تشهد الجزائر حملة اعتقالات واسعة طالت لحد الساعة عددا كبيرا من النشطاء السياسيين، كان آخرهم سمير بن العربي الذي أودع اليوم الحبس المؤقت بتهمة "توزيع مناشر تحريضية وتهديد الوحدة الترابية".
وتأتي هذه العمليات أياما قليلة فقط قبل الانتخابات الرئاسية التي من المقرر أن تجري يوم 12 ديسمبر المقبل.
وقالت وسائل إعلامية إن السلطات قامت اليوم الثلاثاء أيضا باعتقال عدد آخر من النشطاء في مسيرات الطلبة التي شهدتها عدة مدن جزائرية.
ويوجه القضاء الجزائري لبعض الموقوفين تهما تتعلق بالإساءة للمؤسسة العسكرية والتأثير على معنويات أفرادها، كما هو الحال بالنسبة للقائد الثوري لخضر بورقعة، والناشط السياسي كريم طابو، المتواجدين في الحبس المؤقت.
دعوات للتهدئة
طالب الناشط السياسي والحقوقي مقران آيت العربي من السلطات إطلاق سراح السجناء السياسيين.
وكتب آيت العربي في تدوينة نشرها اليوم عبر حسابه بفيسبوك: " لا يمكن أن نتصور بداية الانفراج قبل الإفراج عن جميع سجناء الرأي استجابة لمطالب الحراك".
وأضاف: "كمحامي المعتقلين، وكمناضل حقوق الإنسان، أطالب السلطات المختصة بإيقاف حملة الاعتقالات بسبب الرأي وبالإفراج عن جميع سجناء الرأي. فالأزمات تعالج بالحكمة وليس بالسجون".
وفي وقت سابق، اقترحت مجموعة من الأحزاب السياسية على السلطة فكرة اللجوء إلى اتخاذ إجراءات التهدئة من أجل الخروج من الأزمة الحالية، ودعت بدورها إلى العفو عن كل المعتقلين السياسيين.
إجراءات وخلفيات
يرى الناشط السياسي، حمزة بن يوسف، أن ما يجري في الساحة السياسية الآن "هو مخطط من السلطة يهدف إلى تحييد العديد من النشطاء والفاعلين من الساحة حتى تجري الانتخابات في وقتها".
ويضيف بن يوسف، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "السلطة التي وجدت نفسها عاجزة في التحكم في الحراك الشعبي لم تجد سبيلا آخر سوى باللجوء إلى من تعتقد انهم محركيه الأساسيين والمؤثرين فيه".
وأشار المتحدث إلى أن "السلطات اعتقلت لحد الساعة عددا ضخما غير معلوم بشكل رسمي في سابقة لم تعرفها البلاد حتى في عهد الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة".
وتنبأ بن يوسف بأن تطال حملة الاعتقالات وجوها أخرى من النشطاء خلال الأيام المقبلة، بهدف "إفراغ الساحة من جميع الآراء التي تخالف موقف السلطة وتوجهاتها بخصوص حل الأزمة التي تعرفها البلاد".
حدود حرية التعبير
أما الناشط السياسي والأستاذ الجامعي عبد القادر بريش فيقول، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "الوضع بالجزائر بلغ درجة من الحساسية لا يمكن السكوت عنها".
وأشار بريش إلى أن حرية التعبير من الحقوق الأساسية المكفولة في الدستور والقوانين الجزائرية، مؤكدا أنه "من الخطأ اعتقال المواطنين بسبب ما أبدوه من مواقف أو ما أدلوا به من تصريحات".
يجب التأسيس من الان فصاعدا الى نهج جديد في ادارة الدولة قائم علىالمحاسبة والمساءلة للجميع ومن يتعدى حدود القانون والنظام العام ينال الجزاء المناسب بكل حزم مهما كانت صفته .الحرية والديمقراطية نعم ولكن الانضباط واحترام القانون ورموز الدولة وقيم المجتمع واجب مقدس.
— الدكتور عبد القادر بريش (@BericheA) June 30, 2019
من جهة أخرى، دعا بريش إلى التفريق بين حرية التعبير والإساءة إلى مؤسسات الدولة ورموزها، وقال في هذا الصدد: "الأشخاص الذين تطاولوا على المؤسسات وطعنوا في شرف مسؤولين في مؤسسات الدولة هم بين أيدي العدالة التي يخولها القانون تكييف التهم الموجهة إليهم ومحاسبتهم".
وأكد المتحدث أن "وضعية البلاد تتطلب حكمة كبيرة في التعامل مع هذه الملفات بغية تهيئة الظروف النفسية والاجتماعية التي تسمح للمواطنين بالانخراط بقوة في العملية الانتخابية".
ملفات أمنية
مقابل هذا الطرح، يشير رئيس حزب فضل، الطيب ينون، إلى "وجود معطيات أمنية خطيرة تغيب عن الرأي العام هي التي تكون السبب وراء حملة الاعتقالات المذكورة".
وقال المتحدث في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "لحد الساعة لم تطل حملة الاعتقالات سوى مجموعة من الأشخاص دون غيرهم، في حين أن آلافا من المواطنين يخرجون أسبوعيا ويرفعون شعارات قوية ضد النظام، تصل حد السب والقذف، لكن لم يتم اعتقالهم".
هذا الأمر، يؤشر حسب رئيس حزب فضل، على "وجود تهم أخرى ثقيلة يتابع لأجلها هؤلاء النشطاء والتي ستتضح أمام الرأي العام في الأيام القادمة".
واستبعد ينون أن تكون عملية التحضير للانتخابات الرئاسية في الجزائر دافعا وراء حملة الاعتقالات، مؤكدا أن "الأمر لا يخدم مصالح السلطة في الظرف الحالي كونها تسعى لإقحام أكبر عدد من الجزائريين في العملية الانتخابية".
المصدر: أصوات مغاربية