مرة أخرى تتكرر المأساة على مستوى معبر "طاراخال" الحدودي المعروف بـ"باب سبتة" في المغرب، إذ توفيت، أول أمس الأربعاء، واحدة من "الحمالات" (ممتهنات التهريب المعيشي) لتعيد إلى الواجهة قضية هؤلاء النسوة اللائي يعانين الذل والمهانة في رحلة لا تخلو من خطر الموت.
ظروف حاطة من الكرامة الإنسانية
"السيدة المتوفية من مواليد سنة 1971، تنحدر من نواحي تطوان، متزوجة وأم لخمسة أطفال أصغرهم فتاة تبلغ سبع سنوات" يقول رئيس "مرصد الشمال لحقوق الإنسان"، محمد بنعيسى، الذي يشير إلى أن المتوفية كانت تشتغل في التهريب المعيشي رفقة زوجها منذ سنوات.
حالة هذه السيدة ليست الأولى من نوعها، فقد شهدت هذه المنطقة مآسي عديدة لنساء عانين ظروفا لا إنسانية، وفقدن أرواحهن من أجل لقمة عيش مرة.
"هؤلاء النساء يقضين ما بين 16 و20 ساعة وهن ينتظرن في صفوف طويلة للمرور من المعبر"، يوضح بنعيسى ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، مشيرا إلى أنهن يبتن في العراء ويقضين حاجتهن في الخلاء، ما يعرضهن لمختلف المخاطر، دون الحديث عن عشرات الكيلوغرامات من البضائع التي ينقلنها.
في تقرير صادر، أواخر السنة الماضية عن جمعية "السيدة الحرة"، والذي تضمن معطيات صادمة عن وضعية "حمالات" معبر سبتة، جاء أن "نساء المعبر تحولن إلى عبيد بل إلى بغال لحمل أثقال".
الكاتبة العامة لجمعية "السيدة الحرة" (فرع شفشاون)، والناشطة الحقوقية، حميدة جامع، تؤكد في هذا الصدد على أن النساء الحمالات على مستوى "معبر سبتة"، يعانين "ظروفا لا إنسانية وبعيدة كل البعد عن الضمانات التي جاء بها دستور 2011 والضمانات التي تقرها المواثيق الدولية".
وتتابع المتحدثة مبرزة ضمن تصريحها لـ"أصوات مغاربية" أن "هؤلاء النسوة يبتن في الخلاء، حيث لا يتوفرن على مرافق صحية، لدرجة أن بعضهن يستعملن الحفاظات ويقضين حاجتهن فيها حتى يبقين في الطابور في انتظار دورهن".
"هذه ظروف حاطة من الكرامة الإنسانية" تقول جامع، والتي تشدد على أن مسؤولية هذا الوضع تتحملها السلطات المغربية وكذا السلطات الإسبانية على حد سواء.
الحل.. إقفال المعبر أم فتح آخر؟
لوضع حد لهذا الوضع، ترى الناشطة الحقوقية، أن "الحل تنموي بالدرجة الأولى"، مشيرة إلى ضرورة "توفير فرص الشغل" والعمل على "محاربة تأنيث الفقر".
في الوقت نفسه، تحمل المتحدثة السلطات الإسبانية مسؤولية تنظيم المرور عبر المعبر المذكور، وتلفت في السياق إلى ضرورة فتح معبر آخر لتفادي الازدحام والتدافع الذي سبق أن أدى إلى وفاة عدد من "الحمالات".
من جانبه، يقول بنعيسى إن نهاية مآسي "معبر سبتة" لن تكون سوى بإغلاقه، ويؤكد في هذا الخصوص "طالبنا مرارا بإغلاق هذا المعبر ووقف التهريب الذي لم يعد معيشيا بل أصبح تهريبا منظما تسيطر عليه لوبيات في المنطقة تستغل الظروف الاقتصادية والاجتماعية المزرية للحمالات".
بعد أحداث تدافع مُميتة.. عربات تخفّف معاناة "حمالات سبتة" pic.twitter.com/ojqdQ2W343
— أصوات مغاربية (@maghrebvoices) 21 avril 2018
وبموازاة ذلك، يطالب المتحدث بـ"ضرورة العمل على إيجاد حلول بديلة، خصوصا أن المنطقة تتوفر على خاصيتين يمكن استثمارهما في هذا الإطار".
أولى الخاصيتين، وفق ما يوضحه رئيس مرصد الشمال هي السياحة التي "يجب العمل على تطويرها لتكون المنطقة وجهة للسياح طوال السنة وليس فقط خلال الصيف خصوصا في ظل توفر مؤهلات طبيعية وبنية تحتية".
أما ثاني الخاصيتين، فهي ميناء طنجة المتوسط "القطب الاقتصادي الذي لم يمكن من توفير حلول بديلة" إذ يشير بنعيسى بهذا الخصوص إلى أنه "كان هناك مقترح بإنشاء منطقة حرة في الفنيدق للحد من التهريب وهو ما لم يتحقق حتى الآن".
- المصدر: أصوات مغاربية