في مشهد غير مسبوق، حجت أفواج هائلة من الشبان المغاربة، أمس الأربعاء، إلى دار للشباب في مدينة أولاد تايمة، نواحي إقليم تارودانت، من أجل التسجيل في لوائح العمل في ضيعات فرنسية.
وبحسب ما تناقلته العديد من المواقع المحلية، فإنه وتبعا لإعلان لوكالة إنعاش التشغيل يهم فرص عمل مؤقتة في ضيعات فرنسية، تجمهر العديد من الشباب من مدينة أولاد تايمة ونواحيها قبالة دار الشباب في المدينة لتقديم طلبات التسجيل في اللوائح الخاصة بالعمل في هذه الضيعات.
ووفقا للمصادر نفسها، فإن الإعلان المذكور يشير إلى اشتراط الوكالة الفرنسية أن يكون المرشح "متزوجا وعمره يتراوح بين 25 و45 سنة"، على أن عقد العمل المؤقت "تتراوح مدته بين شهرين وأربعة أشهر، بمعدل عمل 39 ساعة في الأسبوع، مقابل راتب يبلغ 1525 يورو".
الإعلان لقي استجابة فاقت التوقعات، حيث تُظهر صور ومقاطع فيديو متداولة تجمهر أعداد هائلة من الأشخاص أمام دار الشباب التي يتم فيها استقبال طلبات التسجيل، بينما تعلق آخرون في سور الدار وبابها.
المشهد خلف موجة من ردود الفعل بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، الذين اعتبر العديد منهم أن المشهد يكشف حالة الإحباط التي يعيشها الشباب الذي يعاني البطالة، بينما علق آخرون بالقول إن الهجرة موضوع صار يحظى بـ"شبه إجماع" في أوساط أغلب الشباب المغربي.
إسماعيل عزام، كتب معلقا على المشهد "هذه هي أولاد تايمة.. حيث ترعرعت، ليس هذا المشهد جديدا.. أتذكر ربما في عام 2007 أنه كنا نتدرب على عمل مسرحي في دار الشباب التي يتحوّم حولها كل هؤلاء، لذلك أتينا صباحا قبل أن نفاجأ بضوضاء واسعة لنكتشف أن ذلك اليوم مخصص لانتقاء بعض العمال للعمل في الخارج. كان العدد أقل بكثير مما هو موثق في هذه الصور.. في تأكيد أنه كلما تمرّ السنوات، يزداد ضيق الأفق امتدادا".
وتابع صاحب التدوينة "كلما أضع قدمي في المدينة حيث وُلدت.. لا أتذكر سوى أيام البطالة القاسية.. أيام الفراغ القاتل.. أيام الوقت الذي يمضي ببطء في مدينة لا شيء يصرف زمنك فيها غير بضعة مقاه تنقل مباريات الكرة ومقاه أخرى للانترنت شكّلت لنا حينها متنفسا للهروب من مدينة كنا نسميها سخرية "الحفرة"، لأنها وقعت بين تارودانت وأكادير، هذا المنظر ليس جديدا.. الآلاف في هذه المدينة يقضون أيامهم "باش ما عطا الله". لا تجارة رابحة، ولا فلاحة مُزهرة، ولا وظائف للشباب.. مدينة ميتة هجرها الكثير من شبابها إلى مدن قريبة بحثا عن أعمال بأجر لا يتجاوز ألفي درهم".
عموش عبد الله من جهته علق على الصور بالقول إنها "تنطق في حضرة الصمت، ازدحام من أجل فرص عمل بفرنسا في أولاد تايمة" مشيرا في السياق إلى ما قاله رئيس الحكومة سعد الدين العثماني مؤخرا عن كون "ازدياد عدد المغاربة الزائرين للمغرب خلال العطلة مؤشر على الثقة في المغرب".
أما جمال الدين ريان فكتب "63 سنة بعد الإستقلال لم تستطع النخبة السياسية أن توفر العيش الكريم للمواطن. يجب محاسبتهم ومحاكمتهم وليس جعلهم أعضاء في اللجان ومجالس الحكامة والحكومة والمؤسسات العمومية" وتابع متسائلا "أين كرامة المواطن وهو يتسلق الباب لعله يفوز بعقدة مؤقتة لجني الحوامض بفرنسا؟ أين ذهبت أموال برامج التنمية؟ المخططات الخماسية؟ تقرير مزيان بلفقيه؟ الانتقال الديمقراطي؟ البرنامج الاستعجالي؟ التعريب والفرنسة؟ الدساتير؟" قبل أن يردف قائلا "إذا فتحت الحدود أظن أن المغرب سيبقى أرضا ومدنا وقرى وواحات مهجورة".
العديد من المتفاعلين الآخرين ذهبوا مع الفكرة الأخيرة بشأن رغبة الأغلبية في الهجرة، حيث كتب سعيد مرزوقي "كلشي بغا يخوي لبلاد الصور من أولاد تايمة لحشود غفيرة حجت للتسجيل قصد العمل بفرنسا في ضيعات جني الحوامض" مشيرا إلى أن "العملية أوقفت مؤقتا نظرا لغياب التنظيم وحالة الفوضي التي عمت محيط دار الشباب نتيجة توافد الآلاف من الشباب".
وبدوره كتب ناصر موحى "يبدو أن الهجرة من المغرب هو الموضوع الوحيد الذي يحقق شبه إجماع لدى الغالبية من الشعب".
المصدر: أصوات مغاربية