافق مع مضمون المادة 56 ضمن باب "حالة التلبس بالجنايات والجنح"، من قانون المسطرة الجنائية، والذي يشير إلى أن من أشكال تحقق حالة التلبس "ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة أو على إثر ارتكابها"، مع التسطير على عبارة "على إثر" التي قد تفتح المجال لتأويلات مختلفة. 

في المقابل، يلفت الشمسي ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية" إلى قرار صادر عن محكمة النقض بشأن وسائل الإثبات ذات الصلة بتلك "الجريمة"، والذي  يصفه بـ"الجريء"، جاء فيه أن "تواجد رجل وامرأة تحت سقف واحد لا يعد دليلا على قيام جريمة الفساد أو الخيانة الزوجية" كما أن "تواجد رجل وامرأة في سيارة واحدة لا يعد قرينة على ارتكاب تلك الجريمة".

هل القانون أكثر تشددا من الدين؟

بالحديث عن وسائل إثبات العلاقة الرضائية خارج إطار الزواج التي يُصطلح عليها قانونا بـ"الفساد" وفقهيا بـ"الزنا"، يرى البعض أن القانون "أكثر تشددا" بشأن حدود العلاقة بين الجنسين في ذلك الإطار من الدين نفسه. 

فإذا كانت حالة "التلبس" بـ"الفساد" في القانون تبدو مفتوحة على عدد من الأوضاع، فإنها تبدو في الفقه محصورة في حالة واحدة يصعب تحققها.

الباحث في الدراسات الإسلامية، محمد عبد الوهاب رفيقي، يقول "لو عدنا إلى النص الديني المتعلق بمثل هذه القضايا فإن وسائل الإثبات قد تم التشدد فيها بالشكل الذي يجعل هذا الأمر غير قابل للتطبيق". 

"الزنا حسب الرأي الفقهي لا يثبت إلا بأربعة شهود حضروا الواقعة ورأوها بكل تفاصيلها رأي العين"، يوضح رفيقي الذي يلفت إلى أن إثبات الواقعة بناء على ذلك الشرط "لم يقع أبدا في تاريخ الإسلام طوال 15 قرنا". 

بمعنى آخر، فإن الأمر يتعلق بـ"شروط تعجيزية"  يقول المتحدث، مضيفا أن "مثل هذه الشروط حتى لو تحققت فسيكون ذلك في الغالب في مكان علني". 

من جهة أخرى، يرى الباحث المغربي أن "الإشكال القائم في هذا الإطار هو الخلط بين ما هو ديني وما هو قانوني"، بينما "المفروض أن يكون هناك فصل بين القانون الذي يجب أن يكون نابعا من المجتمع وبين ما هو ديني". 

 فالدين، حسب ما يوضحه المتحدث ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، يتضمن "دائرة الحلال والحرام وهي دائرة لا علاقة للمجتمع ولا للقانون ولا حتى للدولة بها"، بل إنها "تخص الإنسان وعقيدته واعتقاده والعلاقة التي يربطها مع خالقه". 

فصول "متجاوزة"..لماذا يُبقي عليها المشرع؟

في المقابل، يؤكد رفيقي أن "القانون يجب أن يبنى على توافقات مجتمعية، على الواقع، وعلى السياق على مستوى العالم وليس فقط على المستوى المحلي". 

انطلاقا من رأي مشابه لما عبر عنه رفيقي، يرى العديد من الحقوقيين أن الفصل الذي يعاقب على "العلاقات خارج إطار الزواج" أصبح "متجاوزا" ويرون ضرورة إلغائه هو وفصول أخرى يعتبرون بأنها "تتناقض" مع الواقع ومع مضمون الاتفاقيات الدولية. 

لماذا إذن يُبقي المشرع المغربي على تلك الفصول؟ 

بالنسبة للحقوقية، خديجة الرياضي، فإن الإبقاء على تلك الفصول التي تصفها بـ"المتخلفة" والتي "تطالب الحركة النسائية والحقوقية بإلغائها" راجع إلى كون "السلطة تستغلها وتوظفها سياسيا وكأنها عصا قمع". 

وبحسب الرياضي، فإن الفصول السالفة تنطوي على "نفاق اجتماعي" على اعتبار أن الأمر يتعلق بـ"ممارسات سائدة ومعروفة". 

وتتابع المتحدثة مبرزة أن "السلطة تلتجئ إلى تلك الفصول وتستعملها كفزاعة وكوسيلة للضغط وللمس بالمصداقية"، وذلك "في ظل وجود جيش من أشباه الصحافيين الذين يعمدون إلى التشهير" وفق تعبيرها. 

فـ"المهم أكثر من الاعتقال في هذه الحالات"، تقول الرياضي، هو "تشويه السمعة حتى قبل البت في التهمة، هذا إذا كانت هناك تهمة".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة