خلد العالم، أمس الثلاثاء، اليوم العالمي لمنع الانتحار، الظاهرة التي تعرف انتشارا مقلقا في المغرب، إذ تكشف معطيات سابقة لمنظمة الصحة العالمية أن المملكة هي ثاني بلد عربي من حيث عدد المقدمين على الانتحار.
وبحسب معطيات تعود للمنظمة نفسها فإن نسبة الانتحار في المغرب تنتشر بين النساء أكثر من الرجال، الأمر الذي يفسره أخصائيو النفس والاجتماع بالمشاكل والضغوط التي تعانيها النساء بشكل أكبر.
ضغوط مضاعفة
يعتبر المغرب من بين بلدان قليلة تسجل حالات انتحار في صفوف النساء أكثر من الرجال، حيث بلغ عدد المقدمين على الانتحار في البلاد سنة 2016، 1014 شخصا، من بينهم 614 امرأة و400 رجل.
الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، علي شعباني، يوضح بأن هذه الظاهرة ليست مرتبطة بمجتمع دون غيره أو بفئات دون غيرها، بل إن الأمر يتعلق بـ"ظاهرة عالمية تمس مختلف المجتمعات ومختلف الفئات بغض النظر عن المستوى الثقافي والاجتماعي".
ويقول شعباني في تصريحه لـ"أصوات مغاربية" إن الأمر "مرتبط بالعديد من العوامل الذاتية والموضوعية" والتي "متى توفرت يكون الشخص مهددا بالإقدام على وضع حد لحياته".
ومن بين الأسباب الذاتية، يشير المتحدث إلى "الأمراض النفسية والاختلالات السلوكية التي تُفقد الإنسان إرادته وتمنعه من التحكم في تصرفاته ومن اتخاذ قرارات صائبة".
أما الأسباب الموضوعية، فـ"ترتبط بالمجتمع وبالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، التي تساهم في إحباط الأشخاص" من قبيل "الفشل في العمل والدراسة ".
وبحسب الباحث المغربي فإن معاناة النساء من تلك العوامل "بشكل مضاعف" مقارنة بالرجال هو ما يجعل أن نسبة الانتحار مرتفعة بينهن.
فالمرأة، يقول شعباني "تعاني من الضغط في البيت وفي العمل وفي الشارع بشكل مضاعف"، وهو ما يعرضها للإحباط والاكتئاب بشكل أكبر ويجعلها مهددة بالانتحار أكثر.
هشاشة نفسية
الأخصائي في العلاج النفسي والجنسي أبو بكر حركات بدوره يفسر ارتفاع نسبة الانتحار في صفوف النساء بكونهن "يعانين الضغط أكثر من الرجال"، مردفا أن "ضغوط المجتمع وظروف الحياة تجعل المرأة في وضعية هشاشة نفسية أكثر من الرجل".
وتعاني النساء، بحسب المتحدث، من ضغوط كثيرة بعضها مرتبط بكونهن نساء، وهي الضغوط التي قد تدفع بعضهن إلى التفكير أو الإقدام على الانتحار.
"كثير من النساء يعانين الضغط والعنف بمختلف أشكاله سواء داخل البيت أو خارجه، وقد يصل الأمر ببعض النساء إلى درجة يبدو لهن فيها أن الموت أرحم من ذلك الوضع".
تبعا لذلك يرى المتحدث أن مواجهة ذلك الوضع تتطلب أولا "رفع مستوى وعي المجتمع" و"إرساء ترسانة قانونية تحمي المرأة من العنف، ليس الذي يمارسه الرجل فقط ولكن الذي يمارسه عليها المجتمع ككل".
"فما معنى أن لجوء امرأة حملت خارج الزواج إلى الإجهاض يعرضها للحبس؟ هذا يعني أن هناك من قد يفكرن في الانتحار درءا للفضيحة!"، يقول حركات وهو يشير إلى بعض القوانين التي تحتاج، وفقه، إلى إعادة النظر فيها.
إلى جانب كل ما سلف يلفت المتحدث أيضا ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية" إلى ضرورة الانتباه إلى الأمراض النفسية التي قد تدفع بدورها الشخص إلى الانتحار سواء كان امرأة أو رجلا.
المصدر: أصوات مغاربية