كشفت مذكرة للمندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة مغربية رسمية)، صادرة أول أمس الأربعاء، حول الحسابات الجهوية لسنة 2017، عن تفاوتات كبيرة بين جهات المملكة من حيث خلق الثروات.
فبحسب معطيات تضمنتها المذكرة، تساهم ثلاث جهات فقط في خلق 58.6% من الثروة الوطنية، بينما الباقي تساهم فيه تسع جهات مجتمعة.
وفي الوقت الذي قد تبدو المعطيات السالفة وكأنها تعزز المقولة الشهيرة عن وجود "مغرب نافع" و"مغرب غير نافع"، فإن عددا من المحللين يرفضون تلك الفكرة ويؤكدون في المقابل وجود مغرب يتمتع بالامتيازات والشروط والظروف المواتية لإنتاج الثروة وآخر لا يتمتع بكل ذلك.
توفير فرص إنتاج الثروة
"الأمر لا يتعلق بوجود تفاوتات من حيث خلق الثروة إنما بتفاوتات في توزيع فرص إنتاج تلك الثروة"، يقول الخبير الاقتصادي عمر الكتاني.
فوفقا لتفسير الكتاني، من الطبيعي أن تكون المناطق التي ترتكز فيها مختلف الخدمات من قبيل الصحة والتعليم منتجة، كما أنه من الطبيعي، أن يضعف الإنتاج في المناطق التي تفتقد لتلك الخدمات.
تبعا لذلك يرفض المتحدث بشدة مقولة وجود "مغرب نافع" و"مغرب غير نافع" ويؤكد في المقابل، ضمن تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن هناك "مغرب يحظى بالامتيازات ومغرب لا يحظى بالامتيازات".
لتجاوز تلك التفاوتات وخلق توازن بين الجهات، يؤكد الخبير المغربي أن هذا الأمر "يتطلب قرارا سياسيا يقوم على سحب بعض الامتيازات من فئات لصالح أخرى، وتوفير الفرص والإمكانيات التي تسمح بالإنتاج، خصوصا ما يتعلق بالخدمات الاجتماعية، في المناطق التي تفتقد إليها".
ذلك يعني، حسب الكتاني أن "ينطلق النموذج التنموي الجديد من قراءة فضاء المغرب والفروق التي تجعل أن هناك مغربا يحظى بالامتيازات وآخر لا" وذلك للعمل على وضع حد لتلك الفروق و"توزيع فرص إنتاج الثروة بطريقة متكافئة".
إدخال ميكانيزمات متحيزة
الخبير الاقتصادي عبد الخالق تهامي، من جانبه، يوضح أن الإنتاج مرتبط بثلاثة معطيات أساسية، هي المعطى الطبيعي والمعطى البشري، والمعطى المتعلق بالبنية التحتية.
بالتالي، فإن وجود اختلاف وتفاوت على مستوى تلك المعطيات بين الجهات، سيؤثر في إنتاجها.
وبحسب ما يوضحه تهامي في تصريحه لـ"أصوات مغاربية" فإن "الاستمرار في النهج الذي نسير عليه لا يمكن أن يؤدي سوى إلى ارتفاع التفاوت في السنوات القادمة"، وذلك "لأن هناك مناطق يتم تفقيرها نظرا لهجرة اليد العاملة منها نحو المناطق الديناميكية".
لمواجهة هذا الوضع يرى المتحدث أنه "يجب إدخال ميكانزيمات متحيزة للمناطق الفقيرة والمهمشة"، وذلك عبر "الأخذ من الجهات التي تستفيد من الاستثمارات والبنية التحتية لتجهيز المناطق الأخرى التي تفتقد إلى ذلك للحفاظ على اليد العاملة فيها"، مع العمل على ما هو متوفر من إمكانيات في كل منطقة.
وبدوره يرى تهامي ضرورة أن تركز اللجنة التي ستعمل على النموذج التنموي الجديد على هذه الأمور، منبها في الوقت نفسه إلى أن الحد من التفاوتات "يحتاج الكثير من العمل الذي يتطلب تحصيل نتائجه عشرين سنة وليس سنة أو سنتين".
- المصدر: أصوات مغاربية