يستعد التونسيون للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي تجري في السادس من أكتوبر المقبل، وسط جدل حول إمكانية تحقق الوعود الكبيرة التي قدمها المرشحون وشملت جوانب اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وغيرها.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه قوى سياسية قدرتها على الإيفاء بتعهداتها للشعب التونسي، فإن شقا آخر يرى أن تلك الوعود "زائفة وغير قابلة للتحقق في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد".
تعهدات كبرى
تتنافس أكثر من 1500 قائمة حزبية وائتلافية ومستقلة للفوز بمقاعد في البرلمان المقبل، الذي يتشكل من 217 نائبا يمثلون كل الدوائر الانتخابية بالداخل والخارج.
وتنوعت وعود القوائم الانتخابية حسب توزعها الجغرافي ومرجعياتها السياسية وأولويات المرشحين.
وتصدّرت ملفات تشغيل العاطلين عن العمل وتحسين الوضع الاقتصادي والمجال الصحّي والتعليم، البرامج الانتخابية.
ففي المجال الصحّي على سبيل المثال، وعدت حركة النهضة التي تشارك في مختلف الدوائر الانتخابية (33 دائرة)، بتخصيص أكثر من 800 مليون دينار (278 مليون دولار)، لإنشاء مستشفيات جديدة وتأهيل مؤسسات صحية قائمة وتطويرها.
وفي قطاع النقل، قالت الحركة إنها ستعمل على إنجاز مشروع مطار آخر بالعاصمة ومد طرق سريعة وتطوير شبكة السكك الحديدية وتوسعة الموانئ، بتقديرات مالية ضخمة.
بدوره، قدم حزب قلب توس الذي يتزعمه المرشح الرئاسي الموقوف، نبيل القروي، جملة من الوعود من بينها إيصال مياه الشرب إلى 300 ألف مواطن، إلى جانب بناء 50 ألف وحدة سكنية للعائلات الفقيرة.
وفي الجانب الصحّي تعهد الحزب بإنشاء 13 مركزا صحيا متنقلا لتقديم خدمات التلقيح، وعلاج الأمراض المزمنة والسرطان والتنظيم العائلي موزعة على 13 جهة ذات أولوية، إلى جانب تعهدات أخرى على مستوى الاقتصاد والتعليم وغيرها من القطاعات الحيوية.
حزب تيّار المحبة المعارض، بدوره قدّم برنامجا انتخابيا تضمن عدة تعهدات من بينها إسناد منح مالية لنصف مليون عاطل عن العمل، مقابل قيامهم بأنشطة في جهاتهم، إلى غاية توظيفهم بشكل رسمي في القطاعين العام أو الخاص.
الخرايفي: وعود زائفة
وتعليقا على البرامج التي قدمتها معظم القوى السياسية التي تتقدم إلى هذا الاستحقاق الانتخابي، قال النائب السابق بالمجلس التأسيسي، رابح الخرايفي إن "الوعود الكبرى التي قدمتها الأحزاب تنم عن عدم معرفة بوظيفة النائب التي تنحصر في المجال الرقابي واقتراح القوانين وحضور الجلسات العامة والمشاركة في أعمال اللجان".
وأضاف "ما خرج عن هذه المهام يصب في خانة الوعود الزائفة غير القابلة للتحقيق، خاصة تلك التي تصدر عن الأحزاب الصغيرة والقوائم المستقلة التي لن يكون بوسعها المشاركة في تشكيل ائتلاف حكومي".
ويوضح الخرايفي"القانون الانتخابي التونسي لا يسمح لحزب سياسي بمفرده الحصول على أغلبية برلمانية، وبالتالي تشكيل حكومة تُنفّذ ما وعدت به الناخبين أثناء الحملة الانتخابية".
كما لاحظ أن "معظم الوعود التي تم إطلاقها ستصطدم بوضع المالية العمومية المتأزم، إذ يتعين على تونس بداية من الأشهر المقبلة البدء في خلاص ديونها لدى المانحين، ما سيحول دون إنجاز مشاريع تنموية حقيقية".
القوماني: نوعان من الوعود
من جهته، قال عضو المكتب السياسي، لحركة النهضة، محمد القومامي إن "الوعود الانتخابية تنقسم إلى جزئين الأول غير قابل للتحقيق، ويأتي في إطار خطاب شعبوي يستجيب لمزاج شعبي سوداوي إزاء الوضع الاقتصادي القائم".
ويتمثل الجزء الثاني من هذه البرامج ، حسب القوماني في "وعود حقيقية يمكن إنجازها بالنظر إلى الدور التشريعي للنائب الذي يمنحه إمكانية اقتراح مشاريع قوانين، إلى جانب عضوية النائب في مجلس الولاية بما يسمح له بمراقبة المشاريع المعطلة والحث على الإسراع في إنجازها، فضلا عن مشاركة النواب في مناقشة الميزانيات والاطلاع على جوانبها التنموية".
ولاحظ القوماني "وجود مفارقة كبرى بين تونس السوداوية في نظر الناخبين و"الجنة" الموعودة التي يبشر بها المرشحون إلى البرلمان".
- المصدر: أصوات مغاربية